بغداد: هدى العزاوي
رحّبَ العراق أمس الجمعة بقرار البرلمان الألماني الذي قضى باعتبار جرائم تنظيم "داعش" الإرهابي ضد الإيزيديين بمثابة "إبادة جماعية"، في خطوة يأمل أهالي الضحايا والمفقودين أن تسلط الضوء على قضيتهم دولياً.
وقال رئيس الجمهورية، عبد اللطيف رشيد، في تغريدة على "تويتر":" نرحب بإقرار البرلمان الألماني عدّ ما حصل لأبناء شعبنا من الإيزيديين على يد داعش الإرهابي إبادة جماعية ضد الإنسانية".
ودعا رشيد "المجتمع الدولي إلى ضمان معاقبة مرتكبيها وبذل الجهود للكشف عن مصير باقي المختطفين وعدم تكرار مثل هذه الجرائم مستقبلاً وتأمين عودة النازحين إلى مناطقهم ومنازلهم".
بدوره، رحب نائب رئيس مجلس النواب، شاخوان عبدالله أحمد، بالقرار الألماني، وأشار في بيان إلى "أهمية هذا القرار والخطوة الألمانية كونها تشمل التدابير والإجراءات التي تهدف إلى القضاء على آثار وتداعيات الإبادة الجماعية"، داعياً المجتمع الدولي إلى "تقديم الدعم إلى العراق ومساندة الجهود للكشف عن مصير المختطفين وإعادة إعمار سنجار وتوفير الخدمات الأساسية والبنى التحتية وتعويض المتضررين مادياً ومعنوياً".
وأقر النواب الألمان مذكرة أمس الأول الخميس، تصنّف ما ارتكبه تنظيم "داعش" الإرهابي في حق الإيزيديين في شمال غرب العراق العام 2014 على أنه "إبادة جماعية"، وأوصوا بسلسلة من إجراءات المساعدة لهذه الأقلية، وأقر النص الذي عرضه الائتلاف الحاكم والمعارضة المحافظة، بإجماع النواب الحاضرين.
وجاء فيه أن "الهدف الأساسي لتنظيم (داعش) كان القضاء التام على المجتمع الإيزيدي"، مضيفاً أن "أكثر من 5000 من الإيزيديين تعرضوا للتعذيب والقتل الوحشي على يد التنظيم الإرهابي، خصوصاً في عام 2014".
وأضافت المذكرة الألمانية أن "الفتيات والنساء تعرضن للاستعباد والاغتصاب والبيع"، وأشارت إلى أن "العنف الجنسي. هدفه تجريد المجتمعات من إنسانيتها، وإذلالها وتفتيتها"، وعليه، فإن "مجلس النواب (البوندستاغ) يعتبر الجرائم المرتكبة ضد المجتمع الإيزيدي إبادة جماعية".
وتنصّ وثيقة البرلمان الألماني على سلسلة من المطالب موجهة للحكومة الألمانية من ملاحقات قضائية في حق مشتبه فيهم في ألمانيا ودعم مالي، فضلاً عن جمع أدلة في العراق وصولاً إلى إعادة بناء تجمعات سكنية إيزيدية مدمرة.
إلى ذلك، قال رئيس "الجامعة الإسلامية / فرع بابل" البروفيسور المختص بالقانون الدولي الإنساني، الدكتور حيدر كاظم القريشي: إن "الدور الأساسي للأمم المتحدة هو تحديد مشروعية الحرب من عدمها، أي بيان متى يكون استخدام القوة مشروعاً وهو ما يسمى في فقه القانون الدولي بـ(حق الحرب)، في حين لا يعد من مهام الأمم المتحدة العمل على تكييف وتوصيف وتجريم الجرائم، فالأخيرة تخضع إلى هيئة قضائية (محكمة دولية أو وطنية حسب الأحوال)، ومن ثم لا يعد من أولوية الأمم المتحدة توصيف ما ارتكب بحق الأيزيديين جرائم إبادة جماعية".
وأوضح أنه "لعل تكييف ما ارتكب بحق الإيزيديين على أنه جرائم (إبادة جماعية) يجد أساسه في النظام الأساس لـ (المحكمة الجنائية الدولية) وتتولى المحكمة المذكورة مقاضاة مرتكبيه"، منوهاً إلى "عدم تمكن العراق من مقاضاة مرتكبي تلك الجرائم كونه ليست دولة عضواً في النظام الأساس للمحكمة المذكورة، كما يتعذر الحصول على موافقة الدول الخمس دائمة العضوية في مجلس الأمن مجتمعة على إحالة الأمر إلى المحكمة الجنائية".
وطرح القريشي خيارين أمام العراق للمضي بمقاضاة "داعش" في ملف إبادة الإيزيديين، يتمثل الأول بتشريع قانون وطني محلي على أن يردف بمواءمة الاتفاقيات الدولية الإنسانية ذات الصلة، وثاني الخيارات خيار قانوني دولي يتجلى في انضمام العراق إلى النظام الأساس للمحكمة الجنائية الدولية "بحيث يصبح للعراق صلاحية إحالة شكوى إلى المحكمة، وهو مطلب يسعى إليه الكثير".
من جانبه، عدّ الخبير في حقوق الإنسان الدكتور علي البياتي، في حديث لـ"الصباح"، قرار البرلمان الألماني "مقدمة للقضاء الألماني من أجل التحقيق وتحريك الدعاوى ضد الجناة سواء من يمتلكون الجنسية الألمانية أو من يتواجدون على الأراضي الألمانية من جنسيات أخرى، وكذلك تأسيس وتشكيل مركز وثائقي يوثق هذه الجرائم وتخصيص الأموال للتحقيق في هذه الجرائم في العراق وسوريا، ومساعدة المجتمع الإيزيدي لإعادة تأهيل ما فقدوا على مستوى البنى التحتية والأفراد والمجتمع".
أما مدير "مركز العراق لحقوق الإنسان"، علي العبادي، فرأى في حديث لـ"الصباح"، أن "هذا القرار أنصف الإيزيديين، ويسهم بمنع تكرار هكذا أعمال وجرائم إرهابية بحق الأقليات بما فيها الإيزيديون، ويشكل اعترافاً دولياً بما جرى لهم من إبادة تترتب عليها محاكمات وحقوق".
تحرير: محمد الأنصاري