مقتل أستاذ جامعي

الصفحة الاخيرة 2022/07/04
...

عبد الهادي مهودر
 
أسوأ أخبار الأسبوع الماضي كان خبر قتل أستاذين من جامعة صلاح الدين في محافظة أربيل بإقليم كردستان أحدهما عميد كلية القانون الذي قتل في مكتبه، وتبعه بثلاثة أيام خبر العثور على جثة تدريسي من كلية طب أسنان جامعة بابل، وضاعت أخبار قتل الأساتذة الجامعيين الثلاثة، رحمهم الله، في زحمة الأحداث والأخبار والتطورات السياسية التي تشغل الرأي العام العراقي، وفي الجريمتين كان الجاني الاول طالب قانون والثاني موظفاً ومن جامعتي الأستاذين المغدورين نفسهما أي من داخل الجامعة وليس غريبا ًعنها، وبصرف النظر عن الدوافع والأسباب فقتل أستاذ جامعي جريمة تتجاوز الشخص وأسرته إلى العملية التعليمية والدولة والمجتمع ولا بد من الوقوف عندها لمنع تكرارها وحتى لا تكون البيئة الجامعية العراقية طاردة للكفاءات جراء الترهيب المتعدد الأشكال والمسميات، وأحد أشكاله خوف الكليات واللجان التحقيقية وترددهم في اتخاذ قرارات تنظيمية وإدارية وتأديبية عادلة بحق طلاب أو موظفين وحتى أساتذة حين يثبت تقصيرهم، فالعملية التعليمية تحتاج أكثر من غيرها إلى حماية وتحصينات واجراءات تضمن استمراريتها واستقرارها وحقوق جميع أطرافها ولا تسمح بتجاوز القانون ولا باتخاذ العرف الاجتماعي واستخدام السلاح وسيلة للرد على الجامعات وأساتذتها، فكيف يستقيم عمل المؤسسات التربوية والتعليمية دون حفظ هيبة وكرامة وحياة المعلم والأستاذ الجامعي ودون العمل بمبدأ الثواب والعقاب؟ كما أن المدارس والكليات ليست بيوتاً خاصة ليكتب على أسوارها عبارة (مطلوبة عشائرياً) بحرف النون، والجهل هنا يتجلى في أبهى صوره سلوكاً وكتابةً، ونحن إلى ما قبل ارتكاب جرائم قتل الأساتذة الثلاثة كنا نستنكر التهديدات التي توجه للأساتذة الجامعيين وأساليب الترهيب التي يواجهونها بشكل مباشر وغير مباشر، لكن بعد ارتكاب الجناة لهذه الجرائم البشعة في حرم الجامعة والقاء جثة الأستاذ الجامعي على قارعة الطريق أصبحنا نقول ليت الأمر يقف عند التهديد اللفظي وكتابة العبارة سيئة الصيت ولا يصل إلى القتل، وكأننا رضخنا للأمر الواقع ورضينا به ولم يرض بنا!
لقد اهتزت الأردن ثم مصر لجريمتين بشعتين بحق طالبتين جامعيتين وسمعنا وشاهدنا أخباراً وبيانات من القضاء والادعاء العام في البلدين وجلسات محاكم علنية ونقاشاً واسعاً للرأي العام، وقرأنا بياناً صادراً عن الادعاء العام الأردني يدعو لتقيّد وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي والأشخاص بعدم نشر أية معلومات أو إعادة نشر صور تخص جريمة قتل الطالبة وذلك لضمان سلامة ومجريات التحقيق، وفي بلادنا التي لا تهزها الريح من كثر الأهوال التي تعصف بها، لم نسمع بإجراءات علنية رادعة بمستوى بشاعة جريمة قتل الأساتذة الجامعيين عدا جهود القاء القبض على المجرمين، مع أن مثل هذه الجرائم باتت تتطلب جلسات محاكمة علنية لردع أصحاب النوايا الشريرة ولبث الطمأنينة على وجود دولة وقانون وتعليم وحرم جامعي.