بغداد: مهند عبد الوهاب
تترقب الأوساط البرلمانية والشعبية إقرار البرلمان لقانون العفو العام بعد تعديله، ودعا سياسيون وبرلمانيون إلى المضي بإقرار القانون لما يمثله من أهمية لدى شريحة واسعة من الجمهور لاسيما "السني" من كتلتي "تقدم" و"السيادة"، مبينين أن التوافق السياسي سيكون سيد الموقف من أجل دخول قانون العفو العام حيز التنفيذ.
وقال نائب رئيس اللجنة القانونية النيابية، عبد الكريم عبطان، في حديث لـ"الصباح": إن "الحكومة تشكلت على أساس اتفاق سياسي يتضمن عددا من الفقرات التي تخص جمهور (تقدم) وتحالف (السيادة) وفي مقدمتها إصدار قانون العفو العام وفق مدد زمنية محددة".
وأضاف "أن الفصل التشريعي الثاني انطلق منذ أيام ومضت على تشكيل الحكومة مدة ليست بسيطة ولم نلمس جدية في تنفيذ البرنامج الحكومي المتفق عليه، مما يجعلنا نشكك بجدية تنفيذ ما تم الاتفاق عليه، وهذا الأمر لا يصب في مصلحة الوطن والشراكة
السياسية".
وجدد عبطان مطالبته لرئيس الوزراء محمد شياع السوداني بالإيفاء بالتزاماته التي حددها في برنامجه الحكومي، "ونحن كلنا ثقة بشخصية السوداني السياسية وأخلاقه النبيلة، كما عرفناه من خلال تجربتنا الشخصية معه".
وبين أنه "قبل أيام أصدرت محكمة جنايات الرصافة حكماً بالسجن عشر سنوات بحق (مخبر سري كاذب)"، موضحاً أن "هذا يؤكد ما نتحدث عنه طيلة السنوات الماضية بوجود آلاف الأبرياء بالسجون نتيجة (وشاية المخبر السري) سيئ الصيت"، وأضاف أن "السجون مليئة بالشباب الذين تم اعتقالهم على الشبهات ولأسباب غير معلومة، والبعض منهم قبع في السجن فترة طويلة، ولهذا صار لزاماً الإسراع بتشريع قانون العفو العام وفق الاتفاق السياسي".
النائب عن دولة القانون المنضوية في الإطار التنسيقي، عارف الحمامي أوضح في حديث لـ"الصباح"، أنه "لا يوجد جرد دقيق للمشمولين بقانون العفو العام"، مبيناً أنه "لا يحسب بطريقة عدد المشمولين وإنما بوضع ضوابط للمشمولين، لأن هناك جرائم غير مشمولة منها القتل العمد الذي يحتاج إلى تنازل ذوي المجني عليه وسرقة المال العام وجرائم الإرهاب التي ثبتت على الإرهابي 100 % " .
وأضاف أن "فقرات القانون كثيرة؛ منها إعادة محاكمة (المخبر السري) وفقرات قانونية كثيرة في القانون، وقد وصل القانون إلى مراحل جيدة لا بأس بها في مجلس النواب، وهذا القانون يحتاج إلى توافق سياسي من قبل الكتل السياسية، وبعدها نقرر هل نمضي بالقانون أم لا"، وبين أن "القانون من القوانين التي تحتاج إلى إذن وموافقة من الكتل السياسية، وكثير من القوانين تحتاج إلى توافقات من الكتل السياسية بالمضي بها وتحديد المشمولين " .
من جانبه، يرى المحلل السياسي، عصام الفيلي، أن "أي قانون يصدر - لاسيما القوانين الحساسة مثل قانون العفو العام - يجب أن تسبقه حوارات بناءة بين الكتل السياسية من أجل تثبيت مفاصل العفو ومن هي الجهات
المشمولة به ".
وأضاف، أنه "بالنسبة لقانون العفو العام فإن الرؤية أساساً متقاطعة بين القوى السياسية وهناك من يريد من فقرات القانون (إعادة محاكمة وتدوين كل الاعترافات الخاصة بهذا الاتجاه)، وكذلك هناك مفاصل مهمة من قبيل (هل سيتم العفو العام عن قضايا تخص أمن المجتمع مثل قضايا المخدرات وما شابه؟"، وكذلك " هل سيشمل القانون المحكومين بالإعدام أم يشمل الآخرين فقط من الذين لديهم تهم جنائية؟" .
وختم الحمامي بالقول: إن "هذه الرؤى والتقاطعات تبقى قائمة بين القوى السياسية وكل يريد أن يفسرها من جانبه بعيداً عن الإعداد من قبل الاختصاصيين في علم النفس وعلم الاجتماع والنخب القانونية".
وكانت اللجنة القانونية النيابية أعلنت في وقت سابق إبان تشكيل حكومة السوداني، عزمها تعديل قانون العفو العام، الذي أقرّ عام 2016 واعتبر في حينه أنه أفرغ من محتواه، وكانت القوى السنية قد تبنت، في حملاتها الانتخابية الأخيرة، مراجعة ملفات عشرات آلاف المعتقلين، لا سيما ممن أدينوا وفقاً لوشايات "المخبر السري"، أو بانتزاع الاعترافات منهم بالقوة.
وكان البرلمان أقرّ، نهاية آب 2016، قانون العفو العام، بعد خلافات سياسية طويلة، لكن كتلاً نيابية اعتبرت أنه قد أفرغ من محتواه، بعد حذف عدد من البنود والفقرات المتعلقة بمراجعة ملف المحكومين وظروف محاكمتهم.
تحرير: محمد الأنصاري