زيد الحلي
في مثل هذه الأيام من كل عام، يشهد العراق "بانوراما" رائعة من الطبيعة، لم يتسن للعديد من دول العالم أن تحظى بها، وأقصد هنا، مجموعة من الطيور المهاجرة الجميلة التي وجدت في شتاء العراق، لا سيما في جنوبه وأهواره مكاناً رحباً، إذ تفد آلاف منها لتستقر في شهري كانون الأول والثاني، حاملة معها البهجة والجمال، مثل طائر "الفلامنكو" الذي يترك موطنه الأصلي، ويقطع مئات الأميال ليحط في العراق، فماذا قدمنا لضيوف العراق من الطيور المهاجرة، الباحثة عن أجواء الدفء وقصب ومياه الأهوار؟ لم نقدم لها شيئاً، بل قمنا باصطيادها وذبحها.. عجيب!.
إن مناطق الأهوار، وهي تزخر بالمياه في السنين الخوالي، قبل أن تنحسر بسبب الإهمال، وسوء التدبير الرسمي، كانت ملأى بالأسماك النهرية والكثير من الأحياء المائية الأخرى، وأنواع مختلفة من النباتات، وأهمها القصب والبردي، ونتيجة لاعتدال مناخها تقصدها آلاف الطيور المهاجرة التي تستقر وتتكاثر فيها خلال فصل الشتاء، ومع بداية فصل الصيف تعود تلك الطيور إلى مواطنها
الأصلية.
وهنا، أسأل: هل أدرك القائمون بأعمال صيد تلك الطيور، تأثير ذلك على منظمات وجمعيات الرفق بالحيوان أو الطير، المنتشرة في كل أنحاء العالم؟، والتي تحظى بشعبية دولية، ذات ثقل مجتمعي مؤثر حتى في القرارات السياسية، وهل يدرك من يقوم بهذا الفعل تأثير ذلك في مشروع اعتبار الأهوار محمية عالمية؟، فالصيد الجائر الذي يهدد بإبادة (ضيوف) العراق من الطيور، ربما يكون سبباً في رفع اسم العراق من قائمة التراث العالمي الذي وضعته منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونسكو)، إذ تعد الأهوار نقطة استراحة وتوقف لآلاف الطيور المهاجرة.
لقد تسنت لي مشاهدة أسراب من الطيور المهاجرة قبل نحو سنتين، وهي تحجب الشمس مع بداية فصل الشتاء لدى تحليقها نهاراً فوق أطراف مدينة العمارة قبل أن تحط في مناطق الأهوار، لتشكل لوحة طبيعية أخاذة، بل نادرة، لكننا لم نكن على قدر هذه المسؤولية الربانية والطبيعية التي حبانا الله بها!.