الكاظمي يدعو لتعزيز لغة الحوار في المنطقة
العراق
2022/07/17
+A
-A
بغداد: محمد الأنصاري
دعا رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي إلى تعزيز لغة الحوار بين دول المنطقة، مشدداً على أن "الأزمات في المنطقة تستدعي التعاون بين كل الدول"، مقترحاً إنشاء «بنك الشرق الأوسط للتنمية والتكامل» بمشاركة من دول المنطقة لتأمين وتنفيذ المشاريع الستراتيجية فيها وتحقيق الرخاء والاستقرار لشعوبها، في وقت رحبت فيه الدول المشاركة في قمة جدة التي اختتمت في المملكة العربية السعودية أمس السبت بالدور العراقي الإيجابي في المنطقة.
وعاد رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي والوفد المرافق له إلى أرض الوطن مساء أمس السبت بعد مشاركته في (قمة جدة).
كلمة العراق
وقال الكاظمي في كلمته خلال «قمّة جدّة للأمن والتنمية»: "نلتقي اليوم وسط تحديات إقليمية ودولية حساسة، وأيضاً وسط آمال وتطلعات كبيرة أن تثمر جهود التعاون ومدّ جسور الثقة وتغليب لغة الحوار؛ من أجل تحقيق بيئة مستقرة تضمن الحياة الكريمة لشعوب المنطقة".
وأضاف، "لقد كان للعراق، بتعاون أشقائه وجيرانه وأصدقائه دور أساسيّ في محاربة الإرهاب والانتصار على عصابات «داعش» ولكن لا يزال أمامنا طريق إضافيّ لاقتلاع جذور الإرهاب، ما يستدعي تعزيز الجهود الوطنية والإقليمية والدولية لوضع ستراتيجية شاملة لمكافحة الإرهاب وتجفيف منابع تمويله عبر التعاون الأمنيّ المشترك وتبادل المعلومات
والخبرات".
وبين أنَّ "منطقة الشـرق الأوسط تضررت بصورة ملموسة من تبعات التغيير المناخيّ وأزمة المياه ومخاطر التصحّر، مضافاً إلى ذلك كلّه التحديات الصحية إثر ظهور وانتشار الأوبئة مثل جائحة كورونا"، مشدداً أنَّ "كل هذه الأزمات تستدعي أن نتحرك معاً متكاتفين للتصدي
لها".
وفي الشأن العراقي الداخلي، قال رئيس الوزراء: "يقترب عمر النظام الديمقراطي الدستوري في العراق من العقدين، عقب عقود من الدكتاتورية، وهذه الديمقراطية الناشئة لا تزال تتقدم رغم التحديات والأزمات الكبيرة. ولكن لا تزال هناك مصاعب سياسية بعد الانتخابات، وهذا ما يؤكد الحاجة للحفاظ على القيم والمبادئ الديمقراطية في الحياة العامة، وهو مسار يستلزم المزيد من الوقت وتراكم الخبرات".
وأضاف، "يسعى العراق إلى تعزيز بيئة الحوار في منطقتنا، ويعد أنَّ أجواء التعاون الاقتصادي والتنسيق الأمني بين جميع الأشقاء في المنطقة تخدم بشكل مباشر مصالح شعبنا كما تخدم مصالح كل شعوب المنطقة".
وأكد أنَّ "اللقاءات والمؤتمرات الثلاثية التي جمعت العراق بجمهورية مصر العربية والمملكة الأردنية الهاشمية قد أنتجت رؤيةً مشتركةً لفتح مديات التعاون والتكامل في مجالات مختلفة"، وأضاف "كما كان «مؤتمر بغداد للتعاون والشراكة» معبراً عن الروابط التاريخية التي تجمع بين كل دول المنطقة، وقد خطا العراق ودول مجلس التعاون الخليجي خطوات مهمةً لتمتين علاقاتهم الرامية إلى تحقيق التكامل في مختلف المجالات، ومن هذا المنطلق، أبرمنا مجموعة اتفاقات للربط الكهربائي مع المملكة العربية السعودية ومع دول مجلس التعاون الخليجي، وكذلك الربط الكهربائي مع المملكة الأردنية الهاشمية وجمهورية مصر العربية".
وتابع، "وقد قمنا بمبادرات لتعزيز الحوار والتعاون والشراكة في المنطقة، والعراق ماض بهذا المنهج الذي يصب في مصلحته الوطنية ومصلحة المنطقة بشكل عام"، مبيناً أنه "في هذا السياق يدعم العراق مسار الحوار والمفاوضات لإبعاد الأسلحة النووية عن منطقة الشرق الأوسط وجعلها منطقةً آمنة بما يصبّ في مصلحة دول المنطقة والعالم بأسره".
وفي الشأن الفلسطيني، قال الكاظمي: إنه "في هذا الصدد تبرز أولوية إيجاد حلّ شامل وعادل ودائم للقضية الفلسطينية، بما يلبي الطموحات والحقوق المشـروعة للشعب الفلسطيني، وضرورة وقف جميع الإجراءات العدوانية والانتهاكات والاعتداءات بحق الشعب الفلسطيني"، وأوضح أنَّ "العراق يؤكد أنَّ حلّ الصـراع على أساس قرارات الشـرعية الدولية هو السبيل الوحيد لتحقيق الاستقرار في المنطقة".
وأشار إلى أنَّ "العراق يدعم الهدنة في اليمن القائمة بصفتها بدايةً مثمرةً لإنهاء الأزمة اليمنية وعودة الاستقرار"، وأضاف، "كما يدعم العراق الجهود الإقليمية والدولية الرامية إلى حلّ الأزمة السورية"، وبين أنَّ "العراق يجدد وقوفه إلى جانب لبنان من أجل تجاوز أزمته السياسية
والاقتصادية".
وفي سياق التعاون البيئي بين العراق والدول الشقيقة، ذكّر الكاظمي بأنَّ "العراق رغم أنه يبقى منتجاً مهماً للنفط، ولكن شرياننا الاقتصادي هذا يزيد من تحدياتنا البيئية، لذلك نعمل بسـرعة على استثمار الغاز الذي يُحرق في حقول النفط، كما نوسّع نطاق الاستثمار في الطاقة
البديلة".
وبين أنَّ "دولنا التي تشكل الأجيال الشابة نسبتها الكبرى تواجه استحقاقات مضافةً لجهة فهم متطلبات هذه الأجيال التواقة إلى التقدم والإنجاز والتكامل مع الآخر، وتطلعاتها إلى استثمار الإمكانيات، وتحويل الأزمات إلى فرص نجاح".
وقال رئيس الوزراء: إنه "في هذا السياق، يقترح العراق إنشاء «بنك الشـرق الأوسط للتنمية والتكامل» بالشـراكة مع دول مجلس التعاون الخليجي ومصـر والأردن"، مبيناً أنَّ "البنك يهتم بالتنمية الإقليمية المستدامة عبر تمويل المشاريع في البنية التحتية التي من شأنها أن تساعد في ربط اقتصادات المنطقة، ويضع البنك في أولوياته تطوير شبكات الكهرباء الإقليمية، وخطوط أنابيب النفط والغاز، وشبكات الطرق السـريعة، والموانئ والمطارات والصناعات الثقيلة ذات السوق الإقليمية الواسعة، كما يموّل مشاريع في مجال إدارة الموارد المائية والتصحّر والتخفيف من آثار التغيّر
المناخي".
البيان الختامي
وصدر في ختام «قمة جدة للأمن والتنمية» أمس السبت، بيان مشترك للدول المشاركة فيها «العراق والولايات المتحدة الأميركية ومصر والأردن ومجلس التعاون لدول الخليج العربية»، وأكد القادة المشاركون في القمة، "دعمهم الكامل لسيادة العراق وأمنه واستقراره، ونمائه ورفاهه، ولجميع جهوده في مكافحة الإرهاب"، كما رحب القادة "بالدور الإيجابي الذي يقوم به العراق لتسهيل التواصل وبناء الثقة بين دول
المنطقة".
كما رحّب القادة "بتأكيد الرئيس الأميركي جوزيف بايدن على الأهمية التي توليها الولايات المتحدة لشراكاتها الستراتيجية الممتدة لعقود في الشرق الأوسط"، وأكد القادة "رؤيتهم المشتركة لمنطقة يسودها السلام والازدهار، وما يتطلبه ذلك من أهمية اتخاذ جميع التدابير
اللازمة في سبيل حفظ أمن المنطقة واستقرارها"، وجدد الرئيس بايدن "التأكيد على التزام الولايات المتحدة بالعمل من أجل تحقيق السلام العادل والشامل والدائم في الشرق الأوسط"، وأكد القادة "ضرورة التوصل لحل عادل للصراع الفلسطيني- الإسرائيلي على أساس حل الدولتين"، مشددين على "أهمية المبادرة
العربية".
وأشاد القادة "باتفاقيات الربط الكهربائي بين المملكة العربية السعودية والعراق، وبين مجلس التعاون لدول الخليج العربية والعراق، وبين المملكة العربية السعودية وكل من الأردن ومصر، والربط الكهربائي بين مصر والأردن والعراق".
كما أكد القادة "أهمية تحقيق أمن الطاقة، واستقرار أسواق الطاقة"، وجددوا "إدانتهم القوية للإرهاب بجميع أشكاله ومظاهره، وعزمهم على تعزيز الجهود الإقليمية والدولية الرامية لمكافحة الإرهاب والتطرف العنيف".
ورحب القادة "بالهدنة في اليمن، وبتشكيل مجلس القيادة الرئاسي"، معبرين عن "أملهم في التوصل إلى حل سياسي وفقاً لمرجعيات المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية"، وأكد القادة "ضرورة تكثيف الجهود للتوصل لحل سياسي للأزمة السورية"، وعبروا "عن دعمهم لسيادة لبنان، وأمنه واستقراره، وجميع الإصلاحات اللازمة لتحقيق تعافيه الاقتصادي"، وجدد القادة "دعمهم للجهود الساعية لحل الأزمة الليبية"، كما أكدوا "دعمهم لجهود تحقيق الاستقرار في السودان"، وبالنسبة لسد النهضة الأثيوبي، عبر القادة "عن دعمهم للأمن المائي المصري"، ورحب القادة "باستعدادات دولة قطر لاستضافة كأس العالم 2022م، وجددوا دعمهم لكل ما من شأنه إنجاحها"، وأكدوا "التزامهم بانعقاد اجتماعهم مجدداً في المستقبل".
وشارك في «قمة جدة» كل من رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي، الرئيس الأميركي جوزيف بايدن، ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني، الرئيس الإماراتي محمد بن زايد آل نهيان، أمير قطر تميم بن حمد آل ثاني، ملك البحرين حمد بن عيسى آل خليفة، ولي عهد الكويت مشعل الأحمد الجابر الصباح، وممثل سلطان عمان أسعد بن طارق
آل سعيد.
لقاء مع بايدن
وكان رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي التقى على هامش القمة، الرئيس الأميركي جوزيف بايدن، وأكد "الزعيمان خلال اللقاء التزامهما المتبادل بالشراكة الثنائية القوية بين العراق والولايات المتحدة، وفقاً لاتفاق «الإطار الستراتيجي»، وعزمهما على المضي بالتنسيق الأمني؛ لضمان عدم عودة «داعش» من جديد".
وذكر بيان للمكتب الإعلامي لرئيس الوزراء، أنَّ "الكاظمي بحث مع بايدن عدداً من القضايا الإقليمية، واتفقا على أنَّ العلاقة بين العراق والولايات المتحدة تستند إلى المصالح المشتركة، وتعزيز سيادة العراق، وسلامة أراضيه، وأمنه، واستقراره، والالتزام بتقوية الشراكة الثنائية بالنحو الذي يصب في مصلحة البلدين".
وشدد الطرفان "على أهمية تشكيل حكومة عراقية جديدة تستجيب لإرادة الشعب العراقي، واحترام ديمقراطية العراق واستقلاله؛ حيث أكد الرئيس جوزيف بايدن على الأهمية التي توليها الولايات المتحدة؛ لوجود عراق مستقر وموحد ومزدهر وذي سيادة، ويشمل ذلك إقليم كردستان".
وتابع البيان أنَّ "الزعيمين جددا التزامهما باتفاق «الإطار الستراتيجي» لعلاقة الصداقة والتعاون بين جمهورية العراق والولايات المتحدة الأميركية، الذي ينظم مجمل العلاقة السياسية والاقتصادية والثقافية والأمنية بين البلدين"، وأعاد الرئيس بايدن، بحسب البيان، "التأكيد على دعمه للعراق في معركته ضد الإرهاب"، وأكد أنَّ "عراقاً قوياً قادراً على الدفاع عن نفسه، يمثل عنصراً أساسياً لتحقيق الاستقرار في
المنطقة".
وأضاف، "كما أكد الزعيمان أيضاً أهمية تقوية المؤسسات الديمقراطية العراقية بالنحو الذي يمكن القوات الأمنية العراقية من تحقيق الأمن والاستقرار في العراق والمنطقة"، وعبر الرئيس بايدن عن "امتنانه لجهود العراق لإعادة العراقيين من الأسر والأطفال وتأهيلهم، فضلاً عن محاكمة إرهابيي «داعش» العراقيين، من سوريا، وعن ترحيبه بالمزيد من التعاون لمعالجة هذه القضية الحرجة".
وناقش الكاظمي وبايدن "أهمية الدور الإقليمي للعراق، ولاسيما في تسهيل التواصل وبناء الثقة بين دول المنطقة، وعلى وجه الخصوص، أثنى بايدن على الجهود الدبلوماسية المهمة التي قادها الكاظمي لتعزيز المزيد من الاستقرار والازدهار والعلاقات بين دول المنطقة، وإن الاتفاقات التاريخية التي تمت مؤخراً بين العراق وهيئة الربط الخليجي ستوفر الطاقة بأسعار مناسبة للعراق، وتساعده في مساعي الإيفاء باحتياجات مواطنيه".
كما أعاد بايدن، بحسب البيان، "التأكيد على الأهمية التي توليها الولايات المتحدة لبناء اقتصاد عراقي مزدهر ومتنوع، يكون مترابطاً مع منطقته ومع النظام الاقتصادي العالمي، وقادراً على تلبية الاحتياجات الأساسية للشعب العراقي"، وأكد الزعيمان "أهمية مكافحة الفساد؛ من أجل بناء الثقة بالمؤسسات العراقية الرسمية، وكذلك دعم النمو الاقتصادي".
وناقش الزعيمان الجهود المشتركة لتعزيز التنمية المستدامة لموارد المنطقة؛ لمعالجة تأثيرات التغيّر المناخي وبضمنها اختلال الأمن المائي، وتوسيع التنسيق العراقي الأميركي بشأن تطوير قطاع الطاقة والإصلاح الاقتصادي".
ورحب بايدن "بمبادرة الكاظمي لقيام السعودية وإيران بعقد مباحثات في بغداد، وعبّر الرئيس الأميركي عن تثمينه للدبلوماسية الإيجابية لرئيس الوزراء، التي تصب في إيجاد منطقة أكثر أمناً واستقراراً".
من جانبه، أكد رئيس الوزراء "التزامه بالمضي قدماً في المبادرات الساعية للتقريب بين جيران العراق وأصدقائه من أجل التوصل إلى معالجات محلية للتحديات الإقليمية، وتحقيق الاستقرار المستدام".
حوار القادة
كما التقى رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي، على هامش القمة، الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، والرئيس الإماراتي محمد بن زايد آل نهيان، وأمير قطر تميم بن حمد آل ثاني، وملك البحرين حمد بن عيسى آل خليفة، وبحث الكاظمي مع القادة قضايا المنطقة والملفات ذات الاهتمام المشترك.
وكان رئيس الوزراء وصل إلى جدة في المملكة العربية السعودية مساء أمس الأول الجمعة، حيث كان في استقباله ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، ووقع العراق والسعودية اتفاقاً بشأن توفير الطاقة الكهربائية بشكل مستقر وبكلف مخفّضة عبر الاتفاق مع هيئة الربط الخليجي.
ترحيب سعودي بالدور العراقي
وأشاد بن سلمان في كلمته الافتتاحية لقمة جدة، بتوقيع اتفاقية الربط الكهربائي بين العراق والسعودية والخليج، وقال: "متفائلون بما حققه العراق في الفترة الأخيرة من أجل تحقيق الرخاء والاستقرار لشعبه".
بدوره، رحب وزير الخارجية السعودي فيصل بن فرحان في المؤتمر الصحفي الذي عقده عقب القمة، بالدور العراقي المهم في المحادثات بين المملكة وجمهورية إيران الإسلامية، ورداً على سؤال لأحد الصحافيين، أشار بن فرحان إلى أنه "لم يُطرح ولم يُناقش أي نوع من التعاون العسكري أو التقني مع إسرائيل، ولا يوجد أي شيء اسمه (ناتو عربي)".