صعوبةٌ بالغةٌ وأخطاء لاتغتفر

الباب المفتوح 2023/01/18
...

  امين قاسم الموسوي

 تصوير: نهاد العزاوي

 شكا طلبة السادس الإعدادي من صعوبة منهج اللغة العربية الجديد الذي يفوق ذهنية الطالب وقدراته على استيعاب مفرداته اللغوية والإعرابية في عتمة ظروفه المعروفة، على الرغم الجهود المبذولة لإنتاج منهج تكاملي يفتح الآفاق المستقبلية لهم في النحو والصرف والادب.

استبدلت وزارة التربية بمناهج اللغة العربية مناهجَ للمرحلتين المتوسطة والإعدادية، معتمدة المنهج التكاملي الذي يفتح آفاقاً أمام الطلبة، لأنه يرى أن اللغة وحدة واحدة في نحوها وبلاغتها ومفرداتها وأساليب تعبيرها، وقد أنجزت الوزارة هذه المهمة ابتداءً من الأول المتوسط حتى السادس الإعدادي، وبذلت جهوداً مشكورة كلفت وقتا ومالاً وجُهداً، وما أريد أن اتناوله هنا هو منهج السادس الإعدادي الذي جاء بجزأين ألفهما أساتذة بذلوا جهوداً مشكورة، حتى جاء المنهج ملتزماً بوحدة اللغة، وقد وجدت بعض ما تجب الإشارة إليه لخدمة عراقنا الحبيب، إِذ ثمة أخطاء أرجح أنها جاءت سهواً لا جهلاً، وتلك هي طبيعة كل عمل، فالكمال لله وحده، وذكر هذه الزلات لا يقلّلُ ما في المنهج من حسنات كثيرة، منها:

1 -جاء المنهج مضبوطة بالشكل ألفاظُه، وإن اعترى بعض علامات الشكل خطأ فهو من خطأ المطبعة لا المؤلف، ومن الممكن تلافيه في الطبعات القادمة بالإشارة من قِبل المشرف العلمي.

2 -من حسنات المنهج أنه ركّز على الأدب العراقي اكثر مما كان في المنهج السابق.

3 -أَحسن المنهج بإدراجه (أدونيس) ضمن مواده، لأنه اسم لا يمكن لدارس الأدب المعاصر أن يتجاوزه، لِما له من شعر ونقد ودراسات في شتى المجالات، مع العلم أن قصيدته التي اختارها المنهج من البحر الكامل، وليست من البسيط كما ذكر المنهج.

4 -(رسالة من أب لاِبنه) نص تربوي تضمّن قيماً وطنية وأخلاقية عالية، ما أحوجنا إليها اليوم!

5 - طباعة المنهج جميلة وواضحة.

أما ما وجدته غير موفق، فهو كثير – للأسف – ولا بدّ من إعادة النظر فيه تعديلاً وتصحيحاً ففي الجزء الأول:

1 - ص14: (مَن وما وأيّ يعرب كلٌّ منها مبتدأ إذا تلاه فعل مبني للمجهول) تجب إِضافة: (... لا يحتاج مفعولاً به)، لأن الفعل المبني للمجهول إِذا احتاج مفعولاً به في الجملة الاستفهامية، فإن اسم الاستفهام يجب أن يعرب مفعولاً به، ولا يجوز اعرابه مبتدأ مثل: ما أُعطي المتفوقُ؟

2 - ص31: (ميّزْ أم المتصلة من المنقطعة، مع إِعرابها)، يجب حذف (مع إعرابها) لأن (أَم) حرف، وكل حرف لا محلّ له من الإعراب.

3 - ص37: (يختم الشاعر الوشاح موشحته ببيت يدعى القفل...) والصحيح هو أن القفلة بيت أو بيتان في نهاية كل دور، وليس في نهاية الموشحة فقط.

4 - ص47: (أما الاسم الذي يدل على النفي، فمثاله قولنا: (ما نال مرتبة الخلو بغير تضحية رضيّة) والصحيح هو أنّ (غير) في المثال جاءت للاستثناء بمعنى (إلا) وليست للنفي إِذ معنى الكلام: (ما نال مرتبة الخلو إِلا بتضحية رضية).

5 - ص52: (وهي – إنْ النافية – تشبه (ما) في المعنى، ولكنها غير عاملة)، والأدق:  وهي غير عاملة غالباً، لأنها في الشعر قد تأتي عاملة.

6 - في التمرين الثامن مِن تمرينات النفي يجب حذف النص السادس لأنه لا نفي فيه، أما ما تحته خط (أَلَما) فهي م.به والهمزة من أصل الكلمة، وليست همزة استفهام، ومعنى (أَلَما) في البيت (وَجَعاً).

7 - ص56 بيت كثير عزة: (ومَن لم...) والصحيح: (ومنَ لا...

8 - (بل الله فاعبد وكن من الشاكرين)، هذه الآية في سورة (الزمر)، وليست في سورة (الرعد) كما ذكر المنهج.

9 - ص102: (الرابطة الأندلسية) والصحيح (العصبة الأندلسية)، وفي الصفحة نفسها معلومة عن ميخائيل نعيمة بأنه عاش بين الولايات المتحدة ولبنان، وسيرة الشاعر تؤكد أنه عاش ردحاً من حياته في روسيا أيضاً.

10 - في موضوع توكيد الفعل بالنون أخطاء، وهي:

‌أ- (هلا تسعِن الى الخير) يكسر العين والصحيح: (تسعَيِنَّ) بفتح العين وعدم حذف ياء المخاطبة مع كسرِها، اذا كان المخاطب مفرداً مؤنثاً، واذا كان المخاطب مفرداً مذكراً فالياء تفتح.

‌ب.(تقولانِّ) فعل مضارع مرفوع وعلامة رفعه ثبوت النون المحذوفة) يجب حذف (ثبوت).

‌ج.(الفعل ينالُن) فاعلُه واو الجماعة المحذوفة التي عُوِضّ منها ضمة قبل نون التوكيد، والصحيح أن الضمة لم تكن تعويضاً، وهي موجودة على الحرف الذي سبق واو الجماعة قبل توكيد الفعل بالنون، وهي ليست تعويضاً عن واو الجماعة المحذوفة.

11 - ص116: يضاف في موضوع زيادة حرف الجر (من) ما يأتي: أو جملة تعجب أو جملة مدح أو ذم، وكذلك في موضوع (ما) الزائدة تعدل العبارة فتصبح: (تأتي (ما) زائدة بعد أدوات الشرط وزيادتها في كل الأحوال جائزة لا واجبة) والكاف تزاد قبل (مثل) أو (أمثال).

12 - لا النافية الزائدة يضاف الى شروط زيادتها: (... وأن تدخل على مفرد أو شبه جملة).

13 - في موضوع المدح والذم، ذكر ثلاثة أنواع لفاعل (نعم وبئس) ونسي النوع الرابع وهو الاسم الموصول.

14 - ص126: (... صار كل شطر في القصيدة الحرة...)، ليس في قصيدة التفعيلة (شطر)، لأنها تعتمد السطر) وليس الشطر.

أما الجزء الثاني من المنهج فيلاحظ ما يأتي:

1.ص4: (يجب الانتباه على دعوات الإصلاح المزيفة التي تهدف في ما تهدف إِليه – الى .... نشر الخلاعة والسفور...) إن عطْف (السفور) على الخلاعة معنى جارح لكثير من أبناء شعبنا العراقي بمسيحييه وصابئته وبعض من شيعته وسنتهِ وبعض من مكوناته الأخرى و... و...، فهل من صالح الفسيفساء العراقية هذا التوصيف الجارح؟!

2.ص7: (ورد في النص مفعول به مقدم وجوباً..)، لم أجد في النص مفعولاً به مقدماً وجوباً.

3.ص10: (ازدحم الشارع... نتعجب منها بـــ (ما أشد أن يزدحم الشارع!) والصحيح ما أشد ما ازدحم الشارع! حتى نحافظ على الزمن الماضي.

4.ص35: (... نعم وبئس تتصل بها تاء التأنيث الساكنة اذا كان الفاعل مؤنثاً)، والأدق أن نذكر أن اتصال التاء بالفعلين جوازاً لا وجوباً.

5.ص41: (وانما توجِز – القصة القصيرة – في لحظة واحدة...) هذا الشرط يحذف لأنه غير دقيق ولا واقعي في اشتراطات القصة القصيرة.

ص42: (... جلال خالد...) أدرجت ضمن القصة القصيرة، واكثر النقاد يعدونها رواية تمثل بداية الفن الروائي العراقي.

6.ص62: كان من الاجدر بالمنهج أن يذكر اسماء بعض من الروائيين العراقيين المعاصرين، كحنون مجيد وعبد الخالق الركابي وطه حامد الشبيب وحميد الربيعي وكاظم الجماسي، ومحمد حياوي... الخ.

7.ص103: (ولد طه حسين 1883) والصحيح 1889.

بقي أمر في غاية الأهمية، لا بد من الانتباه عليه وهو أن المنهج ساوى في مقداره بين الفرعين العلمي والأدبي، عدا المذاهب الأدبية التي تناولها المنهج تناولاً حسناً موجزاً، وهي بمجموعها تقع في حدود صفحات سبع، ولاشك أن في هذا ظلماً كبيراً للفرع العلمي، اذا ما علمنا أن حصص الفرع الأدبي هي ضعف حصص الفرع العلمي، وأظن أن في الأمر سهواً، فالمنهج السابق يقرر العرض والتحضيض والتمني والترجي والاغراء والتحذير، ويخص بها الفرع الأدبي، ولذلك لا بد من كتاب رسمي يعمم على المدارس يحدد ما يخص الفرع الأدبي، كالموضوعات التي ذكرتها، إِضافة الى النداء، وكذلك في مادة الأدب من الحق والأفضل أن يكون موضوع غسان كنفاني وموضوع محمود درويش للفرع الأدبي فقط، والاكتفاء بفدوى طوقان للفرع العلمي من باب إنصاف الأدب النسائي، ولِما في نصها من وطنية وانسانية بأسلوب جميل مؤثر.

ختاماً حبذا أن تناط مهمة الإشراف العلمي بأحد المدرسين لِما في ذلك من أمور يعرفها المدرس بممارسته العلمية، فمَن يأكل العصيّ لا كمن يعدّها، وأنا شخصياً مستعد لهذه المهمة مجاناً، مع العلم أني كنت قد أشرفت على منهج القواعد للسادس الاعدادي في عام 2009 وعام 2013، وما ذلك إِلا لخدمة لغتنا العظيمة وعراقنا الحبيب.