عندما يبدع الكرخيون

الرياضة 2022/07/19
...

خالد جاسم
 حَتى زمن قريب كانت جماهيرنا الكروية تترقب بشوق ولهفة موعد رفع الستارة عن مسرح أحداث بطولة كروية كبيرة ومهمة لا تقل في حجمها ومساحة أهميتها عن بطولة دوري الدرجة الأولى ( الممتاز في ما بعد ) , وهذه البطولة هي بطولة كأس العراق التي كانت تجمع أندية الدرجتين الأولى والثانية بل وحتى الدرجة الثالثة في بعض المواسم في مشوار تنافسي جميل ومثير جدا , وكثيرا ما كانت تنتهي العديد من جولات ومواجهات الصراع في تلك البطولة الأثيرة والراسخة في أرضنا الكروية المعطاء بنتائج تقترب من المفاجآت المدوية مع ما يثمر عنها من فرص إبداع حقيقية تتجسد في تألق وبروز الكثير من المواهب التي لم تسنح لأصحابها فرص إثبات الجدارة في مباريات الدوري, كما شجعت البطولة على تفجر الطاقات الكامنة والمواهب الحبيسة في دوري الدرجة الثانية أو دوري المظاليم كما يقولون لتكون بطولة الكأس رئة التنفس و- كارت - الشهرة للكثيرين , ومع عودة الروح الى مسابقة الكأس بعد مواسم شطبها من المنهاج السنوي لم يتوقع كثيرون أن تتساقط الفرق الكبيرة  في الأدوار المتتابعة لبطولة هذا الموسم حيث نجح ناديا الكرخ والكهرباء وعن جدارة حقيقية في التأهل الى المباراة النهائية التي جرت يوم السبت الماضي على ملعب المدينة وحظيت باهتمام إعلامي لافت وتوج فيها الكرخيون أبطالاً عن استحقاق منطقي فرضته مجريات المواجهة الساخنة رغم هدوء المدرجات .  هذا الفوز الكبير واللقب الغالي للكرخيين لأول مرة لم يأت من فراغ بقدر ارتكازه على جملة معطيات راسخة,  فالادارة الناجحة في الرياضة تكاد تلامس من حيث المبدأ والقيمة قاعدة سياسية مهمة تقول إن السياسة هي فن الممكن ,أي العمل بكل ما هو متاح ومتيسر من أجل تحقيق الهدف أو الغاية, ومن هنا سجلت الهيئة الادارية لنادي الكرخ موقفا مشرفا يتناسب وعراقة النادي ومكانته الكبيرة عندما قررت التحامل على جراحات الأزمة المالية الشديدة وإطلاق مشاركات فرقها المتميزة عطاء وإنجازات في سماء مسابقات البطولات المحلية ,وهو موقف يحسب للادارة الكرخية كما هو يحسب لأبناء النادي من رياضيين وإداريين لأنهم تضامنوا مع الإدارة في قاسم مشترك واحد هو التضحية والتحدي والعنوان المقدس : مصلحة الكرخ أولاً وأخيراً , هي تضحية بالكثير من المتطلبات المادية التي تفرضها آليات التعاقد والمرتبات والمخصصات والتجهيزات وغيرها, وهو تحد لأن حاضر ومستقبل النادي البغدادي العريق صار على المحك بطريقة مجبر أخاك لا بطل لكن قوة الإرادة والعزم والتصميم صارت سيدة الموقف فكسب الكرخيون كعائلة رياضية واحدة رهان التحدي الصعب والعصيب وقرروا المضي إلى أمام بثقة وفق التعاطي مع واقع الحال بما هو متوفر من إمكانات ذاتية ولم يكتفوا بمجرد الحضور الشكلي أو الكفاح من أجل البقاء في ظل افتقاد صفوفهم إلى اللاعبين النجوم والمحترفين بل وصاروا مضرب الأمثال في التحدي والعطاء عبر سلسلة من العروض المبهرة والنتائج المتميزة التي أهلتهم في الصمود القوي والشرس في قافلة الدوري الممتاز ثم إحراز كأس العراق . كرة الكرخ التي صارت العلامة الأكثر تميزاً في دوري الكرة الممتاز أكدت أن الإدارة الناجحة والمدرب الكفء الذي يتجسد بنموذج المثابر أحمد عبد الجبار الذي سار على خطى أستاذه الراحل الكابتن كريم سلمان والمواهب الشابة التي تضع العطاء والتضحية فوق العناوين الأخرى جديرة كلها في صنع النجاح الكروي رغم أنف الاحتراف والمحترفين وادعاء الشطارة في التدريب والمهارة في الإدارة .