علي حسن الفواز
لا حدود واضحة بين الحرب والسلام، ولا يوجد منطق أو معيار يمكنه التحكم بتوصيف الحرب، أو بتوصيف السلام، لأن خلط الأوراق بين المفهومين يسمح بالتعمية، وإبقاء السلام عند حافة الحرب، ووضع الحرب عند السياق المؤجل للسلام..
احتفال الكوريين الشماليين بالعام الجديد، أثار كثيراً من اللغط والأسئلة، حول طريقتهم بالتعاطي مع تلك الثنائية، فبقدر ماحملته دعوة الرئيس الكوري الشمالي من تهديد نووي، ومن استعراض جعل القوة عنوانها، فإن البحث عن السلام في جنوب شرق آسيا، سيكون خياراً عقلانياً وضرورياً لمواجهة صناعة مرعبة لحرب « الشرق النووي».
تعهد الرئيس الكوري بـ»زيادة مضاعفة لإنتاج الأسلحة النووية، إلى جانب تطوير نظام صاروخي باليستي آخر جديد عابر للقارات» يٌقرّب فرص الحرب، ويُبعد فرص السلام، ويقترح «منطقة الغام» مابينهما، والتي قد تدفع الجميع إلى التورط بها، والدخول في مواجهة ساخنة، تتجاوز حدودها السياسة والاقتصاد والسلم العالمي، إلى فرضية البحث عن «منتصر ملعون» و» خاسر مخذول» وكلاهما سيضعان العالم عند مراثٍ كونية من الصعب توصيفها، وربما تختلط تداعياتها مع حروب أخرى، قد تذهب بهم إلى أزمات أكثر رعباً للطاقة والغذاء والجغرافيا.
الولايات المتحدة منزعجة من هذا الوعيد الكوري، كما أن اليابان والجارة كوريا الجنوبية يعيشان «فوبيا الحرب» تلك التي يمكنها حرق الأرض، وتقويض الأنموذج الرأسمالي غير التقليدي للدولتين، كما أن الخشية من الصمت الصيني، قد يُقلِق هذه الدول، لأنه سيُفسَّر كحماية للخيار الشمالي، أو ربما تستخدمه الصين ورقة ضغط في حربها التجارية ضد الولايات المتحدة، فضلاً عن أن الموقف الروسي سيظل مرهوناً بحساب مصالح حربها في أوكرانيا، والذي يمكنه منع أيّ قرار دولي ضد كوريا الشمالية..
حسابات السياسة في هذا الصراع ليست بعيدة عن الحرب، ولا عن السلام، فالتحديات، والغضب، قد يُضببان الموقف، ويرسمان أفقاً غائماً في المنطقة وفي العالم، فالشماليون يملكون ترسانة كبيرة من الصواريخ ذات الرؤوس الحربية النووية، واستخدامها في ضرب أهداف محددة، يعني فتح أبواب الجحيم على الجميع، حيث لا تنفع حينئذ التحالفات الأمنية، ولا الأساطيل التي تجوب المحيطات، ولا حتى سياسات الردع النووي التي تفرض توصيفها الولايات المتحدة على الآخرين.