حدود مهنية

الرياضة 2022/07/20
...

علي حنون
معلوم أن تداعيات حالة القلق، التي تعيشُها معظم المنظومات المجتمعية طالت أيضاً المنصات الصحفية والإعلامية، التي وعوضاً عن قيادتها للرأي العام وصياغتها بالكلمة الصادقة المُنصفة والمهنية، موقفاً يأخذ الجمع باتجاه الوقوف على رأي عام بصدد قضايانا الرياضية، فإن مُعظمها أخذ يسير بالاتجاه المُعاكس بعدما ارتضى من يتصدى للمسؤولية فيها، ولموجبات يعتقد بها أو ربما ضعفاً، أن يكتفي بتسويق الآراء الأخرى، التي غالباً ما تأتي من الذين لا علاقة مباشرة لهم ولا رؤية يُعتد بها في صناعة القرار، فأمست منظومة صنع القرار في جانب الإعلام الرياضي إحدى المشكلات، التي يُعاني الوسط الرياضي تداعياتها. 
وعندما يَقول (محسوب على الإعلام) أن الشارع الرياضي يُريد منا ذلك، فإن الأمر يُشير إلى وجود خلل في المنظومة الإعلامية، التي يَنتمي لها (صاحبنا)، لأننا نَتطلع إلى إعلام إيجابي، إعلام يَقود ولا يُقاد، أو يَنقاد، والذي نَقصده، بالقيادة ليس الفلسفة الوظيفية، مسؤول ومرؤوس وإنما نَنشد إعلاماً يُؤثر بإيجابية في تَوجيه الرأي العام الرياضي، من خلال تَسليط الأضواء أمام الجماهير لتَقف بوضوح، على الحقيقة من زاوية موضوعية وشفافة، فَالجَماهير، بمثابة حالة تُعاني من عدم وضوح في الرؤية، ذلك أن حماستها الكبيرة، ورَغبتها الحاضرة للإطلالة، فقط من باحة النتائج الإيجابية، يجعلانها تَرفض الحقائق، التي تَنتجُها الظروف، من هُنا يَتجلى دور الإعلام في تَوضيح الصورة أمام المُؤازرين عبر التأكيد على مواقع القوة في الفريق، مع الإشارة إلى مواطن الوهن، ولكن بدلالة التَقويم وليس التركيز عليها لغايات غير مهنية.
وفق ذلك، علينا التَعاطي إعلامياً مع مختلف الأمور، من خلال تيقننا كمنظومة صحافية، حدودنا الواقعية وليست الافتراضية وأن للآخرين أيضاً حدوداً، وأن درجة الالتزام بتلك الحدود، تُؤشر درجة احترامنا للمعايير المهنية، وتأسيساً على ما جئنا عليه، وفي جانب اختيارات اللاعبين من قبل المدربين، فإنه حري بنا أن نُدرك أن الواقع لن يَتغيّر وأن اختياراتهم (أي المدربين) من أبسط حقوقهم الفنية، وأن (التسويق) لفرض أسماء بعينها، هو أمر سَيجعل المُدربين يتمسكون أكثر بما يعتقدون أنه الرأي السديد وأيضاً من باب عدم فتح نافذة التدخل برؤيتهم في هذا الجانب، وكذلك لأنه يُؤسس لرأي عام ربما يَسير باتجاهات، تأخذ من جرف الحالة المعنوية للمدرب في مرحلة ربما تكون مُهمة وتَتَطلب فيها الحال، الابتعاد عن هكذا تَوجهات.
لذلك نَجد أن مُساندتنا،كشركاء، لمن بيده الأمر وتَعضيد قراراته وفق منظور مهني وبما يُعبد السبيل أمام رؤيته الفنية فيه من الإنصاف المَطلوب الشيء الكثير، طالما أنه هو من سيقف أمام أصحاب الشأن، رافعاً راية المسؤولية ولطالما أيضاً أن الأمر يجري في حدود حقوقه المهنية، ولأن إطلاق وجهات النظر المُتباينة في عديد المواقف، سيكون بمثابة سلاح يُصيب صاحب الرأي في مَقتل، وكذلك يُؤثر سلباً في الحالة المعنوية للاعبين، لذلك علينا أن نعي كصحافة وإعلام أن شراكتنا تُفرض علينا أن نُدرك أننا إضافة إيجابية سواء بالتقييم من أجل التقويم أو من خلال رصد السلبيات بهدف إيجاد الحلول الناجعة لها.