بغداد: مصطفى الهاشمي
تصوير: خضير العتابي
تشهد الوحدات الإدارية الصغيرة في مناطق متعددة من العراق، شح أو غياب المنافع الاجتماعيّة التي تقدمها الشركات الاستثمارية العاملة هناك، لمجموعة من الأسباب أبرزها الفساد الإداري، وتعرف المنافع الاجتماعية – بحسب منظمة الاسكوا – على أنها التحويلات الجارية التي تحصل عليها الأسر للمعيشة، وتكون بغرض توفير الاحتياجات التي تنشأ من أحداث أو ظروف معينة، على سبيل المثال، ظروف المرض أو البطالة أو التقاعد أو الإسكان أو التعليم أو ظروف أسريَّة.
كما تعنى الشركات الاستثماريّة التابعة للقطاع الخاص، داخل سوق العمل بالمسؤوليَّة الاجتماعيَّة للشركات والتي تعدُّ من أهم الواجبات التي تقع على عاتق القطاعين العام والخاص، وهي التزامٌ مستمرٌ من قبلهما بالمساهمة في تطوير وتحسين المستوى الثقافي والتعليمي والاقتصادي والصحي.
وفي هذا الشأن قال عضو مجلس إدارة اتحاد رجال الأعمال العراقيين عبد الحسن الزيادي: إنَّ “غياب أو شح المنافع الاجتماعيّة التي تقدمها الشركات الاستثماريّة العاملة في العراق، يعود لأسباب عدة، من بينها الفساد الإداري الذي يمارسه مسؤولو الوحدات الإداريّة الصغيرة الموجودة ضمن مساحة عمل الشركات الاستثماريَّة”.
المنافع الاجتماعية
وأوضح الزيادي لـ “الصباح” أنّ “المنافع الاجتماعيّة التي تقدمها الشركات تتمثل ببناء او تأهيل المدارس والبنايات الخدميّة، كدوائر الصحة والمستشفيات الميدانيّة وتبليط الطرق، ضمن الرقعة الجغرافيّة التي تعمل بها تلك الشركات”.وأشار إلى أنَّ “هناك عددا من ضعاف النفوس، من مسؤولي الوحدات الإداريَّة الأصغر، أسهموا في الحد أو تقليص حصول المواطنين على تلك المنافع من خلال غوصهم في تفاصيل الفساد الإداري وتعاملهم المباشر مع تلك الشركات، كأن يطلب نصف مبلغ تكاليف أي مشروع تعتزم الشركات تنفيذه أو تقديمه مقابل عمولة”.
استجابة الشركات
ورأى أنَّ “بعض الشركات الأجنبيّة تستجيب وأخرى لا تستسيغ التعاطي مع هذا المبدأ حرصا على سمعتها، لكونها محكومة برقابة حسابات صارمة من مقر الشركة الأم في بلدها، كونها خصصت مبلغا معينا لتقديم المنافع الاجتماعيّة، فاذا لاحظت وجود تلاعب فإنّها ستتخذ إجراءات إدارية بحق ممثلها في العراق”.وبيَّن أنَّ “هذا أحد مداخل الفساد الذي يمنع او يقلص حصول المواطنين على خدمات المنافع الاجتماعيّة للشركات الاستثماريّة العاملة في بلدنا”.
الانشطة الاقتصادية
وكان رئيس غرفة تجارة بغداد فراس رسول الحمداني أكد في وقت سابق “على الجوانب التي من خلالها يتم تفعيل المسؤوليَّة الاجتماعيَّة للقطاع الخاص، والمتمثلة بالجانب الاقتصادي ودعم الأنشطة الاقتصاديّة والاجتماعيّة في المجتمع، والالتزام بالأنظمة والقوانين، فضلاً عن الاهتمام بالموظفين وتدريبهم وتطويرهم، أما الجانب الاجتماعي فيتطلب تعزيز القيم الأخلاقيّة والتكافل الاجتماعي، واحترام القوانين والتعليمات والثقافات المختلفة والمساعدة في مواجهة الأزمات بسبب السياسات أو الكوارث أو الأمراض، ودعم الأنشطة والفعاليات الاجتماعيَّة والرياضيَّة والصحيَّة”.
الجانب القانوني
وأضاف الحمداني: “أما الجانب القانوني فركز على أهمية الالتزام بالقوانين المحليَّة والوطنيَّة والنصوص القانونيَّة التي يعملُ بها أثناء ممارسة النشاط ومراعاة الفعّالة منها، والشفافيَّة في نشر الأنظمة والقوانين المتعلقة بعمل القطاع الاقتصادي الخاص والعام، وكذلك التأكيد على أسباب نجاح المسؤوليَّة الاجتماعيَّة في القطاع الخاص”.
وركّز الحمداني على “تكريس التثقيف للمسؤوليَّة الاجتماعيَّة في القطاع الاقتصادي الخاص، فالملاحظ أنَّ عدداً من المعنيين يحتاج الى زيادة الثقافة للمسؤوليَّة الاجتماعيَّة للقطاع، فثقافة العطاء تنحصر في أعمال خيريَّة غير تنمويَّة مرتبطة بإطعام الفقراء أو توفير ملابس من دون التطرق الى مشاريع تنمويَّة ترفع المستوى المعيشي لأفراد المجتمع”.
تشجيع الشراكة
ويرى مختصون أهمية تشجيع الشراكة لتفعيل هذا الجانب، أي مشاركة القطاع العام في المسؤوليَّة الاجتماعيَّة في توفير مناخ ملائم لما يمتلك أو ما يقوم بإدارته من منشآت أو أملاك عامة وملاكات علميَّة يمكن الإفادة منها في تفعيل المسؤوليَّة المجتمعيَّة، والقيام بها على أكمل وجه، من خلال الإعفاءات الضريبيَّة والمناقصات الحكوميَّة والامتيازات الخاصة، وربطها بتحقيق أهداف اجتماعيَّة لجعل المساهمة فعّالة من قبل القطاع
العام.
تخصيص مبالغ
مبينين أهمية تفعيل دور القطاع الخاص لما يمتلكه من رأس مال يمكنه من تخصيص مبالغ وحسب ما تقتضيه الحاجة، من أرباح مؤسسات القطاع الخاص للمشاركة الفعليَّة في البرامج الخاصة بتدريب العاطلين وتأهيلهم، وأنْ تكون تلك المبالغ كمبادرات وليست ملزمة.
بينما أكّد آخرون على ضرورة تمكين المرأة ورفع قدراتها ومهاراتها بما يؤهلها للمشاركة في العملية التنموية، لتأخذ الدور الفاعل في المسؤوليَّة الاجتماعيَّة، الى جانب التركيز على دور الإعلام في نشر التوعية بأهمية المسؤوليَّة الاجتماعيَّة حتى تكون الشركات الاستثماريَّة، الاجنبيَّة والمحليَّة، قدوة للآخرين في التسابق في هذا المضمار لتحقيق أكبر قدر ممكن من المنفعة للمجتمع.