بغداد: حيدر الجابر
هزت استقالة نواب التيار الصدري من عضوية مجلس النواب بتوجيه من زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر الأوساط السياسية، فهذا الأمر لم يألفه أحد في أروقة السياسة العراقية إذ لم يحدث أن انسحب الفائز الأول في البرلمان، وصاحب الأكثرية في عدد المقاعد من سباق تشكيل الحكومة، لكن للعراق مشهداً سياسياً لا يكفّ عن خلق الصدمة، فمن الأزمة تأتي أزمات واستعصاءات أخرى اعتاد عليها العراقيون حتى صار الالتزام بالمواقيت الدستورية من دون ضغوط داخلية أو خارجية محض أحلام.
خرج الـ 74 نائباً من البرلمان بصمت وبسرعة، وحل بدلاؤهم الـ 63 – بعد انسحاب حركة حقوق- من دون أن يتضح جديد في المشهد، إذ تشير آراء عدة إلى أن التوجس من احتمالات تشكيل الحكومة من دون الصدريين ستكون له مخاطر أكبر من مخاطر حكومة يكتسحها أتباع الصدر.
وأستفاد خصوم التيار الصدري من استقالة الصدريين، وبدرجة أقل حلفاؤه والمستقلون، إلا أن ذلك لا يعني بأي حال من الأحوال أن هناك أملاً في نهاية المشهد المعقد، بل ربما قد تكون الاستقالات زادته تعقيداً في ظل تضاؤل الحلول وغياب الضمانات عن المستقبل.
الباحث في الشأن السياسي والأكاديمي بشار الساعدي يرى أن "الضغط لن يوجه إلى نواب محددين، وإنما سيسلط باتجاه الكتل السياسية"، مبيناً أن "كل نائب إذا كان أصيلاً أو بديلاً سيتعرض لضغط من الشارع، وأيضاً هي ضغوط موجهة إلى الحكومة الجديدة التي يجب أن تحقق نجاحاً ملموساً".
ويكمل الساعدي حديثه إلى "الصباح"، بالقول إن "الضغط سيكون باتجاهين، يحاول الأول تسقيط الحكومة، وعلى الأغلب هو الجناح الذي لم يشارك فيها، والثاني من الشارع الذي يطالب بالوظائف وتقديم الخدمات وحفظ الأمن ودعم الاقتصاد"، مضيفاً أنه "توجد تراكمات عديدة، وسيحاول البعض تحويل نجاح الحكومة إلى فشل للتأثير في الرأي العام، بينما سيسعى الآخر إلى إقناع الناس بأن المتطلبات كبيرة وأن الحكومة لن تقوم بالمعجزات".
وبين الساعدي أن "أمام الحكومة المقبلة مطلبين، الأول هو إعادة المزاج باتجاه الديمقراطية للتشجيع على المشاركة بالانتخابات المقبلة، والثاني هو ضرورة النجاح وعدم تقديم حكومة تجريبية"، مشيراً إلى أنه "يجب البحث عن المجرب الناجح لضمان النجاح، والابتعاد عن غير المجرب، مع توفر منهاج حكومي ناجح بتطبيقات واقعية".
من جهته، لا يعتقد الباحث في الشأن السياسي والأكاديمي قاسم الظالمي بوجود ضغوط ضد النواب، مؤكداً وجود تحديات أمام الحكومة الجديدة.
وقال الظالمي لـ"الصباح": إن "الجميع مطالب بتشكيل الحكومة وتمرير الموازنة والاستحقاقات الدستورية"، منبهاً إلى "وجود ملفات ملحة وتحديات كبيرة أمام الحكومة المقبلة، ومنها الخدمات واحترام الدستور والعلاقات الدولية والسيادة".
وتابع الباحث في الشأن السياسي أن "النائب البديل كالأصيل، كلّ له جمهوره وناخبوه"، معتبراً أن التحدي أمام النواب الجدد "هو تقديم خدمة لجمهورهم ودائرتهم والعراق عموماً، وأن لا تمرر القوانين بالمزاج الشخصي، لأنه من الضروري أن يكون العمل وفق المنفعة العامة".
تحرير: علي عبد الخالق