آثار بابل.. شاهدٌ تاريخيٌّ شاخص على حضارة العراق

ريبورتاج 2022/06/28
...

 خالد ابراهيم 
تعد بابل واحدة من أعظم المعالم الأثرية والحضارية المهمة في العراق، والتي تضم عدة معالم من بينها بوابة عشتار ومسلة حمورابي وأسد بابل هذا الرمز الذي يدل على القوة، وبقي شاخصاً حتى يومنا هذا، إذ تضم بابل الكثير من الرموز والدلالات الأثرية الضاربة في عمق التاريخ. 
 
تحدث مرشد سياحي في مدينة بابل الأثرية وهو صباح محمد فرهود عن هذا التاريخ وقال: تمثل هذه الآثار آخر فترة حكمت في بابل، وهي الفترة او السلالة الأخيرة والتي تسمى الكلدية أو فترة نبوخذ نصر الثاني أو بابل الحديثة، إذ بدأت في 600 قبل الميلاد وانتهت في 5390 قبل الميلاد، وحكمها ستة ملوك، واستمرت فترة حكمهم 87 عاماً، وكان أبرزهم الملك نبوخذ نصر الذي حكم من 604 إلى 552، أي حكم 43 عاماً وكانت مدينته متأثرة بهذا المكان الأثري، وتبلغ مساحة هذه الامبراطورية  4000 دونم، فيها سوران، السور الخارجي الذي يلف المدينة بمساحة 19 كم والسور الداخلي 8 كم.
 
معالم شاخصة
وأضاف فرهود "تضم المدينة العديد من المعالم الشاخصة، ومنها شارع الموكب وكذلك القصر الجانبي  للملك نبوخذ نصر والذي يضم ٥ ساحات متخصصة، قسم منها للجند والموظفين وأيضاً قاعة العرش، وهذا المكان توفي فيه الاسكندر المقدوني عام 323 قبل الميلاد والذي دخل بابل عام 332 قبل الميلاد والذي كان قد دخل العراق عام 331 قبل الميلاد، القصر يحتوي على 600 غرفة، وهناك رواية تقول 500 غرفة، إذاً هناك أماكن مخصصة للعاملين في القصر، أما القصر الجنوبي فيحتوي على مدخل ومخرج مطمور تحت الأرض بمسافة 9 أمتار، 
وهناك مواد كالإسفلت والقير والآجر قياس 33 ورواية تقول 32 وسمكها 8 و بين الآجر يتم وضع اسفلت وبارية، وتم طمره  9 أمتار خوفاً من الأحمال الثقيلة عليه، وهنالك عمليات ترميم جرت في بوابة عشتار، وتتم الآن فيها عمليات ترميم وصيانة بإشراف الهيئة العامة للآثار، وكذلك معبد نلماخ وبكوادر متخصصة عراقية في هذا المجال من خيرة الأساتذة الذين لهم باع طويل في مجال صيانة الآثار والتنقيبات، ويوجد في هذا المكان فريق متخصص في الإرشاد السياحي، ويتحدثون أكثر من لغة منها العربية والفارسية والانكليزية ومتخصصون في مجال التاريخ والآثار، ويقومون بمرافقة الوفود الرسمية وغير الرسمية والأسر العراقية والعربية، والوقت مفتوح في زيارة هذا المكان الأثري، والسياح الذين يزورون المكان هم من كل المحافظات العراقية من الوسط والجنوب والشمال، إضافة إلى أنهم من طبقات مختلفة من المستوى العلمي والثقافي وغيرهما، والعراقيون عموماً متذوقون للحضارة والآثار ولديهم اهتمام في هذا الشأن، وكل من يزور هذا المكان يقوم بطرح الأسئلة والاستفسارات وتتم الإجابة على أسئلتهم من قبل المرشد السياحي بكل رحابة صدر، وأيضاً لدينا قسم من الزوار والسياح الأجانب الذين يأتون إلى هنا ليطلعوا على 
الحضارة.
 
دليل سياحي
وقد تم طبع وإصدار مطبوع خاص يسمى بدليل بابل وحول هذا الموضوع استطرق فرهود قائلا: لدينا دليل خاص ببابل طبع عام 2021 من قبل خيرة الأساتذة من حملة الشهادات العليا وأصحاب الخبرة، فزوار هذا المكان من كل الجنسيات، وهناك تسهيلات في المجال السياحي، فالزائر الأجنبي يستطيع زيارة هذه الأماكن بكل أريحية، ونحن نقوم بمرافقته ويتم الرد على الاستفسارات والأسئلة وتقديم الشروحات، وحسب لغة السائح سواء كانت الانكليزية أو غيرها، ونقوم بتقديم الإرشاد السياحي من ساعات الصباح الأولى وحتى ساعات متأخرة، وتضم آثار بابل أماكن للخزن وهي في فترة الملك نبوخذ نصر الثاني، وكان الألمان يعتقدون بأنها هي الجنائن المعلقة، وخلال الاكتشافات العراقية الأخيرة في سبعينيات القرن المنصرم، تم العثور على عقود زراعية، والجدارية هي التي تثبت أن هذا المكان هو للخزن، وفيه 3 آبار وهي موجودة في مكان منخفض حيث تكون أشعة الشمس قليلة فيها ويكون المكان مظلماً، وكانوا يستخدمون الإنارة وهي المسرجة وبأحجام مختلفة.
 
زخم حضاري
خليل برزنجي، عالم آثاري هو أيضاً تحدث بدوره عن آثار بابل قائلاً: التسلسل الحضاري في العراق قديم جداً يبدأ من القرى الزراعية وحتى وقتنا الحاضر، و ما قبل القرى الزراعية أي ما قبل التاريخ مثل كهف شاندر أي قبل 40 إلى 60 ألف سنة، ومن العصر الحجري إلى الآن، وهو تسلسل حضاري كامل ومرت فيه فترات وغزوات، ولكن تبقى الصبغة العامة بأن العراق زاخر بالحضارة وبتنوعه وثقافته، والعالم أجمع مهتم بالآثار العراقية، ومن بينها آثار بابل، لأنها ذكرت في القرآن والتوراة، وهي فترة من فترات الديانة اليهودية فالتلمود كتب في بابل، وفيه زخم حضاري كبير .
 
اهتمام
لا بد من تقديم اهتمام كبير بهذه الأماكن الأثرية وحول هذه النقطة أضاف البرزنجي قائلا: هناك نقطة مهمة أود الإشارة إليها وهي أن هذه الأماكن غير مخدومة سياحياً، فالحضارة موجودة واللقى الأثرية ولكن تبقى هناك مسألة مهمة وهي عملية جذب السياح إلى هذه الأماكن، فكل المطلعين هم على دراية ببابل وآثارها وآثار اوروك وأور و نينوى، ولكن المسألة المهمة هي كيف تقود السائح والمريد إلى الآثار فهي بحاجة إلى عدة أمور وخدمات، مثل الفنادق والمرافق الصحية والطرق المعبدة وغيرها من الخدمات، والآن هناك حركة سياحية من الزوار من أوروبا وجميع دول العالم الذين يأتون إلى 
الأهوار.  
أغلب الأماكن الأثرية بقيت على حالها إلى يومنا هذا فهي بحاجة إلى خدمات سياحية كثيرة، لكي تتكامل  وتصبح أماكن أثرية وسياحية في الوقت نفسه، وبالتالي الزائر او السائح يطلع على آثار وثقافة العراق، وأيضاً الاهتمام الإعلامي مهم جداً، بالنسبة للمتلقي سواء في الداخل او الخارج الذي يكون لديه ولع في زيارة المعلم أو المكان الأثري، وأيضاً سيكون هناك تحفيز للوزارات لكي تعمل بشكل أفضل ليظهر هذا المعلم بصورة راقية.