الألعاب الإلكترونية.. إدمانٌ يُهدد مصائر الأطفال

الصفحة الاخيرة 2022/07/16
...

 بغداد: نوارة محمد
 
كانت أكياس "الشيبس" الصغيرة تملأ سلة كبيرة يحملها الطفل تيم بحركات متأرجحة وهو يعود لمنزله بعد حفلة تبضع ومتع قضاها في النهار ليعيش المساء ولساعة متأخرة من بعد منتصف الليل بين الألعاب الالكترونية وتطبيقات "تيك توك ويوتيوب" وغيرها. 
على سرير خشبي محاط بإطار مذهب اعتاد تيم أن يجلس ليخطط أي لعبة سيختار، كان ذلك التيار الداخلي ينتابه كلما سجل دخوله في هذا العالم، عالمه الافتراضي الذي يدور بين آلاف الأفراد الذين يبدون له كما لو أنهم شخصيات عظيمة، مستمعاً لتلك الأصوات والمصطلحات الرائجة في العالم الالكتروني.
حين سألنا أسماء وهي مُدربة رياضة مختصة بالصحة البدنية عبرت عن شعورها بالطمأنينة حين يقضي أولادها معظم أوقاتهم خلف الهواتف الذكية وبين عوالمهم التي يفضلون، إنه طوق النجاة الذي لطالما خلق مسافة الأمان. 
وترى أنه من الجيد أن يواكب الصغار موجة الحداثة، لاسيما عندما تستخدم بشكلها الصحيح، إذ تعتقد أنها تنمي الدماغ وتحولهم إلى أكثر من كونهم مجرد مستهلكين لهذه الألعاب. هي لا تختلف كثيراً عن أخريات يشعرن بخطر العالم الخارجي على الصغار. أسماء تعود لتقول "لكنني أرفض العُزلة الدائمة، وعزل الأولاد عن عوالمنا الواقعية". 
أما زينة التي تعمل مدرسة لغة فرنسية فهي واحدة من الأمهات اللاتي يُفضلن انخراط أبنائهن مع أطفال الحي، وترى أنه من الجيد والضروري أن يشهد سخونة الحياة وهو يجوب الأزقة، وأن يستمع للأغنيات الشعبية الهابطة والجيدة منها، ويشاهد الطفلات المبكرات اللائي كُن في الشوارع بفساتين قصيرة، والمراهقين يدخنون كرجال بالغين وهم يستندون على جدران البيوت، لا ضير لو استمتع بضجيج الشوارع المليء بالأصوات التي تبث الحياة، ويلمح أكياس ربات البيوت وهي تغص بالخضراوات، إنها تتساءل "ماذا سيذكر ابنها لو قضى معظم وقته خلف شاشات الهواتف الذكية والألعاب الالكترونية".
الدكتور حميد يونس المختص بالطب النفسي يذكر أن أبرز أسباب السلوك العدواني للطفل يكمن في ارتباطه بالعالم الافتراضي، وقد يبدو صعباً على الأطفال الذين أدمنوا الألعاب الالكترونية قبول الواقع، وسرعان ما يشعرون بالملل في التجمعات الاجتماعية ونتيجة لذلك، تزداد فرص الإصابة باضطراب التكيف والاكتئاب والقلق والتوتر. 
يونس يتابع حديثه قائلاً "يقل خطر الإصابة بالإدمان وآثاره السلبية إذا ما وجه الطفل لاستغلال هذه الثورة الالكترونية بشكلها الصحيح".