د. عماد البدران
هناك العديد من الرموز الأميركية الشهيرة التي انتشرت عبر العالم ولأعوام خلت، وكانت دليلاً واضحاً على أن أغلب بلدان العالم قد وقعت في الفخ الثقافي الغربي الأميركي، سواء أكان بشكل مكشوف أم بشكل خفي انساب وتسلل إلى المجتمعات، وسواء أكان عن عمد أم لا، بالنتيجة حقق الرمز مبتغاه وهدد هويات الشعوب ذات الارث الحضاري العظيم والهوية الواضحة مثل مجتمعاتنا العربية الاسلامية، وقد انسابت بشكل ساحر ومؤثر ونشرت ثقافتها تحت عنوانات القرية العالمية الواحدة، التي قادتها نظرية العولمة، وكانت أدوات التنفيذ الناجحة، شئنا أم أبينا، وسائل الاتصال الحديثة الموبايل وامثاله والبرامج التي ضمتها شبكة المعلومات الدولية، وكان عنوانها العريض وسائل التواصل الاجتماعي التي تقودها شركات ارباح رأسمالية ضربت عصفورين بحجر واحد، فمن جانب حققت الأرباح، ومن آخر اخترقت الشعوب وأحدثت هزات عميقة بثقافاتها ومبادئها وعقائدها ونواميسها، وها نحن اليوم نُشاهد علم المثلية القوس قزحي يرفرف في بلداننا نعم يغزو حياتنا، دخل وانساب لكياننا الاجتماعي، وهو يبحث عن داعمين له يشترون بضاعته السافلة الساقطة، وعلى الرغم من قوة المقاومة التي قادتها المؤسسات الدينية والثقافية ورفضه ديناً وعرفاً، إلا أن ادارته الذكية تمكنت وتحت مسميات غريبة عجيبة من أن تكسب لها جمهوراً، بل رواداً لحركتها الداعرة، وهي تضع الشذوذ الجنسي تحت عنوان المرض الجسدي الهورموني أو النفسي وأن المجتمعات قبلت شواذها كونهم يعانون، وراح الإعلام يكسب عواطف أغلب الأسر على أن يكون التعامل مع هذه الظاهرة بشكل يقبلهم ويستوعبهم كجنس جديد ثالث أو ما شابه ذلك من المسميات (مجتمع ميم)، وهو تجمع للمثليين والمثليات والمنظمات التي تدعمهم وترعاهم، لجعل وجودهم شرعياً وقانونياً، وتوفر لهم القوانين التي تحافظ على كيانهم وتنميه، وترعى حقوقهم التي دعمها وروّج لها الغرب، وبذا تأتي خطورة هذه الظاهرة من كونها أصبحت تنساب إلى المنازل والمؤسسات التربوية والشوارع والميادين، وعلى الرغم من أنها وجدت لها مقاومين، إلا أنها بدأت تستفحل كونها تخاطب اللذة والمتع التي قادها الشيطان منذ عهد قوم لوط، ونحن نستطيع معرفة ذلك وإدراكه عندما نفتش عن رموز أميركية نشطة رصدها المعسكر الشرقي، بل حتى دول العالم النامية فقد وجدوا فيها تهديداً ثقافياً وسياسياً واقتصادياً لتعزيز شكل الهيمنة الأميركية الرأسمالية وهذه الرموز كانت تخاطب اللذة المقبولة لدى الشعوب، التي يمكن أن يكون وجودها قانونياً، على الرغم من أنها رموزٌ حديثة، أصبحت لصيقة بالحضارة الأميركية مثل سلسلة مطاعم الوجبات السريعة (ماكدونالدز)، التي تأسست عام 1940 في اميركا وانتشرت فروعها في اكثر من 121 دولة حوالي 30 الف فرع، وأصبحت مداخيلها بالمليارات، ويعمل فيها حوالي 465 ألف عامل، ثم يأتي الوجه الآخر، الذي مثل اداة كسب للثقافة الأميركي، وهو عالم الترفيه (والت ديزني) الشهير وما أسسه عبر العالم من سلسلة المدن الترفيهية (والت ديزني لاند) الذي استطاع كسب الاجيال لشكل الثقافة الغربية الأميركية، وما تركته من أثر على هوية الشعوب، التي قاومتها كما كان يقاومها السوفييت وحاولوا قدر الامكان التصدي لنفوذها، الذي اخترق منظومتهم الشيوعية وها هي روسيا اليوم بعد حربها ضد أوكرانيا تعلن استغناءها عن الشكل الاقتصادي الأميركي (سلسلة مطاعم ماكدونالدز) وتختار للمطاعم البديلة اسم(فكو سنو إي توتشكا)، مستغنية عن التأثير الأميركي وتعلن العودة إلى الهوية القومية الروسية، ولا أريد التهويل لكنه الواقع ان تكون مستقلاً باقتصادك وهويتك، اذ حارب الرئيس الروسي بوتين الشكل الثقافي المتميع والمنحل للمثليين، ورفض أن يحول روسيا إلى شكل مخنث، لذلك لا نستبعد أن تبتلع رموز الحضارة الأميركية، هويتنا إذ لم نحسن الاختيار والانتقاء.