مضخة الحرارة وسيلة تدفئة.. فهل تنصحني بها؟

علوم وتكنلوجيا 2023/01/04
...

 ترجمة واعداد: أنيس الصفار

 راشيل كورزيوس

إن كنت قد سمعت عن مضخة الحرارة ولكنك لا تزال غير قادر على فهم ما هي فإنك لست وحيداً في هذا. ففي مناطق مثل السويد وسويسرا كانت هذه المضخات منذ وقت طويل خياراً شائعاً ومستحسناً للسيطرة على درجات الحرارة داخل المنازل. لكن مضخات الحرارة لم تكتسب شيوعاً في الولايات المتحدة إلا مؤخرا، بسبب أزمة الطاقة العالمية وتزايد الوعي بأن الأنظمة العاملة كلياً بالكهرباء تكون أكثر كفاءة من مواقد التسخين التقليدية ومكيفات الهواء العادية.                             

كذلك اكتسبت صورة هذه المضخات دفعاً خلال الصيف مع اقرار قانون خفض التضخم، الذي يتضمن حوافز شجعت على اقتنائها.

لقد نجح التطور التكنولوجي في جعل مضخات الحرارة أكثر فعالية حتى في الأجواء شديدة البرودة، وفي ظل التوقعات باستمرار ارتفاع تكاليف الطاقة يدرس مزيد من الاميركيين مالكي المنازل الآن فكرة نصب هذه المضخات كطريقة ممكنة لخفض فواتير الطاقة والخدمات. لكن هل سيكون اقتناء مضخة حرارة لمنزلك مناسباً لك؟ الأمر يعتمد على مجموعة من العوامل والمتغيرات، وفي ما يلي فكرة تمهيدية.

ما هي مضخة الحرارة وما هو مبدأ عملها؟

برغم ما يوحيه اسمها فإن مضخة الحرارة قادرة على القيام بالأمرين معاً، تدفئة المكان أو تبريده حسب الحاجة. تعمل هذه المضخات على مبدأ "نقل الحرارة" من مكان إلى آخر بدلاً من توليدها، ففي الأجواء الباردة يقوم هذا الجهاز بضخ الحرارة من خارج المنزل إلى داخله لتدفئته، حيث تعمل الوحدة المنصوبة في الخارج على "استخلاص" الحرارة من الهواء البارد وإرسالها عبر خط التبريد المتصل بالوحدة الأخرى المركّبة داخل المنزل. يتعرض الهواء الدافئ "المستخلص"، أثناء انتقاله للضغط بمكبس "كومبريسر" على طول الطريق وهذا يرفع درجة حرارته أكثر قبل دفعه إلى منزلك. 

أما في الأجواء الدافئة، فإن المنظومة تفعل العكس: أي أنها تمتص الحرارة من الهواء الدافئ داخل المكان وتضخه إلى الخارج (وهو المبدأ ذاته الذي تعمل به أجهزة تكييف الهواء اعتيادياً).

هذا كله يثير بالطبع سؤالاً منطقياً: أين ستجد مضخة الحرارة الدفء في الخارج في أجواء الشتاء كي تستخلصه وتدفعه إلى داخل المبنى؟ 

من المعلوم أن الطاقة الحرارية تبقى موجودة في الهواء والأرض، حتى في أشد ظروف البرد قسوة، لأن الحرارة تبقى موجودة طالما بقيت درجة الحرارة أعلى من الصفر المطلق (الصفر المطلق يساوي -273 درجة مئوية). من طبيعة الحرارة أنها تنتقل من الأجسام الأكثر دفئاً إلى الأكثر برودة، وهذه هي الطريقة التي يجتذب بها سائل التبريد الحرارة إلى منظومة الضخ. بيد أن مضخات التدفئة، شأنها شأن أي نظام تدفئة آخر، سوف تضطر للعمل بجهد أعلى كلما كان الجو أكثر برودة، وهذا الجهد سينعكس على كمية الطاقة المستهلكة، وبالتالي في فواتير الكهرباء.

لماذا إذن تعتبر مضخات الحرارة اكثر كفاءة في استهلاك الطاقة؟

مضخات الحرارة أكثر كفاءة في استهلاك الطاقة من المواقد التي تعتمد على الوقود الاحفوري، وحتى من أجهزة تكييف الهواء المعتادة، أولاً لأنها تعمل بالطاقة الكهربائية فقط. ثانياً لأنها لا تقوم بتوليد الحرارة فعلياً، بل تسحبها ثم تنقلها من موضع إلى آخر، ولهذا السبب يكون استهلاكها للطاقة أقل من وسائل التدفئة الأخرى، وحتى من أجهزة التبريد أيضاً.بما أن مضخات الحرارة تستخدم المعدات المستخدمة نفسها في أجهزة التدفئة والتبريد الأخرى، فإنها ستكون ملائمة كذلك من حيث احتياجاتها إلى الصيانة والتصليح، أي أنك لن تقلق بشأن توفير القطع المطلوبة لها.

ما هي الأنواع المختلفة من مضخات الحرارة؟

• مضخات "من الهواء إلى الهواء": هذا هو نوع مضخات الحرارة الأكثر شيوعاً وهي تقوم بأخذ الحرارة من الهواء الخارجي ثم تدفعها الى الداخل، وهي توزع الهواء داخل المنزل عبر قنوات تعد لها كما هو الحال في أنظمة التدفئة والتبريد المركزي. فإن كانت لديك في المبنى قنوات تهوية جاهزة قد يكون هذا هو النوع الذي يناسبك. 

• أجهزة السبلت الصغيرة: هذه الأجهزة تستخدم تكنولوجيا "من الهواء إلى الهواء" نفسها ولكنها لا تحتاج إلى قنوات لتوزيع الهواء، بل هي أشبه بأنظمة التسخين والتبريد المركزي، وتعادل كل منها وحدة تكييف من النوع الذي يركب على 

النافذة. هذا النوع يكون أكثر مناسبة لمن يرغب في التحكم بدرجات الحرارة لكل ركن من المنزل على حدة. 

• مضخات الحرارة الجوفية: هذا النوع هو الخيار الأعلى كلفة بكثير. تنقل المضخات الجوفية الحرارة من نقطة عميقة داخل الأرض عبر أنابيب ممتدة تحت الأرض حتى توصلها إلى المنزل. وهناك أنواع من هذه المضخات تستمد الحرارة من مصدر مائي، ولكنها عدا ذلك تعمل بالطريقة نفسها.

هل تنصحني باقتناء مضخة حرارة؟

هناك عدد من العوامل التي ينبغي اخذها بنظر الاعتبار قبل اتخاذ القرار باستبدال نوع نظام التدفئة أو التبريد الذي لديك بمضخة حرارة. أولا عليك التفكير بمناخ المنطقة التي تعيش فيها لأن أفضل اداء لمضخات الحرارة يكون في الاجواء المعتدلة، ولو أنها قادرة على العمل بكفاءة في المناطق ذات الشتاء القاسي أيضاً. خذ النرويج مثلاً، فهذا البلد معروف ببرودته ومع هذا تركب 60 بالمئة من المباني فيه مضخات حرارة. فبفضل التقدم التكنولوجي أصبحت مضخات الحرارة اليوم قادرة على العمل بكفاءة عالية في درجات حرارة شديدة الانخفاض، كما يقول "مايكل تايلر" كبير المحللين في الوكالة الدولية للطاقة المتجددة.

الشيء المهم الذي ينبغي أخذه في الحسبان بخصوص مضخات الحرارة هو أنها تعمل بأفضل قدرتها في الأبنية الكونكريتية، وحيث تتخذ الاجراءات الأخرى المتعلقة بتحسين كفاءة المبنى حرارياً، مثل وجود العوازل على الجدران وحول النوافذ والأبواب. أما إذا كان المبنى قديماً ونوافذه تسمح بمرور تيارات الهواء، فإن مضخات الحرارة لن تحوله في لحظات إلى ملاذ دافئ من البرد.

يقول تايلر إن نصب مضخة حرارة في بناية ما ينبغي أن تسبقه دراسة شاملة لوضع تلك البناية، لأن تركيب هذه المضخات ليس قراراً عاجلاً يتخذ في لحظة أزمة طارئة. نصب مضخة حرارة لمنزلك قد يزيح عنك قسطاً ملحوظاً من تكاليف الطاقة، ولكن عليك أيضاً حساب المبلغ الابتدائي الذي ستستثمره فيها، لأن تكاليف نصب مضخة من النوع الأول (من الهواء إلى الهواء) يمكن أن تتراوح بين 7 آلاف و15 ألف دولار.

عن صحيفة واشنطن بوست