باريس: أ ف ب
تعيش الممثلة الإيرانية زار أمير إبراهيمي فترة «جنون» منذ فوزها بجائزة أفضل أداء تمثيلي نسائي في مهرجان كان السينمائي الشهر الماضي، وهي تبدي أملها في حصول «ثورة نسائيَّة» في إيران التي حظرت عرض الفيلم الفائز على أراضيها.
وتقول الممثلة البالغة 41 عاماً والمقيمة في باريس «أعيش فترة جنون (...) لم أفهم بعد ما يحدث»، موضحة أنها «لم تستيقظ بعد من الحلم».
في فيلم «العنكبوت المقدس» من تأليف مواطنها علي عباسي الذي يعيش في المنفى أيضا، تؤدي الممثلة دور صحافية مشاكسة تحاول كشف لغز سلسلة جرائم قتل استهدفت عاملات في مجال الجنس من دون تحريك مشاعر السكان أو السلطات الإيرانيَّة.
ولا يشبه هذا الفيلم الأعمال السينمائية الإيرانية التي اعتاد الجمهور عليها، إذ يبتعد عن المجاز ويُظهر جرائم القتل بقسوة أمام الكاميرا، عارضاً أمام الجمهور لقطات من العنف المنهجي الممارس ضد النساء.
«مصدومة»
تقول أمير إبراهيمي «أنْ يرى المرء نفسه في المرآة ليس أمراً سهلاً، فهو لا يحب ذلك ويفضّل عدم رؤية الواقع. أعتقد أنَّ إظهار هذا العنف أمر ضروري».
وتشير الممثلة إلى أنَّ دور الصحافية «كان موجوداً» في داخلها.
وعلى صورة هذه الصحافيَّة التي تعيش في بيئة معادية ينتشر فيها التحرش والاعتداء الجنسي، عانت الممثلة تبعات المجتمع الذكوري، إذ تحطمت حياتها ومسيرتها المهنيَّة بسبب تسريب مقطع فيديو حميم لها ونشره من دون موافقتها على يد صديق شريك حياتها السابق.
وأثار ذلك فضيحة كبيرة دفعت حتى بأصدقائها وزملائها إلى التخلي عنها. بعد ملاحقتها قضائيا وإهانتها، انتهى بها الأمر بمغادرة إيران إلى باريس، حيث وصلت في العام 2008 وكانت «مصدومة» تماماً.
وتستذكر أمير ابراهيمي كيف وصلت إلى فرنسا كشخصٍ مغمورٍ بينما كانت معروفة في بلدها قائلة «وصلت إلى مكان لا أعرف لغته. كنت أتنقل في المترو من دون أنْ أفهم شيئاً. استمر الوضع على هذا النحو ل12 عاماً».
وبعدما فشلت في الاستحصال على أدوار تمثيلية جديدة، اختارت تغيير مسارها لتصبح مديرة تجارب اختبار أداء.
مع ذلك، فإن الممثلة الإيرانية ليست امرأة محطمة. فخلف صوتها المتردد، تنضح أمير إبراهيمي بالقوة والتصميم. وهي أجرت المقابلة باللغة الفرنسيَّة التي تتحدثها بطلاقة رغم اعتذارها عن ارتكاب أخطاء.
وأرادت لجنة تحكيم مهرجان كان السينمائي أن تحيّي روح الصمود هذه.
ممثلة فقط
ولم تدفعها تجربتها «المجبولة بالإذلال» إلى اليأس. وتقول «ليس لدي أي شيء ضد الإيرانيين، حتى ضد المجتمع الذي دمرني».
وتضيف «بدأت أفهم على الفور أننا جميعا ضحايا. كلنا ضحايا تقليد ومجتمع ديني... كل شيء تغير مع الثورة، فقدنا كل شيء».
وتتوخى أمير إبراهيمي التغيير في إيران بفضل الجيل الشباب، قائلة «نحن، في عصرنا، لم تكن لدينا الشجاعة لنزع حجابنا في الشارع. لكنَّ هناك، أرى أنَّ الأمور تتغير»، مبدية الأمل في حصول «ثورة نسائية».
وتتابع «أعتقد أنّ هناك ضغطاً كبيراً علينا لدرجة أنه سينفجر في مرحلة ما».
وتقود إبراهيمي أيضا معركة في بلدها الجديد لفرض نفسها كممثلة، على غرار من تسمّيها «أختها» أي غلشيفته فرحاني، وهي ممثلة أخرى منفية من إيران، وصلت إلى هوليوود ونجحت في صنع اسم لنفسها في السينما الفرنسية.
وتقول أمير إبراهيمي «إنها حقا نموذج يُحتذى به بالنسبة إليّ»، معربة عن أسفها لأن السينما الفرنسية تعتبرها «لاجئة وليس ممثلة فقط».
هل ستغير جائزتها في مهرجان كان السينمائي قواعد اللعبة؟ «أتمنى ذلك»، تجيب أمير إبراهيمي، «لكن حتى الآن لم أتلق سوى عرض تصوير واحد».