التهديدات الصحيَّة لما بعد كورونا جهاز المناعة البشري والحاجة إلى تنشيط عمله

علوم وتكنلوجيا 2022/07/04
...

 اندريه تشيبمان
 ترجمة: بهاء سلمان
وتمَّ توثيق تفشي جدري القردة، وهو مرضٌ معدٍ بشدة يوجد عادة في وسط افريقيا، في 27 دولة، إذ لم يكن المرض حاضراً بشكلٍ معتادٍ في الشهور القليلة الماضية. وسجّلت منظمة الصحة العالميَّة 780 حالة مؤكدة بجدري القردة في تلك الدول الـ 27 لغاية بداية شهر حزيران. وفي الأثناء، تقوم منظمة "بروميد"، وهي نظام مراقبة مفتوح يصدر تقارير عن تفشي الأوبئة، بمراقبة الحالات لكلٍ من الطاعون الدبلي والطاعون الرئوي في جمهوريَّة الكونغو الديمقراطيَّة، مع تواصل حالات التهاب كبد فيروسي شديدة تلقي بآثارها على أطفال منطقة أميركا الشمالية وأوروبا.
في الوقت ذاته، لا يزال (كوفيد – 19) يمثل بشكلٍ كبيرٍ جداً جزءاً من حياتنا، رغم تقلص المخاوف منه تدريجياً في الكثير من الدول. وأدى تخفيض صرامة العديد من الإجراءات الخاصَّة بالكورونا خلال الربيع الماضي أيضاً إلى تزايد مستويات الإصابة بالانفلوانزا في غير موسمها، بحسب مؤسسة "مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها"، التابعة للحكومة الأميركيَّة.
وحذر الكثير من خبراء الصحة بأنَّ أجهزة المناعة لدينا هي أكثر عرضة للإصابة بالأمراض، وذلك بسبب سنتين من انعزالنا بشكلٍ نسبي عن بعضنا البعض، وقلة التعرّض الى الأجواء الباردة المعتادة والخالية من الفيروسات، والتي اعتادت أنظمتنا المناعيَّة بتهيئتها للتعرّف عليها، إضافة، في بعض الحالات، إلى التعرّض بالإصابة بـ(كوفيد – 19). بالتالي، كيف يتسنى لنا حماية صحتنا واستجابتنا المناعية مع مغامرتنا بالاتصال بالخارج أكثر والتعامل مع البكتريا المألوفة والتهديدات الصحية الأقل شيوعا؟
 
دفاع الخط الأول
تعدُّ أنظمتنا المناعيَّة بمثابة الأساس لتكوين قاعدة بيانات للإلمام بالبكتيريا والعدوى والاستجابة لهما، وبعضها، مثل فيروس كورونا، نصادفه مراراً وتكراراً خلال حياتنا بأشكالٍ مختلفة. ومع ذلك، لا يزال لدى العلماء عددٌ من الفجوات المفترض تغطيتها.
"لقد تمتْ دراسة فيروس كورونا المستجد، المسبب لمرض كورونا، بشكلٍ مستفيضٍ أكثر من أي مرضٍ معدٍ آخر عبر التأريخ، بيد أنَّه أبرز أننا لا نعرف لغاية الآن الكثير حول الاستجابات الطبيعيَّة والصحيَّة والمناعيَّة لبيئتنا،" كما يقول "تروي توغيرسن"، مدير علم المناعة التجريبي في "معهد ألين لعلم المناعة" الكائن في سياتل، ويضيف: "لا نزال نجهل الكثير من التفاصيل الدقيقة، فكيف يجب علينا تعريف "الصحة المناعيَّة"، فهنالك من المحتمل سلسلة من الاستجابات "الصحيَّة" للعدوى، ولا نزال لا نفهم حقاً هذا الأمر بشكلٍ جيّد بعد".
الطريقة التي يعمل من خلالها جهاز المناعة يمكن أنْ ينظر إليها كسباق تسلّح، بحسب توغيرسن، إذ تعمل مسببات الأمراض بشكلٍ ثابتٍ على تحوير جيناتها لأجل تحسين احتماليَّة البقاء على قيد الحياة والسماح لأنفسنا بإعادة الإنتاج، وبالمقابل، تستجيب أنظمتنا المناعيَّة لهذه التهديدات الجديدة في مسعى لحماية أجسامنا من إحتضان تلك الجراثيم والتخلّص منها. يقول توغيرسن: "أي شيء نعمله كي نجعل عمل الجراثيم أسهل، من مشكلات النظافة وظروف العيش بأمكنة مكتظّة بالبشر وغير ذلك، سيسهل عليها حالة الازدهار والنمو".
هناك بعض الأدلة تدعم الجدال القائل بأنَّ ارتداء الكمامات لسنتين وتجنّب تجمّعات الحشود الكبيرة من الناس وقلة التعامل مع الناس وأموراً جديدة، قد جعلتنا نوعاً ما سريعي التأثر للعدوى المستقبليَّة. ومع ذلك، تعرّضت أجهزتنا المناعيَّة للجراثيم الجديدة، ويكمن التهديد الأكبر في حقيقة أنَّ استئناف الحركة الجماعيَّة والتنقل جواً يجعل الأمر أسهل لنشر أمراض جديدة في منتصف طريق الرحلة حول العالم بأسره، بحسب توغيرسن.
 
الاعتناء الذاتي
بالنسبة لغالبية الناس، نمط الحياة الصحي، المتضمن تناول مقدارٍ كافٍ من الفواكه والخضراوات، والحفاظ على وزن صحي، والنوم إلى حدٍ مقبولٍ وممارسة التمارين الرياضيَّة بانتظام، يمثل الوسيلة الأفضل للاعتناء بأجهزتنا المناعيَّة، بحسب "شينا كروكشانك"، أستاذة علوم الطب الحيوي في جامعة مانشستر البريطانية. "الأمر لا يتعلّق بتعزيز جهاز المناعة، لكنْ بالحفاظ عليه بمستوى توازن مثالي. ويعدُّ التواصل مع ما يستجد من لقاحات، والحصول على الجديدة منها مع تطوّرها، أمراً ضرورياً أيضاً لحماية الجهاز المناعي وخصوصاً إذا ما علمنا بثبات متحوّر اوميكرون".
وتحذّر مؤسسة مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها المسافرين من ذوي أجهزة المناعة الضعيفة. وتعمل التغييرات البيئية وزيادة الأمراض الحيوانيَّة المنشأ، وهي الأمراض المنتقلة من الحيوانات إلى البشر، على رفع تحديات التهديدات الجديدة، بحسب ما تقوله كروكشانك، وكلما كانت أجهزتنا المناعية أقوى، كلما تحسنت حالتنا الجسديَّة.
 
مجلة نيوزويك الأميركية