تونس والدستور الجديد

الرياضة 2022/07/23
...

علي حسن الفواز
يشهد بعد غدٍ الاثنين استفتاءً شعبياً على الدستور التونسي الجديد، وهو ما يضع الشعب التونسي أمام حدث تاريخي، قد يدفع باتجاه معطيات واقع مغاير، أو باتجاه صراعات من الصعب السيطرة عليها، لاسيما أنّ النُخب التونسية وجدتْ نفسها بين موالاةٍ ومعارضةٍ غير مسبوقة.
الدستور الجديد الذي أراده الرئيس التونسي مدخلاً إلى تاريخ مفارق، لم يجد قبولاً من قطاعات تونسية واسعة، أغلبها من اليسار ومن النقابات ومن القوى الديمقراطية، وبقطع النظر عن طبيعة عمل اللجان الاستشارية القانونية والاقتصادية والاجتماعية التي عملت على صياغته، فإنَّ الواقع التونسي يواجه تحديات كبيرة، وجد فيها البعضُ عودةً إلى المركزية الحكومية، مثلما وجد فيها بعضٌ آخر تهديداً للمكتسبات الديمقراطية التي حصل عليها التونسيون بعد أحداث التغيير عام 2011.
القبول أو الرفض الشعبي للدستور يعني الذهاب إلى خيارات سياسية معقدة، لاسيما ما يتعلّق بحلّ مجلس القضاء والبرلمان، وتشكيل حكومة جديدة، وصولاً إلى الدعوة لانتخابات مبكرة سيسعى الرئيس قيس سعيّد من خلالها إلى الإطاحة بخصومه السياسيين، ومنهم حزب النهضة الذي تحوّل إلى ضحية لرهان التحولات السياسية العاصفة.
تعقيدات المشهد التونسي تكشف عن أزمة الحوار السياسي، وعن عدم قدرة القوى السياسية على استثمار "الحالة الثورية" و"المزاج الديمقراطي" بعد سقوط دكتاتورية الرئيس الأسبق زين العابدين بن علي، إذ كشفت عن أزمات وصراعات و"تصفية حسابات" ذهب ضحيتها عدد من الناشطين السياسيين، ومنهم محمد البراهمي المنسق العام لحزب التيار الشعبي، وشكري بلعيد الأمين العام لحزب الوطنيين الديمقراطيين الموحد، والتي فتحت الباب على صراع غرائبي بين الجماعات الأصولية والجماعات اليسارية.
ولأنَّ هذه الاغتيالات ظلت بعيدة عن "العقوبة" التي تناسبها، وعن معالجة بيئتها السياسية والثقافية، فإنَّ البحث عن تأطير قانوني صارم، هو ما دفع الرئيس التونسي إلى وضع الملف القضائي على رأس أولوياته في الدستور الجديد، وفي البحث عن ستراتيجيات تضمن سلطته الرئاسية من جانب، وتمنع المعارضة من قطع الطريق على إصلاحاته وتوجهاته الراديكالية من جانب آخر.