علي حسن الفواز
الجنيه المصري يواجه تحديات التراجع القياسي، ويُثير حوله جدلاً ولغطاً يتداخل فيهما تأثّر الواقع المصري بما يجري في العالم من أزمات وصراعات، وربما بخفايا يمكن أن تضع إدارة سياسات الاقتصاد في مصر أمام مشكلات معقّدة من الصعب تحمّل تداعياتها..
الخوف من السياسي لا يقلّ شأناً عن الخوف الاقتصادي، فكلا الخوفين له أقنعة، وأشباح قد تُشعل الحرائق هنا أو هناك، وهذا ما يُثير المخاوف من حدوث موجات للغلاء والتضخم، على ارتفاع أسعار المواد الغذائية، وبالتالي تحويل هذه الأزمة إلى عراقيل أمام برامج إنعاش السياسة الاقتصادية «المركزيَّة» للرئيس السيسي.
فبقطع النظر عن معرفة أسباب هذه الأزمة، وحدّة بروزها، فإنَّ مؤشرات ما يجري قد تدفع البعض لـ «الظنّ» بوجود يدٍ خفية، تتحرك في الظل، وتجعل من درس تأزيم الواقع الاقتصادي في مصر، درساً يتقصّد منه «الانتباه» إلى مراعاة ضبط إعدادات السياسة، وإلى التحرّك بحذر في إدارة ملفات السياسة والدبلوماسية، وبعكسه، فإنَّ ملفات أخرى يمكن فتحها، تخصّ ما هو اجتماعي وتأهيلي وثقافي، وحتى عسكري.
القراءة الفاحصة للأزمة، قد تجد في هذه الهواجس ما يبررها، لاسيما أنَّ بلداً مثل مصر، بدوره التاريخي والحضاري والقومي، وبثقله الديموغرافي الكبير، له الحق في أن يجعل من حديث المصالح أمراً مشروعاً، على مستوى إعادة النظر بعلاقاته الدولية، وبآفاق تنميته، ومنها ما يتعلّق ببرامجه التسليحية، وبالتحالفات الجديدة في العالم وفي المنطقة، فضلاً عما يتعلّق بالعلاقة بـ»روسيا» و»إيران» لاسيما بعد لقاء الرئيس السيسي مع وزير الخارجية الإيراني في مؤتمر بغداد2 الذي عُقِد في عمّان..
الهبوط القياسي للجنيه، والذي تخطى الـ»32» جنيهاً للدولار الواحد، أصاب حركة الأسواق والتعاملات التجارية والبنكية بالشلل، وفتح أبواب الحديث عن أزمات محتملة تتعلّق بالغلاء والتضخم، والتي ستنعكس على وقائع الحياة المصرية التي تعاني- أصلا- من صعوبات ومديونيات كبيرة، رغم أنَّ مصر قد التزمت بسياسة «صندوق النقد الدولي» بغية الحصول على القرض الجديد، والبالغ ثلاثة مليارات دولار، واتباع سياسة الاقتصاد المرن، بهدف مواجهة أزماتها الاقتصادية الداخلية، فضلاً عن التخفيف من تأثّرها بالتداعيات الاقتصادية الصعبة لـ»حرب الدونباس» بين روسيا وأوكرانيا.