الاستثمار.. خارطة طريق غائبة واجتهادات مرتجلة

العراق 2023/01/19
...

 بغداد: هدى العزاوي 


انتقد برلمانيون وخبراء في مجالي الاقتصاد والسياسة غياب خارطة طريق وطنيَّة واضحة المعالم في ملفِّ الاستثمار وجذبه بشقيه المحلي والأجنبي، مبدين امتعاضهم من طريقة تعاطي الملحقيات التجارية في هيئاتنا الدبلوماسية خارج العراق مع هذا الملف الحيوي، إضافة إلى تقصير في الأدوار المنوطة بهيئة الاستثمار الوطنية التي يفترض أن تكون المحرك الرئيس للمجال في البلاد، عادّين أنَّ تحركات المسؤولين العراقيين في هذا الجانب لا تعدو كونها 

اجتهادات مرتجلة.

ودعا عضو لجنة الاقتصاد والصناعة والتجارة النيابية، سوران عمر سعيد، في حديث لـ”الصباح”، إلى وضع ستراتيجية استثمار على المستوى الحكومي، وأن يتم الاستثمار وفقاً لاحتياجات وأنواع المشاريع في المدن، مبيناً “حاجة المستثمرين إلى نظام حوكمة مصرفية شفافة للاستثمار في العراق بعيداً عن المشاركة القسرية من قبل المسؤولين والتي تعرض المشاريع للفشل».

وبشأن دور هيئة الاستثمار الوطنية، رأى سعيد أنها تلعب “دوراً روتينياً”، موضحاً أنها “لذلك لم تكن قادرة على القيام بعملها بالشكل الصحيح، فضلاً عن أنَّ المهمة الرئيسة للممثليات التجارية بالسفارات العراقية في الخارج جذب الشركات والمستثمرين الأجانب إلى العراق، وهي لم تقم بواجبها أيضاً بشكل صحيح».

من جانبه، بين رئيس هيئة استثمار الديوانية، الدكتور رزاق شبر، في حديث لـ”الصباح” أنَّ “الاستثمار بحاجة إلى بيئة آمنة من جميع الجوانب السياسية والأمنية والمالية والمصرفية والاقتصادية والإدارية”، موضحاً أنَّ “كل هذه الجوانب مجتمعة تشكل بيئة استثمارية جاذبة للاستثمار، وأن أي خلل في أي جانب من هذه الجوانب يسبب تشظياً وخللاً في جذب الاستثمارات بصورة صحيحة مما سيضعف ملف الاستثمار».

وأشار إلى أنَّ “موضوعة اللامركزية جيدة جداً بدعم ملف الاستثمار، إلا أنَّ تطبيقها أثبت العكس، وهذا لا يعني أنَّ ملف الاستثمارات في المحافظات غير ناجح، ولكن يجب أن تؤدي الهيئة الوطنية للاستثمار دورها برسم السياسة الستراتيجية لعموم الاستثمار في البلد، ووضع خارطة استثمار وطنية حقيقية».

واختتم شبر حديثه بالقول: إنَّ “وزارة الخارجية وملحقياتها التجارية في الخارج لم تتواصل مع هيئات الاستثمار في المحافظات لطلب مشاريعها الاستثمارية والترويج لها في الدول الأجنبية والعربية، رغم أنَّ هذا من صلب عملها”، داعياً إلى “إعادة النظر بعمل الملحقيات التجارية وطلب برنامج نصف سنوي للفرص التي تم جلبها عن طريق تلك الملحقيات ويكون تقييم الملحقيات بناء على ملف دعم الاستثمار والترويج له بكل بلدان العالم».

بدوره، رأى المحلل في الشأن الاقتصادي، نبيل جبار التميمي، في حديثه لـ”الصباح”، أنَّ “السياسيين العراقيين يمارسون مهمة الترويج للاستثمار في العراق بصورة فضفاضة وغير مدروسة، خصوصاً في غياب أجندة الاجتماعات بينهم وبين المسؤولين من الدول الأجنبية، وتختتم الزيارات ببيانات تتضمن دعوة المسؤولين العراقيين لنظرائهم الأجانب للاستثمار في العراق كتقليد سياسي دأبت الشخصيات العراقية على تضمينه في سياق البيانات والخطابات السياسية، حتى أصبحت تلك العبارات فارغة من محتواها».

وأكد أنَّ “الاستثمارات تمثل سعياً حكومياً لفسح الطريق أمام جذب الاستثمارات محلياً وخارجياً ومحاولة توطينها لمصلحة الاقتصاد، وقد يكون جزء من الاستثمارات موجهاً لمصالح حكومية وفق خطة ستراتيجية مدروسة، أو استثمارات من نوع آخر كتلك المتعلقة بإنشاء المدن والمساكن وغيرها، وهذا يجب أن يكون بعيداً عن المزاجات الشخصية والحزبية».

أما المحلل في الشأن السياسي، قاسم الغراوي، فبين لـ”الصباح” أنَّ “بعض المحافظات استطاعت أن تتقدم خطوات مهمة في جوانب الاستثمار والبناء مع الشركات الأجنبية خصوصاً التي توفرت فيها بيئة آمنة قبل غيرها من المحافظات، مع وجود نوايا صادقة لسلطة المحافظ، بعيداً عن الفساد والسرقات، وتخطيط سليم في كيفية صرف الأموال والتعاقد لاستثمارات تخدم المحافظة بعيداً عن تدخل الأحزاب».

ورأى أنَّ “على الهيئة الوطنية للاستثمار أن تمتلك رؤية شاملة وتخطيطاً سليماً لمتطلبات المشاريع في البلاد، وكذلك أن تتابع إنجازات الشركات ومدى التلكؤ ونسبة الإنجاز والتعاقد مع شركات رصينة وبإنجاز تحترم فيه الأوقات ودقتها بعيداً عن (الكومشنات) والفساد والتعامل البيروقراطي التي تعاني منها القوانين 

الخاصة بالاستثمارات».


تحرير: محمد الأنصاري