متحف مصغر في منزل الباحث التراثي زكريا الانصاري

الصفحة الاخيرة 2023/01/26
...

 بغداد: نورا خالد


كثيرة هي التفاصيل التي تأخذك إلى التراث والأصالة في منزل الباحث التراثي زكريا الأنصاري، ففي كل ركن من أركانه، تجد ما يجعلك تتعلق وتفخر بماضٍ مليء بالفن والثقافة.

عشق الانصاري جمع المقتنيات الموسيقية التراثية منذ طفولته، وكبر وكبرت معه هوايته، فأصبح يجمع ويحتفظ بكل ما تقع يداه عليه من تسجيلات وصور لمطربين ومطربات تعود لحقب زمنية مختلفة.

يقول الانصاري لـ "الصباح": نمت موهبتي بكل ما يتعلق بالموسيقى في عائلة "سميعة"، لديهم شغف بالمقام العراقي والأغاني الفولكلورية التراثية، إذ كان يرتاد بيتنا قرّاء المقام العراقي وبعض الملالي، وهذه الأمور التي ولدت لدي منذ الطفولة حب جمع التراث والاستماع إلى الطرب العراقي الأصيل، فبدأت أجمع أرشيفي الخاص ونجحت بذلك.. فلدي الآن أعدادٌ كبيرةٌ من "بكرات وستيكرات وأسطوانات وكاسيتات وصور فوتوغرافية ومقتنيات شخصية لأهم مطربي العراق".

على الرغم مما تتطلبه هواية جمع تلك المقتنيات من جهد وعناء ومال، إلا أن الانصاري يحرص على التوجه إلى أي مكان تتواجد فيه، من أسواق وبيوت مشتريها بمبالغ كبيرة، انطلاقا من شغفه وولعه بكل ما يتعلق بالموسيقى.

يؤكد الانصاري "حصلت على هذه المقتنيات الثمينة عن طريق بحثي الخاص، وبجهود شخصية ميدانية من خلال لقاءاتي بمطربي المقام، الذين غالباً ما أطلب منهم حاجاتهم الشخصية، كما أنني اشتريت المكتبات المهمة والكبيرة، والتي عرضت للبيع منها، تسجيلات أنغام التراث وتسجيلات أنغام الفن وأكثر من 12 مكتبة صوتية ومعتمدة في بغداد من غير المكتبات الشخصية للأسر المعروفة، مثلاً مكتبة دكتور أحمد السبتي ومكتبة بيت الخضيري ومكتبة حمزة السعداوي".

يعدُّ الانصاري هوايته تلك، إرثا حضارياً وتاريخياً، لا بدّ من المحافظة عليه، فهي تسهم في إثراء ثقافة الإنسان وتوسع معارفه وعلومه.

وعن أهمها بيّن "سدارة القبانجي، ودفتر نفوس يوسف عمر، وربطة عنقه الخاصة، كما أحتفظ بدفتر نفوس فاضل رشيد، وجهاز الصولو، الذي دوزن صوت مطرب المقام الأول القبانجي في برلين العام 1928، الذي جاء به من ألمانيا، وأغراض خاصة لرواد المقام وجميعها أصلية، كما أحتفظ بهوية قارئ القرآن، والذي كان قبل ذلك قارئ مقام عبد الفتاح معروف، وتعدُّ من الأشياء النادرة وتحتوي مكتبتي على عشرة آلاف ساعة تسجيل سمعية ومرئية وكتب، والتي غالباً ما تكون مصدراً لأطاريح الماجستير والدكتوراه".

الحصول على المقتنيات الموسيقية ليس سهلاً، كما يقول الانصاري "فكل قطعة لها تاريخها، وأتابع باستمرار المنازل التي تريد بيعها لعلي أجد ما أريد، وليس هذا فحسب، بل أنها تكلفني مبالغ مادية طائلة فأشتري النسخ الاصلية بأسعار باهظة الثمن، فضلا عن أجور التحويل والنقل للحواسيب، من أجل رفعها إلى منصات التواصل الاجتماعي، كما أن البعض منها تبرعنا بها للقنوات الفضائية 

والإذاعات ". يهدف الأنصاري كما يوضح إلى "الحفاظ على الهوية البغدادية، لأنها لها بصمة كبيرة على مستوى العالم وليس على مستوى العراق فقط، والدليل على ذلك أن بغداد كانت مركز انطلاق الثقافة والأدب والغناء، ولهذا مكتبتي ليست موسيقية فقط، وانما تحتوي على ألف وخمسمئة كتاب يؤرشف لتاريخ بغداد العظيم".