على بساط المجلس

الصفحة الاخيرة 2023/01/16
...

عبد الهادي مهودر 

عندما يتحول البرنامج المتخصص إلى برنامج جماهيري عابر للحدود فلا بد أن نتساءل عن سر هذا النجاح وأين يكمن، في الفكرة أم بتحقيقه كل وظائف الإعلام، أم لكونه يجمع بين الحرية والمسؤولية، أم في شخصية مقدّم البرنامج؟ ومع استضافة العراق لخليجي 25 في مدينة البصرة حط برنامج (المجلس) رحاله قريباً من ملاعبها بكامل فريقه ومحلليه وفنييه ومعداته وبساطه الأحمر وديكوره الشهير، وعبَر هذا البرنامج الرياضي كل الحدود، حدود الإعلام المتخصص وحدود دولة قطر وقناة الكأس التي يبث منها، ويكاد العراقيون يحملون مقدّم البرنامج الإعلامي خالد جاسم والمحللين على الأكف حتى أن أحدهم وهو العماني أحمد الرواسي، قال: "أشعر كأنني ميسي أو رونالدو بسبب الجماهير العراقية"، وعودة إلى أسباب النجاح، يقول خالد جاسم في حوار مع (العربية نت) "سر النجاح سهل وهو العفوية والتلقائية والبعد عن التمثيل والتصنّع وإزالة الحواجز بين الضيوف والمشاهدين، وإعطاء الضيف حريته وعدم السماح بالإساءة، أما آلية اختيار الضيوف فالأهم أن يكون الشخص حاملاً للطيبة والسماحة"، وهذه ببساطة متناهية وصفة نجاح مجانية لبرامجنا الرياضية الباحثة عن الإثارة كسبيل وحيد للنجاح، والاحترافية في أداء (المجلس) تسير بالتوازي مع تقاليد وأعراف وآداب مجتمعاتنا في المجالس والدواوين العربية، فالبرامج الرياضية ليست حلبات للصراع وتبادل الشتائم، وخير الإعلاميين الرياضيين من يجعل ضيوفه يتحاورون بجدية واحترام وأريحية ويمنحون الجمهور متعة المشاهدة، وشخصية البرنامج ومستواه من شخصية المقدّم وفريقه ودليلنا على ذلك برنامج (الرياضة في أسبوع) للراحل مؤيد البدري الذي لم تصدر منه إساءة واحدة للجمهور العراقي ولا بين ضيوفه طيلة ربع قرن واشتهر بابتسامته المصحوبة بسيمفونية حلاق أشبيلية، وعالمياً كان برنامج (أوبرا وينفري) الذي استمر ربع قرن، ومقدمته التي وصفت بملكة جميع وسائل الإعلام، وصنّفت بكونها (أعظم فاعلة خير سوداء في تاريخ الولايات المتحدة) وبهذه الصفة الخيرية حققت هذا النجاح، ومثلها كان برنامج (لاري كنغ) الأشهر على قناة "سي أن أن" الأميركية لربع قرن أيضاً، والذي اشتهر بحمالاته وأسلوبه التلقائي في مقابلاته التي زادت على خمسين ألف مقابلة مع زعماء ونجوم العالم. وإذا شكّلت خليجي 25 نقطة تحوّل في أسلوب البرامج الرياضية العراقية فالفضل لبرنامج المجلس ومقدمه ومحلليه وضيوفه، وللإعلام الخليجي الرياضي الداعم، لتصلح الرياضة ما أفسدته السياسة، وما كان لخالد جاسم أن يكسب كل هذا الحب العراقي الجارف لو بقي مذيعاً في القسم  السياسي يغطي أخبار الصراعات والحروب ومظاهر الكراهية بين الدول والشعوب، وإذا كان هناك كأس إعلامية تمنح في ختام البطولة فيستحقها برنامج المجلس، وكأس الكؤوس لنجم البطولة الأكبر الجمهور العراقي العجيب بحضوره وكرمه، شكراً لخالد ومجلسه فقد رأينا العراق وبصرته بعيونكم أجمل.