متجاوزة حصار التقاليد الدراما الكويتيَّة.. صراع النشأة صوب فضائيات الاحتراف

الصفحة الاخيرة 2022/06/26
...

مع بدء البث التلفزيوني الرسمي الكويتي في 15 تشرين الثاني/ نوفمبر 1961، حيث أصبح ثاني تلفزيون في الخليج بعد تلفزيون العراق، كانت دولة الكويت سبَّاقة في انشاء معاهد التمثيل والسينما.
غفران حداد
بداية الدراما
 كان مسلسل (يوميات بو عليوي،1964) يعتبر أول مسلسل درامي كويتي، وكان مسلسلا إذاعيا في بداية الستينات، ولكن قام التلفزيون الكويتي بتصويره وبثه، العمل  من إخراج حمدي فريد وبطولة عبد الحسين عبد الرضا وعبد العزيز النمش ومريم الصالح.
 في عقد السبعينات من القرن المنصرم كان الإنتاج الدرامي غزيراً، مقارنة بعقد الستينات، حيث تم إنتاج مسلسل (أجلح وأملح) وكانت الاحداث كوميدية حول الأخوين "أجلح" و" أملح" اللذين يبحثان عن عمل كمصدر رزق لهما، لكن بدون جدوى وسط تحديات ومواقف كوميدية تصادفهما في الحياة.
 
العمل الأكثر نجاحا
تلتها عدة مسلسلات مثل (الطابق الثالث، الملقوف، الإبريق المكسور، حبابة، مذكرات جحا، والثلاثية التلفزيونية فهد العسكر والرحلة والرحيل)، وبدأت الدراما الكويتية بالنمو التدريجي  مع بداية عام1980 حين عرض الجزء الاول من مسلسل "إلى أمي وأبي مع التحية "ليتم تصوير الجزء الثاني في نهايات عام1981 وعرض في بداية1982،بطولة حياة الفهد، خالد النفيسي، كان العمل الاكثر نجاحا في الدراما الكويتية في ذلك الوقت يناقش قضايا عائلية ومشكلات الأسرة اليومية، من مشكلات الأزواج وتربية الأبناء، وقد حمل نهاية عقد الثمانينات الازدهار الفني من حيث الكم والنوع، وبثت الكثير من الأعمال لعل ابرزها (العتاوية، بدر الزمان، دنيا الدنانير، ناس من زجاج، عاد ولكن).
 
افتقار مقومات الاحتراف
في بداية عقد التسعينات وبعد حرب الخليج كان هنالك بطء في إنتاج الأعمال الدرامية، وما كان يقدم سلسلة اعمال تنتمي للطابع التراثي والحقب الزمنية التاريخية، كانت البيئة الفنية ومناخ الدراما الكويتية تفتقر لأدنى مقومات الاحتراف المهني، من عدم وجود بنية تحتية كمدينة إنتاج إعلامي وما يتبع ذلك من مختصين في بناء الديكورات ومصممي الأزياء والمكياج ومدراء إنتاج متخصصين ومصممي جرافيك وموسيقيين، الى جانب قلة عدد الممثلين من العنصر النسوي، مقارنة ببقية الدول العربية، ربما العادات والتقاليد الإجتماعية، تعتبر وجود المرأة في مجال التمثيل عيباً، لذا أصبحنا نشاهد أعمالا تعتمد على نجمة أو نجم من الرواد تسند او يسند اليه بطولة العمل وباقي الممثلين من الأدوار الثانوية، ورغم ذلك قدمت بعض الأعمال لاقت نجاحا لدى الجمهور الكويتي والخليجي مثل مسلسل (الانحراف،1992) اخراج علي الحمادي,(بو مرزوق،1992)، اخراج علي حسين البلوشي،(حكايات من التراث الشعبي، 1995) للمخرج كاظم 
القلاف.
 
الأفكار والأعمال الجريئة
في نهاية عقد التسعينات شاهدنا أعمالا تحمل النضج الفني مثل (بيت الولد،1998) اخراج عبد الرحمن حمود الشايجي و(لمن تشرق الشمس) للمخرج محمد السيد عيسى.
لكن في ظل المتغيرات على صعيد كثرة الفضائيات والإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي، لاحظ المتلقي العربي من المواضيع والأفكار الجريئة في بعض الاعمال الدرامية الكويتية، وبعض منتجي هذه الأعمال أخرجوا الدراما المحبوسة بين جدران المنازل البسيطة والستوديوهات الى مظاهر تشد الجماهير من التصوير في قصور فخمة وأثاث أنيق وسيارات فارهة، وغيرها من مظاهر الثراء واختيار مواضيع اجتماعية قريبة من واقع المجتمع الكويتي والعربي، مثل مسلسل (القدر المحتوم ) تأليف وهج واخراج عبد العزيز المنصور العرفج، بطولة سعاد عبد الله، تدور أحداثه حول أسرة يجمعها الحب والتفاهم، ولكن يفرقهم المال ايضا مسلسل (جرح الزمن ,2001) بطولة حياة الفهد، تأليف فجر السعيد، وقدم لنا المخرج عامر الحمود قالبا من الدراما الاجتماعية عن حياة يتيم أصم وابكم، يواجه الظلم الكبير من أقاربه، الذين يستولون على أمواله وحقوقه، وأصبحت هنالك نقلة نوعية في بعض مواضيع الدراما مثل مسلسل (من شارع الهرم الى ..،2002) العمل لاقى نجاحا جماهيريا لحبكته الدرامية المميزة وحوار جذاب وراقٍ، على الرغم ان البعض اعتبره مشوها لعادات وتقاليد المجتمع الكويتي المحافظ.
 
تجاوز الخريطة المحليَّة
الدراما الكويتية في عصر الفضائيات تجاوزت المحلية وحدود مشاهدتها من الجمهور الخليجي بعدة اعمال، ويتجلى ذلك واضحا من خلال مسلسل (جُمان،2019) كتابة وسيناريو وحوار علياء الكاظمي، وهو مأخوذ عن رواية الكاتبة تحمل ذات الاسم، كان عملا دراميا ورومانسيا، حيث "جُمان" (نور الغندور)، تقع قصة حب بينها وبين ابن خالها هشام (مهند الحمدي)، وطرح العمل الكثير من القضايا الإجتماعية والعلاقات الأسرية من خلاف وقطيعة الأب مع ابنه، وخيانة الزوج، وسوء المعاملة والهجران بين الأزواج، بث العمل لأول مرة في الأول من أيلول لعام2019 , ولكن ما زال يتابع من قبل الجمهور العربي عبر منصة اليوتيوب ويحصد نسبة مشاهدات عالية.
 
هوليوود الخليج
 بعد مرور أكثر من ستين عاما من عمر استقلال البلاد، والدراما الكويتية في تطور واضح، وأصبحت الكويت هوليوود الخليج، وتصبح الدراما فيها بشكل تنافسي، بقوة نصوصها وتنوع القصص المعروضة وأداء ممثليها ومشاركة الكثير من النجوم العرب في أعمالها.
ورغم التأثير السلبي لـ (كوفيد- 19) في القطاع الفني بشكل عام، ولكن استطاع صناع الدراما الكويتي من تقديم عشرات الأعمال، خلال موسمي رمضان (2021- 2022) منها (مارغريت، أمينة حاف، الناجية الوحيدة، سنوات الجريش كيد الحريم، نوح العين) وغيرها. الدراما الكويتية في عصر الفضائيات تفرض حضورها بقوة على الشاشات الخليجية والعربية، ونلاحظ حصتها في السوق تقارب نظيراتها من الدراما العربية.