الميناء.. الذي أحببناه

الرياضة 2022/07/18
...

 علي رياح
 
 بعض الحقائق الخالدة في الذهن والوقائع الراسخة في القلب، تبعث الذاكرة الرقمية من رقدتها، وتبثّ فيها مزيجاً من الفخر والألم!.
حين كنت اتتبع التحولات المريرة في مسيرة الميناء في الدوري هذا الموسم بالذات، وما آلت إليه تقلبات الزمن مع أول نادٍ انتزع لقب الدوري من أندية بغداد الكبيرة العتيدة، كان السؤال الذي يلاحقني: لماذا كلما سئل عاشق بغدادي للكرة في عهود مضت عن فريقه المفضل الذي يؤازره أو ربما يتعصب له، كان يردف ذكر ذلك الفريق بطرف آخر لابد من إظهار الإعجاب به وهو (الميناء)؟!
السر لا يكمن فقط في عراقة الميناء كونه شريكاً للقوة الجوية في الانتساب إلى (91) سنة مضت، ولكن الأمر ينسحب إلى مواسم من التألق البصري كانت فيها الفيحاء تسحب بساط التألق وحتى الزعامة من أندية العاصمة وكان فيها منتخب المحافظة يتفوق على المنتخب العراقي، فيضع المسؤولين في اتحاد الكرة ومدرب المنتخب واللاعبين تحت مقصلة النقد الذي كان لا يرحم، ولكن باتزان وذوق وموضوعية!
السر نفسه دفعني خلال اليومين الماضيين إلى التنقيب عن رقم لا يمكن لأي نادٍ عراقي، في بغداد أو غيرها أن يحققه.. رقم ربما بات في عِداد المستحيلات الكروية العراقية التي قد لا نشهد له كسراً في يوم من الأيام.. لقد أحصيت المدة الزمنية التي أمضاها فريق الميناء من دون أن يتعرّض للخسارة في مباراة في الدوري، ووجدت (مفخرة) أخرى يستحق صناعها أن يتوّجوا بها مشاويرهم مع السفانة.. لقد أمضى الميناء (672) يوماً متتالياً بالتمام والكمال دونما خسارة
 في الدوري!
وفقا لما احتفظ به من هوامش، فإن حساب تلك المدة يبدأ بعد الخسارة القاسية التي تلقاها الميناء أمام الزوراء والتي استقرت على خمسة أهداف مقابل هدف واحد في مباراة أجريت في يوم الجمعة الموافق للحادي عشر من آذار 1977 ، وكانت موقعة استثنائية وعجيبة، فلقد كان مقرراً أن تقام في ملعب الكشافة، وتسبب زحف الجمهور واختراقه كل بوابات الملعب وجلوسه عند خطوط التماس في الملعب إلى اتخاذ قرار التأجيل لتقام لاحقاً بدخول مجاني! 
بعد تلك المباراة جاء الموسم (1977 - 1978) الذي أحرز فيه الميناء لقب الدوري بجدارة كاملة من دون أن يخسر، وامتد الحال حتى الجولة الخامسة من دوري الموسم التالي (1978 - 1979)، ليتخلى الميناء عن سجله الفذ النادر بخسارة أمام نادي الأمانة بهدف وحيد.. كان ذلك يوم الاثنين الموافق للخامس عشر من كانون الثاني 1979.
أن كانت عثرات الزمن، وأخطاء القيادة، واحتدام العلاقة داخل البيت الواحد في السنوات الأخيرة قد دفعت بالميناء إلى مكان لا يليق به، ولا يليق بحبنا له، فإن محنته لن تنتزع أبداً كل تاريخه البهي، ونجومه الأفذاذ، ومزاياه الرقمية من القلوب.. ومن سجلات الفخر!