بغداد: حيدر الجابر
تشهد تجارة المخدرات رواجاً غير مسبوق، مع صعوبة السيطرة على الحدود، ونشاط التجارة المدعومة عالمياً، وهو ما يهدد بتحول العراق من ممر لتجارة المخدرات إلى مقر للترويج والتعاطي.
ففي عام 2022 تم إلقاء القبض على 15 ألف متهم بتجارة وترويج وتعاطي المخدرات، وضبط أكثر من 400 كيلو غرام من المواد المخدرة، 80 % منها مادة الكريستال.
ويبلغ سعر الغرام من هذه المواد بين (30 ـ 50) ألف دينار، وقد يصل إلى 90 ألف دينار، وتستهدف تجارة المخدرات الشباب بين (15 ـ 35) سنة.
وقديماً كان العراق يوصف بأنه دولة ممر للمخدرات، وليس دولة مقر، إلا أنه تحول إلى سوق رائجة لتجارة وتعاطي المخدرات، وهو ما دعا وزارة الداخلية إلى استنفار ملاكاتها ووضع ستراتيجية خاصة لمكافحة انتشارها.
وقال المتحدث باسم وزارة الداخلية اللواء خالد المحنا لـ(الصباح): إن "مشكلة المخدرات مشكلة كبيرة وتمثل تهديدا خطيرا للمجتمع العراقي، وخلال فترة محددة تحول العراق إلى دولة تنتشر فيها المخدرات، وصارت مشكلة حقيقية تواجه المواطنين نتيجة زيادة عدد المتعاطين للمواد المخدرة والمؤثرات العقلية"، وأضاف أن الوزارة "اعتبرت هذا التهديد خطراً جدا ويكاد يكون الأول من نوعه الذي يواجه المجتمع العراقي".
وأكد المحنا "وضع ستراتيجية خاصة لمكافحة المخدرات من خلال تدعيم المديريات الطبقية مثل مديرية مكافحة المخدرات ودعمها لوجستيا وبشريا وإداريا، والإيعاز إلى جميع تشكيلات الوزارة بضرورة مكافحة المخدرات"، وكشف عن أنه "خلال المدة الماضية تم ضبط كميات كبيرة من المخدرات وإلقاء القبض على آلاف المتهمين ".
كما أعلن المحنا وجود إجراءات أخرى منها "تدعيم المديريات المجتمعية ومنها مديرية الشرطة المجتمعية، ومديرية شؤون العشائر، والإيعاز بضرورة التفتيش والتوعية بخطر المخدرات، وحث المواطنين على الإبلاغ عن المروجين والمتاجرين بها".
وبحسب قانون المخدرات والمؤثرات العقلية، يعاقب المتعاطي بالحبس مدة لا تقل عن سنة ولا تزيد على ثلاث سنوات وبغرامة مالية لا تقل عن خمسة ولا تزيد على عشرة ملايين دينار.
بينما أعطى القانون فرصة للمتعاطين بعدم إقامة أي دعوى جزائية على من تقدم من متعاطي المواد المخدرة والمؤثرات العقلية إلى المستشفيات المختصة من تلقاء نفسه.
وأعلن المتحدث الرسمي باسم وزارة الصحة سيف البدر قرب افتتاح مركز لتأهيل المدمنين في محافظة الديوانية، مؤكداً الحاجة إلى مراكز جديدة وكوادر متخصصة في هذا الشأن. وقال البدر لـ(الصباح): إن "دور وزارة الصحة هو دور صحي طبي في مكافحة المخدرات، وتم تشكيل اللجنة العيا لمكافحة المخدرات برئاسة وزير الصحة وعضوية الجهات المعنية مثل وزارات الداخلية والتجارة والزراعة والجمارك والمنافذ الحدودية والمخابرات والأمن الوطني"، وأضاف أن "دور وزارة الصحة يتعلق بإعادة تأهيل المدمنين والتعامل معهم بصفتهم مرضى، وتجري إعادة تأهيلهم طبيا ونفسيا واجتماعيا"، وكشف عن تنفيذ عملية تاريخية قبل عدة أيام، بإتلاف أكبر كمية من المخدرات بتاريخ العراق في منطقة نائية في
بغداد.
وتابع البدر أن "وزارة الصحة مستمرة بافتتاح مراكز التأهيل، لأن أعدادها لا تتناسب مع الزيادة الخطرة في أعداد المتعاطين والمدمنين"، وبين "قريبا سيتم تحويل مركز القناة للأزمات إلى مركز لتأهيل المدمنين، إضافة إلى المراكز التي تم افتتاحها، إذ يوجد مركز واحد في الأقل في كل محافظة"، وأكد أن "من أولويات الوزارة زيادة هذه المراكز، وقريبا سيتم افتتاح مركز في الديونية".
وختم البدر بالإشارة إلى الحاجة إلى زيادة عدد المراكز وإلى توفير ملاكات مدربة بشكل خاص.
وحذرت الناشطة في مجال مكافحة المخدرات (إيناس كريم) من أن المخدرات تحولت إلى آفة عالمية، مبينة أن آفة المخدرات في العراق حديثة العهد، إلا أنها أصبحت من أهم المشاكل التي تواجه المجتمع.
وقالت كريم لـ"الصباح": إن "العالم يعاني من أخطر أشكال الدمار الإنساني الذي يتمثل في انتشـار الاتجار غير المشروع بالمخدرات، وتعاطيها واتساع دائرة الإدمان عليها"، وأضافت أنها "تؤدي إلى إهدار الصحة العامة للإنسان وتدمير الأفراد والأسر والمجتمعات، وتزيد من معدلات الجريمة والعنف والفساد"، مؤكدة أن "مشكلة المخدرات لم تعد ظاهرة محلية تختص أو تنفرد بها دولـة معينـة دون غيرها، وإنما هي آفة عالمية في أبعادها ومتعددة الجوانب". وتابعت كريم وهي رئيسة منظمة (نقاهة) لمعالجة إدمان المخدرات، أن "آفة المخدرات في العراق حديثة العهد وانتشرت بشكل كبير سواء في تجارتها أو تعاطيها، وأصبحت من أهم المشاكل التي تواجه بلدنا الحبيب"، وأكدت أنها "مفتاح الجرائم كالسرقة والقتل والاعتداء والدعارة وغيرها، ناهيك عن الأضرار النفسية والعقلية والسلوكية والبدنية والصحية التي يتعرض لها متعاطوها".