وسام شوكت: ابتكرت خطاً اكتسب اسمي
الصفحة الاخيرة
2022/06/27
+A
-A
حاوره: حسن جوان
انطلق الخطاط البصري وسام شوكت من إصراره على عبور نقطة الجمود في محاكاة النموذج المثالي للخط العربي على مستويي الشكل الخارجي ومعالجة الفراغات الداخلية للحرف. كان يتساءل بعد سنوات من الدرس واللهاث في اتقان الحرف للحاق بالنموذج، الذي توقف عند كمال نسبي على ايدي كبار الخطاطين العرب والعثمانيين نهاية القرن الثامن عشر ومطلع القرن العشرين. عدم خضوعه لفكرة الاستاذ والشيخ المهيمن على حريته في تدريس الحرف، منحه حرية تجاوز الموروث باتجاه إطلاق تصاميم جديدة للتشكيل الخطي العربي، إضافة إلى إطلاعه على مجمل الفنون البصرية المرتبطة بالتصميم والفن التشكيلي العالمي.
ما جعله جديرا بابتكار خط جديد منحه اسمه، استدعى تلقيه عروضاً في التعاون مع كبريات شركات التصميم العالمية غير العربية، مثل شركة ساعات رولكس لتصميم ساعة رولكس عربية، ودار “فان كليف اند اربلز” العالمية للمجوهرات، وهي أحد أفخر الدور المتخصصة بصناعة الحلي والمتواجدة فروعها في منطقة الخليج العربي. إضافة إلى بعض شركات العطور الفرنسية وغيرها من المؤسسات، التي قام بتصميم شعاراتها أو أقام ورشاتٍ فنيةً ومحاضراتٍ فيها حول فلسفته في إعادة تشكيل الحرف العربي واللاتيني لتكييفه مع متطلبات التسويق والإعلان المعاصر. ولد وسام شوكت في البصرة عام 1974، وهو فنان ومصمم حاز على العديد من الجوائز، وتركّز أعماله على فن الخط العربي والطباعة، قد استوحى أعماله من الخط الكلاسيكي، من دون المساومة على حرفيّته. يعمل وسام منذ العام 2003 على تخطيط جديد سُمّي تيمناً باسم أسلوبه في اعادة معالجة فضاء الحرف في الخطّ العربي. وفي السنوات الأخيرة، بدأ العمل على «أشكال الخط»، وهي حركة فنية تجمع ما بين الصفات الغرافيكية الموجودة في أشكال الأحرف الكلاسيكية والتجريد الغربي والفن التكعيبي نظّم وسام العديد من المعارض المنفردة وشارك في العديد من المعارض الجماعية. شارك وسام في العديد من المعارض والفعاليات في العراق ما بين عامي 1996 و 2002 وفاز بالعديد من الجوائز، ومنها تكريم جمعية الخطاطين العراقيين عام 2002 ، كما شارك في معرض نسمات من بغداد الذي اقيم في ايطاليا 2000) ومعارض المرئي والمسموع في الشارقة ومعرض دبي الدولي في دورتيه الأولى والثانية 2004 ـ 2005 وفي مجال المسابقات فاز بالجوائز التالية: جائزة مهرجان بغداد الدولي لفن الخط العربي 1998 وجائزة المسابقة الدولية الخامسة 2002 والجائزة الثالثة في المسابقة الدولية السادسة 2004 والجائزة الأولى في معرض المرئي والمسموع في الشارقة 2003 والجائزة الثالثة في مسابقة بنك البركة للخط في استانبول 2005. تتوفّر تصاميم الخطوط والطباعة الخاصة بوسام في العديد من كتب ومجلات الفن والتصميم. وقد إنضمّ وسام إلى تشكيل عام 2009 بصفته العضو رقم 52. وقام بتنظيم العديد من ورش الأعمال حول الخطّ العربي 2009 - 2018.
كما عرض أعماله مع تشكيل في معرض «حروف النور» (2011 ومعرضه المنفرد ”مونومنتال”. تواصلنا معه في مقر اقامته دبي – الامارات فكان هذا الحوار الخاص ب “الصباح”:
*هل لنا باضاءة حول تعاونك مع دار “فان كليف اند اربلز” العالمية للمجوهرات، وهل شكل هذا التعاون نقطة تحول في مسيرتك كخطاط ومصمم عربي تستعين به دور من الطراز الأول؟
- لم يكن ذلك اول تعاون لي مع دار مجوهرات او ساعات عالمية، او شركات عطور على مستوى تصميم الشعارات وغيرها، اما ما يخص “فان كليف اند اربلز”، فقد وقع اختياري من قبلهم، نظرا لاهتمامهم بالخط العربي، حيث قاموا سابقا بنشاط مشابه مع خطاطة اماراتية، ثم قرروا التعاون أكثر مع فنان محترف، وقد تواصلوا معي وشرعنا بتداول المشروع، الذي كان عبارة عن مجموعة مجوهرات تسمى “بيرليه كولكشن” والتي هي مبنية على شكل الخرز وحبات اللؤلؤ، وهذا ما انعكس في العمل الفني الذي قدمته في هذا المشروع، وكنت قد قدمت فكرة التعاون معهم عبر بتقديم ثلاث لوحات، كانت إحداها تمثل الماستر آرت وورك، والثانية اسميناها رمضان آرت وورك، والثالثة لعرضها في عيد الاضحى من ذلك العام. تركزت فكرة هذه الدار العالمية للمجوهرات على تسليط الضوء على فن يختص بطبيعة المنطقة العربية، واختيارهم للخط العربي كتعبيرٍ مرنٍ عن هوية هذه المنطقة فنيا. ونجد شعاراً “يجمعنا التناغم ليضيء حياتنا” كتشكيلٍ خطي في عملي الماستر ارت وورك وهو ما يلاحظ فيه هيمنة الشكل الدائري – فكرة اللؤلؤ- إضافة إلى الانسجام والهارموني في تصميم الكلمات والتكوين نفسه.
* عانى الخط العربي ما يمكن اعتباره جموداً في البنية، بمعنى أن الخطاطين على مر الأجيال كانوا يفنون أعمارهم في سبيل محاولاتهم بلوغ النموذج المثالي، كيف فكرت في محاولة إطلاق هذا الخط نحو التطوير وكسر النموذج، إضافة إلى تحريكه باتجاه مفاهيمي وهي مهمة ليست بالسهلة؟
- لقد ابتدأت ومارست الخط العربي التقليدي، لكنني كنت دائما ضد فكرة اللهاث خلف النموذج والتوقف عند ذلك الشكل الجامد، وكما نعرف أن الخط توقف في حدود نهاية القرن الثامن عشر على أيدي الخطاطين العثمانيين، ولم يطرأ عليه أي تطور ملحوظ بعد ذلك. بالنسبة لي فأن حبي للفن والتصميم بشكلٍ عامٍ واهتمامي بالفنون الاخرى والاطلاع عليها جعلني اقف متسائلا إن كان ما ننتجه كخطاطين يحتسب فنّاً! إنما هو تقليد مطلق للماضي ومسألة الوصول للحرف المثالي- نسبياً- بعد سنوات من التمرين، ولكن ماذا بعد؟ هذا ما دفعني للبحث عن أشكالٍ جديدة او طرح فكرة تطوير خطوطٍ أخرى، فكان أن ابتكرت خطاً اكتسب اسمي “وسام” وهو خط مشتق من خطوط أخرى بالتأكيد، وكذلك قدمت أفكارا في خط الرقعة، كتوظيف لمقترحات متنوعة لتطويره، كما قمت بتجربة مع خط الثلث في السابق، وهو يعتبر من الخطوط المقدسة، التي يتجنب الكثير من الخطاطين المساس به. اعتقد أن الفكرة هي في الوقوف على تأمل كيفية تطوير الحرف، بعد أن بلغ نهايته الشكلية وكيف انها وصلت الينا بهذا الشكل، وامتلاك الحرية التي تتيح له تقديم شيء مبتكرٍ أو جديد. يمكن أن اضيف سبباً مهما في كوني لم ادرس الخط على يد أستاذ أو شيخ أو مدرسة معينة، وهذا بدوره أعطاني حرية في التجربة. اما ما يخص الموضوع المفاهيمي، وهي تجربة أطلقت عليها تسمية الاشكال الخطية او الكاليغرافونس، اذ أقمت اول معرض في 2015، كاحتفاء جمالي بشكل الحرف، وبدأت هذه الحركة باعتماد خط الثلث كنموذج، وما زلت اشتغل فيه، ولكنني طبقت هذه الحركة على خطوط اخرى. ويمكن القول إن هذا المسعى يهدف الى الاحتفاء بالشكل الخارجي للحرف كما بالشكل الداخلي، على سبيل المثال، أن الخطاطين يتأملون ويدرسون كثيرا الفراغات الداخلية للحروف مقارنة بالشكل الخارجي، فلو تخلصنا من الفراغات الداخلية ونظرنا إلى الشكل الخارجي أو لو أنك أخذت فراغا أو شكلا وألغيت عنه الخاصية الخطية بجعل السماكات متساوية وغير ذلك من الاحتمالات والتجارب، التي انتجت لدي نماذج جميلة ومغايرة لها مرجعياتها الجمالية الجديدة. ومن هذا المنطلق تمكنت من تقديم أعمالي المفاهيمية، التي تستفيد من بعض حركات التجريد الغربي والبنائية والباوهاوس والكيوبزم.
* ما هي أبرز محطاتك ومشاريعك في دبي وما هي حكاية مشروع ساعة الرولكس العربية؟
- كانت هناك محطات كثيرة ومعارض مهمة ونشاطات متعددة على مدى السنوات الفائتة، حيث أقمت اكبر معرض شخصي لي في دبي، ضمَّ 81 عملاً أصلياً يمثل مراحل الخط العربي في أعمالي، من الأمشاق والكلاسيك إلى التطويرات الحديثة، وأيضا مسألة الكاليغرافونس، وطبع لهذا المعرض كاتالوغا ضخما ضم مقالات باللغتين العربية والانكليزية، كانت قد كتبت عني، إضافة إلى مقالات كتبتها بنفسي كتقديم نظري لفكرة الكاليغرافونس وخط الوسام والمعرض بشكل عام، ترتب على ذلك دعوات في ما بعد في شيكاغو بالولايات المتحدة الأميركية لإلقاء محاضرات حول تجربة الكاليغرافونس ومحاضرة أخرى في نيويورك، وأقمت ورشتي عمل حول هذه التجربة في محاولات تطبيقية بالحروف اللاتينية. في ما يخص تساؤلك في الشطر الثاني من السؤال، نعم تعاونت مع شركة هواتف فاخرة، التي هي شركة فيرتو، التي صممت مجموعة من الهواتف باسمي، حيث يظهر فيها الخط العربي مطبوعا على
الجلد.
وهي هواتف باهظة الثمن، ضمن مجموعات خاصة يصل سعر بعضها الى العشرين ألف دولار. اما تعاوني مع شركة رولكس للساعات، فكانت لديها ساعة مشهورة تسمى الدايديت، قمت بكتابة أسماء ايام الاسبوع فيها باللغة العربية وبخط خاص، بدلا من تصميمها السابق المكتوب بخط لم يكن بالجودة الكافية. حدث ذلك عن طريق وكيل رولكس في دبي، الذي تواصل معي والاتفاق معي للقيام بهذا المشروع في العام 2014. وقد وفقنا في إنجاز هذا النموذج الجديد ونال استحسانا مناسبا.