الصناعات الشعبيَّة العراقيَّة وضرورة الحفاظ عليها

فلكلور 2022/07/21
...

 قاسم خضير عباس 
 
لقد اشتهر الصانع العراقي منذ أقدم العصور بالمهارة والكفاءة، وتميز إنتاجه اليدوي بالبراعة والدقة، ةمن البديهي أنَّ وجود أي حرفة يدوية أو صناعة شعبية في بلدٍ ما دليلٌ ماديٌّ وملموسٌ على أصالة ذلك البلد وعمق جذوره الحضاريَّة.
تأتي أهمية الصناعات الشعبيَّة العراقيَّة من أنها كثيرة التنوع ومتعددة الأصناف والأشكال, وهذا ناتجٌ عن اختلاف مناطق العراق بعضها عن البعض من الناحية الجغرافيَّة والسكانيَّة، فالحرف والصناعات الشعبيَّة في شمال العراق تختلف اختلافاً واضحاً عن تلك التي في وسطه وجنوبه وغربه وشرقه.
والتقسيم الحرفي للصناعات الشعبية ارتبط بالجغرافيا خصوصاً توفر المواد الأولية المستعملة في تلك الصناعات والحرف، ففي المنطقة الشماليَّة حيث الجبال والمقالع الحجرية والغابات والمراعي الكبيرة والواسعة نجد أنَّ هذه المنطقة تتميز بصناعاتها الشعبية المتمثلة بالنحت على الحجر والرخام والحفر على الاخشاب، فضلاً عن الصناعات الفخاريَّة والحياكة والتطريز وصناعة النحاسيات والأنسجة المصنوعة من المرعز والبسط والسجاجيد الصوفية، وتمتاز هذه المنطقة بصناعة متميزة هي (الجبنة، او الكجا) وهي نوعٌ من البسط غير المنسوجة بل المضغوطة.
أما أهم المدن والقصبات التي تشتهر بالصناعات المذكورة آنفاً فهي: الموصل, كركوك, سليمانية, دهوك, سنجار, عمادية, عقرة, قره قوش, طوز خورماتو.
أما إذا انتقلنا الى الجنوب حيث غابات النخيل والقصب والبردي فنجد الحرف اليدوية والصناعات الشعبية الآتية: الحصران, السلال, الحبال, صناعة المشاحيف, السجاد, البسط من الصوف والمرعز، وأهم المدن المنتجة لهذه الصناعات هي (البصرة, العمارة, الديوانية, الناصرية, السماوة).
أما المنطقة الوسطى من العراق فتتوفر فيها معظم المواد الأوليَّة التي تُجلب إليها من الجنوب والشمال أو الموجود فيها أصلاً، فقد ظهرت في هذه المنطقة الحرف اليدوية والصناعات الشعبية الآتية: (الكاشي والموزائيك والمرمر والتطريز والفخاريات والنحاسيات والبسط والسجاد والصياغة الذهبية والفضية والتي برع بها الصابئة وخصوصاً صياغة الفضة المطعمة بالميناء).
وأهم مراكز هذه الصناعات: (بغداد, الحلة, كربلاء).
وبغية الحفاظ على هذا التراث الضخم يتطلب الأمر تأسيس (متحف للأزياء والمأثورات الشعبية في العراق) وقيام لجانٍ من ذوي الخبرة والاختصاص بالتحرك داخل العراق من أقصاه الى أقصاه لجمع وشراء الأزياء الشعبيَّة والصناعات والمواد الاثنوغرافية بغية تنسيقها وعرضها في المتحف المذكور وذلك للحفاظ على أصالة هذه الأزياء والحرف والصناعات الشعبيَّة، وبالتالي يكون هذا المتحف واجهة لمختلف الصناعات الشعبية العراقية، لا سيما أنَّ أغلب الصناعات الشعبية أخذت بالاندثار إنْ لم تكن قد اندثرت فعلاً بسبب الظروف التي مرَّ بها العراق منذ العام 1980 وحتى يومنا هذا.
وعلى الجهات الحكومية تشجيع الصناعات الشعبية والحفاظ عليها وإقامة المتاحف والمعارض لها وإيجاد أسواق عالمية لها، ما يؤدي الى انتعاش هذه الصناعات وما يترتب عليها من مردودات مالية تصب في الدخل القومي، والأمر كذلك يتطلب إعادة عضوية العراق في (مجلس الحرف العالمي) والمجلس هذا مؤسسة عالميَّة ثقافية مرتبطة بمنظمة اليونيسكو تشارك فيه اكثر من مئة دولة كاعضاء ومساهمين ومشاركين في المؤتمرات الدولية التي يعقدها المجلس ويعمل المجلس على التعريف بالحرف اليدوية والصناعات الشعبية للهيئات والمؤسسات والدول المنضمة إليه عن طريق النشرات التي يوزعها والتي تضم أخبار وصور الصناعات الشعبية لأعضائه على أكثر من خمسمئة عنوان في مختلف أنحاء العالم، كما يعمل المجلس على تبادل الخبرات والتدريب والمشاهدة والمساهمة في تحسين الإنتاج اليدوي الشعبي والإكثار من الصناعات الشعبيَّة وتعميمها وتبادلها وفتح الأسواق العالميَّة لتصريفها. علما ان العراق كان عضواً في هذا المجلس منذ العام 1970 وقطع صلته بالمجلس المذكور بعد اندلاع حرب 1980.
على الحرفيين الشعبيين أنْ يعملوا على تحسين نتاجهم والمحافظة على أصالة صناعاتهم الشعبية وإبراز تراث العراق الحضاري في كل ما ينتجون ويصنعون.