بيروت: جبار عودة الخطاط 

تطورات متلاحقة ومؤلمة تشهدها الساحة اللبنانية، فالليرة سجلت صباح أمس السبت تدهوراً تأريخياً غير مسبوق إزاء جنون الدولار الذي لامس عتبة الخمسين ألف ليرة، واندلعت احتجاجات شعبية على خلفية توقيف ناشط مدني، وبينما تفيد آخر المعطيات بخصوص جلسة الحكومة المثيرة للجدل بأن رئيس الحكومة ميقاتي قرر التريث في عقدها يوم غد الاثنين لبضعة أيام، التقى وزير خارجية إيران حسين عبداللهيان بالأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله لبحث تهديدات إسرائيل عقب تشكيل حكومة نتنياهو المتطرفة. 

السوق اللبنانية اشتعلت وواصلت أسعار المواد الأساسية طفراتها الفاحشة على وقع هستيريا الدولار وما تفرزه من حالة تضخم وغلاء كبيرين، وسجل سعر صرف الدولار في السوق الموازية حتى ساعة كتابة التقرير صباح أمس السبت 49,200 ليرة في وقت فقدت فيه أجور اللبنانيين أكثر من 80 بالمئة من قدرتها الشرائية وباتت القطاعات الشعبية تطالب بتشريع حد أدنى للأجور يوازي صعوبة المعيشة التي أصبحت العبء الأكبر الذي ينوء به المواطنون.

إلى ذلك، دعا "المرصد الأوروبي للنزاهة في لبنان" عبر حسابه الخاص في مواقع التواصل الاجتماعي "الجمهورية اللبنانية ومواطنيها إلى تقديم دعاوى جزائية أمام المحاكم المختصة وذلك من أجل تحميل المذنبين المسؤولية"، ورأى المرصد أن "الدعاوى الجزائية هي السبيل الوحيد الذي يسمح باستعادة الأموال التي يحتجزها (مصرف لبنان) والمصارف الأخرى ، في وقت تمنع فيه المصارف المواطن اللبناني من الوصول إلى ودائعه ومدخراته".

في غضون ذلك، أقدم عددٌ من المحتجّين على إقفال المسلك الشّرقي للأوتوستراد في "كفرعبيدا" بالإطارات المشتعلة، احتجاجاً على توقيف النّاشط "وليام نون"، كما قطع عددٌ من المتحجّين طريق الصيفي باتجاه الدورة، والطّريق على المسلك الغربي لأوتوستراد "جبيل" قبالة مفرق كنيسة سيدة مارتيم، احتجاجاً على توقيف "نون" من قبل المديريّة العامّة لأمن الدّولة، وأغلق عددٌ من أهالي ضحايا انفجار مرفأ بيروت والنّاشطين، الطّريق أمام مقرّ مديريّة أمن الدّولة في "الرملة البيضاء"، حيث يتواجد الناشط الموقوف.

بالتوازي اعتبر نائب رئيس مجلس النواب الياس بو صعب أن "توقيف الناشط وليام نون بهذا الشكل الفاضح غباءٌ مشكوك بأمره وبهدفه غير البريء"، ولفت في تصريح له عبر مواقع التواصل الاجتماعي إلى أنه "لا تفرض هيبة القضاء بهذه الطريقة، فالقضاء الذي لم يتحمل كلام وليام المعترض على إخفاقاته ومجلس القضاء الأعلى الذي لم يجد حلاً لاستكمال التحقيق بجريمة المرفأ لا يفرض احترامه بهكذا تصرف وسيهزم أمام وليام وقضيته". 

في الشق السياسي، مازالت حالة الشد والجذب تهيمن على مسألة عقد مجلس الوزراء لجلسته الإشكالية، فكما يبدو يتجه رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي إلى التريث في دعوة مجلس الوزراء للانعقاد إذ تفيد معلومات غير رسمية بتأجيل الجلسة التي كان قد حددها غداً الاثنين بضعة أيام ريثما تنضج مشاوراته بهذا الخصوص لاسيما مع حزب الله، فيما أشارت أنباء صحفية إلى أن التيار الوطني الحر قد يلجأ إلى رد تصعيدي غير مسبوق في حال عقدت الجلسة بحضور وزراء حزب الله وإنه قد يعيد النظر بتفاهم "مار مخاييل" مع الحزب.

في الأثناء، التقى وزیر الخارجیة الإيراني حسين أمير عبد اللهيان، الأمين العام لحزب الله في لبنان السيد حسن نصر الله، خلال زيارته إلى بيروت. وذكرت وكالة الأنباء الإيرانية "إرنا" أن عبد اللهيان بحث مع نصر الله مساء أمس الأول الجمعة، "آخر تطورات المنطقة خاصة لبنان وفلسطين"، وأضافت أنه جرى في اللقاء تبادل وجهات النظر بشأن التهديدات الإسرائيلية، "واستعداد محور المقاومة للتطورات الإقليمية والدولية الجديدة". وذكر موقع قناة "المنار" التابعة لحزب الله، أن اللقاء استعرض "آخر التطورات والأوضاع السياسية في لبنان وفلسطين ‌‏والمنطقة، وبالخصوص الاحتمالات والتهديدات الناشئة عن تشكيل حكومة الفاسدين والمتطرفين ‏في ‏كيان العدو، وموقعية حركات المقاومة وكل محور المقاومة في مواجهة المستجدات والأحداث ‌‏الإقليمية والدولية". ‏

وكان عبد اللهيان جدد في مؤتمر صحفي فور وصوله إلى لبنان الجمعة، التأكيد على استمرار بلاده "في دعمها القوي للشعب والحكومة والجيش والمقاومة في لبنان"، ودعا "جميع التيارات السياسية للمضي في طريق الحوار والاتفاق نحو انتخاب رئيس واستكمال العملية السياسية".