{مخيَّم الهول} خطر على الحدود يهدِّد أمن البلاد

العراق 2023/01/25
...

 بغداد: هدى العزاوي 


رغم مرور أكثر من 4 سنوات على إعادة افتتاحه شمالي شرق سوريا على الحدود العراقية – السورية، مازال "مخيم الهول" ملفاً مثيراً للجدل، فبينما تسعى جهات حكومية لإعادة توطين قاطني المخيم من عائلات "داعش" أو المقربين منها في داخل الأراضي العراقية لإعادة دمجهم تدريجياً في المجتمع، حذَّرت جهات برلمانية وحقوقية من الخطوات التي عدّوها "غير مدروسة" بهذا الاتجاه، مبينين أن الخطر الداهم عبر الحدود من "الهول" يتمثل بوجود المئات أو الآلاف ممن اعتنق فكر "داعش" الإرهابي في هذا المخيم ومن الخطأ التصرف في هذا الملف "عراقياً منفرداً" من دون شراكة دولية وإقليمية تطرح حلولاً معقولة لإنهاء هذا الملف الخطر.

وبين رئيس لجنة الهجرة والمهجرين النيابية، شريف سليمان علي، في حديث لـ"الصباح": أن "سعي الحكومة العراقية بشأن مخيم الهول إلى الآن غير واضح، وفي الكثير من المرات تزداد الأمور سوءاً"، عادّاً أن تعامل الجهات الحكومية مع المخيم "يتم بدون أية مسؤولية وحرص" .

ويشير علي - وهو عضو في الحزب الديمقراطي الكردستاني – إلى أن "تعامل الحكومة مع مخيم الهول في ما يتعلق بجلب بقايا عائلات (داعش) إلى داخل الأراضي العراقية يتم من دون برامج ومؤسسات قادرة على تأهيلهم ودمجهم مع المجتمع بالشكل الصحيح، وهو أمر يثير الاستغراب حتى إن كانوا أطفالاً ونساءً، فـ(داعش) فكر أقوى من السلاح" .

وأكد أن "هناك مخاوف جدية من عودة عائلات (داعش) من مخيم الهول، وقد شددنا وفق تصريحات وبيانات كثيرة أننا مع الجانب الإنساني إلا أن هذه الملف خطير جداً ويسيء إلى النسيج الاجتماعي والأمن المجتمعي العراقي، كما يثير شكوكنا إزاء هذا القرار ويثير مكامن مشاعرنا كمكون إيزيدي مازال يعاني من العودة إلى مخيماتهم"، مبيناً أن "أكثر من 300 ألف نسمة من الإيزيديين تعيش تحت مظلة المخيمات التي تفتقر إلى أبسط الخدمات، فيما تهتم الحكومة بعوائل (داعش) وتوطينهم داخل الأراضي العراقية وتفتح مؤسسات على مستوى عالٍ من الأهمية لهؤلاء ولا تهتم بمن كانوا ضحية لهجمات (داعش) الإرهابي منذ عام 2014 إلى الآن" .

وأوضح، أن "تعامل العراق مع موضوع استقبال المتهمين بالعمليات الإرهابية في دول أخرى يثير الريبة، فاليوم نحن بحاجة إلى إجراءات أمنية على مستوى عالٍ من المسؤولية وأن تكون هنالك خطوات عملية تستند إلى قانون" .

واختتم رئيس لجنة الهجرة والمهجرين النيابية حديثه بتساؤل: "أين عمل اللجان التحقيقية التي وظفت من أجل متابعة مرتكبي الجرائم الإرهابية!؟"، وأضاف أن "المتابعات والإجراءات غير مجدية والأمور التي تقوم بها الدولة العراقية غير كافية بما يتعلق بهذا الملف" .

من جانبه، بين الخبير في مجال حقوق الإنسان، علي البياتي، في حديث لـ"الصباح": أن "ملف مخيم الهول واحد من الملفات المهمة، ويحمل أبعاداً أمنية وسياسية وإنسانية وقضائية، وفيه جنبة وطنية وإقليمية ودولية"، وأضاف أن "العراق تعامل مع الملف من جانبه فقط بعيداً عن مسؤولية الجهات الإقليمية والدولية التي عليها مسؤوليات كبيرة وأساسية، وأخذ العراق الموضوع من جانب إنساني  حصراً "بطريقة شكلية".

وأوضح "مخيم الهول هو تركة (داعش) الحقيقية، حيث كان يسكن فيه 10 بالمئة من الضحايا و20 بالمئة من الأطفال ( الذين يجب أن يكونوا استثناء من الإجراءات والخطوات العامة)، بينما تتواجد فيه نسبة كبيرة من معتنقي فكر التنظيم الإرهابي لغاية هذا اليوم، وهم يشكلون خطورة على العالم أجمع وليس على العراق فقط" .

وأكد أنه "كان من المفترض طرح ملف مخيم الهول على مستوى مجلس الأمن الدولي أو على الأقل مع الجهات الدولية والإقليمية المؤثرة، وأخذ قرارات بالشراكة مع تلك الجهات وليس بشكل منفرد أو دفع العراق ليواجه ذلك لوحده، وكان من المفترض إعادة الضحايا أولاً والأطفال بعد ترتيب مأوى كريم لهم وضمانات لحمايتهم وإعادة دمجهم ثم التعامل دولياً وإقليمياً مع الباقين بقرار مشترك لتدقيق ملفاتهم قضائياً وإحالتهم إلى مكان بديل محمي دولياً  مع مراعاة حقوق الإنسان، بعيداً عن المحافظات التي كانوا يسكنونها وبعيداً عن احتمالية الانتقام من المجتمعات المتضررة من فكر وإرهاب (داعش) كالأقليات وغيرهم" .

ولفت إلى أن "ما حدث هو جلب مئات العائلات المقرَّبة من أفراد متورطة مع (داعش) بدون إجراءات قضائية أو تدقيق أمني حقيقي، وترك الضحايا هناك رغم أن لهم الأولية حسب كل المعايير، وزج من تمت إعادتهم في مخيمات تفتقد للظروف الكريمة الإنسانية ومعايير حقوق الإنسان" . 

تحرير: محمد الأنصاري