حسن العاني
في عام 1986 توليت مسؤولية أحد أقسام التحرير في جريدة (.....)، وقد بعث لي رئيس التحرير (رحمه الله) مقالة من صفحتين لكاتب غير معروف، مع توصية يذكر فيها بأن الكاتب (يهمه) جداً وأنه أطلع شخصياً على المقالة ووجدها تناسب المرحلة.
انتهيت من قراءة المقالة ثم أعدت قراءتها للمرة الثانية، فوجدتها تحت خط الفقر لغةً واسلوباً ومضموناً، ولو كتبت عليها (غير صالحة)، فسيعيدها لي رئيس التحرير مع رجاء مهذب أن أقوم بتصحيحها وإعادة صياغتها ودفعها للنشر، ولهذا فكرت بطريقة أتخلص فيها من الحرج وأرفض المقالة، حيث قمتُ بحساب عدد كلمات المقالة فوجدته (220) كلمة، ثم بدأت بإحصاء الجمل أو العبارات المكررة، فظهر لي بأن عبارة (السيد رئيس الجمهورية، القائد العام لقوات المسلحة، المهيب الركن صدام حسين حفظه الله ورعاه) والمؤلفة من (14) كلمة قد تكررت (5) مرات، أي أن هذه العبارة أخذت (70) كلمة من المقالة، بينما تكررت جملة (حزب البعث العربي الاشتراكي) 9 (مرات)، أي أن هذه الجملة أخذت (36) كلمة من المقالة، أما مصطلح (الوحدة والحرية والاشتراكية) فتكرر (4) مرات بواقع (12) كلمة من المقالة، ولكن الحصة الأكبر كانت من نصيب العبارة التالية إن (تحرير فلسطين وكامل الأراضي المحتلة في الجولان والاسكندرونة والجزر الثلاث في الخليج العربي، هو الهدف المركزي للحزب القائد ولجميع المناضلين الشرفاء في الوطن العربي)، وقد تكررت هذه العبارة مرتين، أي بواقع (50) كلمة من المقالة.. وبهذا يصبح مجموع المفردات أو الكلمات المكررة( 70 + 36 + 12 + 50))، أي أن هناك (168) جملة أو عبارة مكررة من أصل (220) كلمة، وبمعنى مختصر أن المقالة تضم (52) مفردة فقط، و(168) مفردة مكررة.. وكتبت إيضاحاً وافياً لرئيس التحرير شرحت فيه أسباب اعتراضي على المقالة، وقد أزعجه ايضاحي فقام بنشر المقالة وأصدر أمراً بنقلي إلى قسم الإعلانات!
بعد عشرين سنة، أي في عام (2006) حدث معي موقف مماثل تماماً في صحيفة أخرى، حيث بعث لي رئيس التحرير مقالة مع توصية جاء فيها {الزميل حسن العاني، صاحب هذه المقالة ينتمي إلى (الجبهة الفلانية) وكسبه إلى جانبنا مفيداً جداً}، وبعد قراءة المقالة المؤلفة من (174) مفردة، اكتشفت أن الكاتب سرق (172) كلمة، أما الكلمتان الزائدتان فهما اسمه ولقبه، وحين رفعت تقريراً إلى رئيس التحرير، استشاط غضباً، وتولى نشر المقالة في مكان متميز، وقام بنقلي إلى قسم السواق!