بغداد: مصطفى الهاشمي
تصوير: نهاد العزاوي
نظم فريق بحثي من مركز بحوث السوق وحماية المستهلك، استبانة الكترونية هدفت لإيجاد آليات ملائمة لمكافحة ظاهرة التسول في العراق، إذ تم توزيع الاستبانة على عينة عشوائية من أفراد بمختلف الأعمار والشرائح والمستويات الاجتماعية، وحللت البيانات التي تم جمعها، وتم التوصل إلى مجموعة من النتائج الكفيلة بمكافحة تلك الظاهرة.
وبينت نتائج السؤال الذي وجه لعينة الاستطلاع المتعلق بأسباب انتشار ظاهرة التسول في العراق أن 45 % منهم أشاروا إلى أن السبب بانتشار تلك الظاهرة يعود للفقر والبطالة، وأن 29 % أكدوا أن أسباب الظاهرة أخلاقية، بينما أشار 26 % من العينة إلى أن أسبابها تعود لقضية التفكك الأسري، و21 % منهم أكدوا أن للأسباب السياسية دوراً بانتشارها، بينما رأى 51 % من العينة أن أسباب تلك الظاهرة تعود لكل تلك الأسباب.
الأسرة والأخلاق
بينت اجابات حوالي نصف عينة الاستطلاع (51 %) أن ارتفاع معدلات الفقر والبطالة واختفاء الوازع الأخلاقي والتفكك الأسري وقضايا سياسية يعاني منها البلد، كالتهجير والارهاب، كل تلك القضايا مجتمعة أسهمت بانتشار ظاهرة التسول في العراق.
وذكرت الدكتورة وصال عبد الله حسين، وهي عضوة في فريق البحث «طلبنا من العينة التأشير بأكثر من اجابة حول أسباب تلك الظاهرة، لذلك نلاحظ أن نحو 45 % منهم أشاروا إلى ارتفاع معدلات الفقر والبطالة، وتلك بطبيعة الحال نسبة كبيرة جدا، بما يشير بوضوح لضرورة معالجة ظاهرة البطالة التي يعاني منها المجتمع العراقي، والتي انتشارها بطبيعة الحال سيؤدي إلى ارتفاع معدلات الفقر».
وتابعت «لذلك يلجأ الأفراد إلى التسول او التوجه لأعمال لا تتناسب مع مهاراتهم او قدراتهم، كالانتشار قرب تقاطعات الطرق (بجانب الاشارات الضوئية) لمسح زجاج السيارات وبيع أنواع السلع كبطاقات الهاتف او أقداح الشاي والقهوة او ألعاب أطفال متنوعة وغيرها من الأمور التي نلاحظ انتشارها بشكل غير طبيعي، مؤكدة ضرورة تقديم حلول حقيقية لمعالجة تلك الظاهرة الخطيرة، إذ إن استفحالها وتناميها السريع من شأنه أن يهدد السلم المجتمعي في
البلد».
الحقيقة والخداع
وعن السؤال المتعلق بنسبة الحقيقة والخداع لظاهرة التسول بينت نتائج الاستطلاع حول الخداع والحقيقة بممارسة ظاهرة التسول أن 48 % من عينة الاستطلاع أكدوا أن 75 % من المتسولين يمارسون الاحتيال والخداع، بمعنى أن التسول أصبح بمثابة مهنة يمتهنونها، بينما أكد نحو 32 % من العينة أن نسبة الخداع بممارسة التسول تشكل نحو 50 %، بينما أشار نحو 10 % من العينة إلى أن نسبة الخداع بممارسة التسول قد بلغت 25 %.
وأكدت حسين «أن الاحتيال والخداع قد شكلا النسبة الأكبر بحسب وجهة نظر المستطلعين، وهذا واضح، اذ إننا نلاحظ ذات الوجوه التي تمارس التسول بالقرب من التقاطعات او قرب المؤسسات الحكومية والأهلية، وحتى بالنسبة لأعداد كبيرة من المتسولين الذين يتجولون في المناطق السكنية وقرب المساجد في أوقات صلاة الجمعة وبقية الأوقات».
الإجراءات الحقيقية
ولفتت عضوة الفريق البحثي إلى أن «النتائج تشير إلى أن نحو 40 % من عينة الاستطلاع أكدوا عدم وجود اجراءات حقيقية مفعلة لمكافحة او الحد من ظاهرة التسول، بينما أشار نحو 33 % من العينة إلى أن الاجراءات المفعلة في الوقت الحالي عبارة عن اجراءات فردية، وجاءت اجراءات الشرطة المجتمعية بالمرتبة الثالثة إذ شكلت نسبة الذين أكدوا أن تلك الاجراءات هي المفعلة نحو 17 % من العينة، اما منظمات المجتمع المدني وما تقوم به من اجراءات لمعالجة تلك الظاهرة في الوقت الراهن فقد حازت على نحو
10 % من فئة الاستطلاع». وتباينت آراء الفئة المستطلعة بالإجراءات المفعلة او التي لها دور في الوقت الراهن بمكافحة تلك الظاهرة، فالغالبية العظمى أكدت عدم وجود اجراءات فاعلة، وهذا بطبيعة الحال يستدعي من الجهات المتخصصة وضع برامج حقيقية تشترك فيها جهات حكومية وأهلية للتوصل إلى حلول فاعلة لمعالجتها.
مقترحات وحلول
من ضمن الاقتراحات التي قدمتها عينة الاستطلاع، تشريع حزمة من القوانين للحد من ظاهرة التسول، واجراء البحوث والدراسات عن كثب للحد من هذه الظاهرة، فضلا عن دعم القطاع الخاص لتوفير فرص العمل، وتخصيص راتب لكل مواطن ضعيف الدخل، لضمان حصوله على مستوى معيشي ملائم لتوفير متطلباته الاساسية التي تعينه على متطلبات الحياة، بمعنى تخصيص راتب كحصة من النفط، للتخفيف من ظاهرة التسول. وتم اقتراح تفعيل قسم مختص بمتابعة شؤون المتسولين أمنياً بالدرجة الاولى، وتخصيص غرفة عمليات مشتركة بين القوات الأمنية ودائرة الرعاية الاجتماعية والأمن الوطني لغرض تدقيق المعلومات الأمنية للمتسولين ومعرفة خلفياتهم ومن يدير حياتهم اليومية ومعاقبة المخالفين بعقوبات رادعة تصل إلى السجن، خصوصا أولياء أمور المتسولين في حال ترك أولادهم يتسولون. مع ضرورة توجيه الجهود حول موضوع تسرب الطلاب من المدارس لجميع المراحل الدراسية، وايجاد الحلول المناسبة للحد من تلك الظاهرة الخطيرة، ومنها الاهتمام بالتغذية المدرسية وصرف منح (نقود وكساء) للطلاب من ذوي الدخول الضعيفة لضمان استمرارهم بالدراسة وعدم تسربهم، وفتح آفاق تفكيرهم للتوجه نحو المدارس المهنية الزراعية والصناعية والسياحية وأيضا الافادة منهم في فتح مشاريع ريادية.