محظوظ بأصدقائي

الصفحة الاخيرة 2022/07/06
...

زيد الحلي 
 
الخميس قبل المنصرم، مررت بتجربة إنسانية، وددتُ عرضها على القراء الأعزاء، هي بنت لحظتها ولم أخطط لها، ففي مساء ذلك اليوم شاء القدر أن أنسى هاتفي المحمول في مكتبي، وحين وصلت البيت علمت بالأمر، ولمعرفتي بأن العمارة التي يوجد فيها المكتب، تغلق مساء وغداً الجمعة عطلة، فوكلت أمري إلى الله، غير أن الذي حدث، آلمني كثيراً، وأسعدني كثيراً.. كيف؟  
يبدو أن العديد من الأقارب والأصدقاء والزملاء، من الذين اتصلوا بي وأعادوا الاتصال، سمعوا رنة الهاتف، لكنهم لم يجدوا صاحبها، فدب القلق في ما بينهم، وأجروا اتصالات مع بعضهم، نتج عنها زيارات لبيتي ليلة الخميس وفي صباح الجمعة حتى تيقنوا أن العبد الفقير لله بخير، وأن نسيان الهاتف كان السبب في كل الذي 
حدث.
ثبت لي من خلال تلك التجربة، أن الصداقة، لا سيما الممتدة مع العمر شأنها شأن السراج المضيء ليست بحاجة إلى دليل، لكن لن أخفي حدسي أن مفهوم الصداقة قد يختلف عند الكثيرين، وهذا موطن القوة فيها لا موطن الضعف، لأنها تتجاوز به رؤى الذاتية المفرطة، في حين أن العرف العام للصداقة لا يعرف هذا الاختلاف أو هذا التجاوز إلا في أضيق 
نطاق. 
تحية لكل الأصدقاء الذين مثلوا حديقة حياتي، فكانوا زهور قرنفل وورود الكاردينيا، وتحفاً أصيلة، تزداد قيمتها كلما مضى عليها 
الزمن..
إن الحياة ليست طويلة لنجرب كل شيء ولا قصيرة، لنتذكر كل شيء، علينا أن نكون صادقين في إنسانيتنا وصداقاتنا، فالمحبة المقترنة بالصداقة الحقة إن لم تكن مصاغة، صياغة إنسانية تتسق فيها الكلمات مع المعاني تفقد قيمتها وتسيء إلى متلقيها بدلا من أن تثري الوجدان، لأن من يضحي بالقيمة الإنسانية في سبيل القيمة الحسية للصداقة فإنه يتنكر للقيمتين
معاً.
 أصدقائي وزملائي.. كم يحسدني "البعض" على نبلكم..  فأنتم حقيقة طيور حب بلا أجنحة!
لكن تبقى عندي أمنية، وهي أن تسود قيم الصداقة والأخوة بين السياسيين، بدلاً من الغمز واللمز في 
ما بينهم!.