مقدمات ومقدمون

الصفحة الاخيرة 2022/07/05
...

حسن العاني
لا أمتلك إحصائية دقيقة عن عدد الفضائيات العراقية، ولكن عندي معلومة تفيد بأن فضائياتنا تجاوزت فضائيات الصين بنسبة الضعف، وفضائيات كوريا الشمالية بنسبة 5 أضعاف، وأمام هذا الكم الكبير لا أخفي دهشتي من معظم فضائياتنا لأن مقدمي برامجها يثيرون الخوف على مستقبل الإعلام العراقي، إذ نرى على هذه الفضائية مثلاً مقدم برنامج ثقافي يحاور عدداً من الشعراء، وهو أقرب ما يكون إلى إنسان آلي (يرتدي) في نهاية وجهه (سكسوكة) فنطازية، محاطة بفراغات (محفوفة) بيد أفضل حلاق أو "حفافة" حتى إن المتلقي لا يدري كيف يتعرف على خارطة لحيته وشاربه، وكان يطرح السؤال على الضيف، ويستمع إليه بصمت، فلا شفة تتحرك ولا عين ترمش ولا يدور بينهما حوار أو نقاش أو استفسار أو اعتراض.. فإذا انتهى الضيف من الإجابة انتقل إلى الضيف الثاني والثالث.. الخ، وأعاد المشهد نفسه وكأنه نسخة طبق الأصل!
أما على تلك الفضائية فتستعرض المقدمة أحدث فساتينها وقلائدها واكسسواراتها، وأحدث ما وصلت إليه فنون الماكياج، محاولة أن تكون في الوقت نفسه خفيفة الظل لا تفارق الابتسامة آثار عمليات التجميل، ولكن التوفيق يجانبها لأنها ليست ممثلة ولا موهوبة ولا إعلامية!
على هذه الفضائية يرفض المقدم أن يكون لضيفه رأي يتعارض مع رأيه، لقناعته الأُمية بأنه عبقري زمانه أو أنه (مدير عام)، والضيف يعمل عنده بصفة (فراش) مطيع، وعلى تلك الفضائية تشعر المقدمة بالسعادة، وتكاد تطلق زغرودة لأنها نجحت في جعل ضيفيها يتشاجران ثم يتشاتمان، وكل واحد منهما يعبر عن حقده الحزبي المقيت أو يتقيأ طائفيته القذرة أمام المشاهدين، وإذا نجحت المقدمة في دفعهما إلى استعمال الأيدي أو الأحذية فإنها لا تنام ليلتها من الفرح!
مقدم البرنامج هنا يطرح أسئلة قياس (اكس لارج) حيث يضم السؤال الواحد قرابة 56 كلمة، ويطلب من ضيفه برجاء مفتعل أن تكون إجابته بربع دقيقة، والأفضل أن تكون بنعم أو لا، المقدمة هناك تقلد أسلوب زميل لها تقليداً أعمى، وقد فاتها أن زميلها يحتل المرتبة الأولى في سوء التقديم، أما المقدم هناك فيضغط على نفسه لكي يتحدث بالعربية الفصحى، مع أن فصائل النواسخ والنواصب والجوازم وعشائر (كان وإن) تتمتع جميعها بإجازة مرضية! أرحمونا يرحمكم الله من المقدمات والمقدمين الذين وصلوا إلى الفضائيات بكفاءة القرابة أو الطائفية أو الحزبية أو بمؤهلات الدلع والحسن والجمال، أو... !.