الخيارات الصعبة

قضايا عربية ودولية 2023/01/28
...

علي حسن الفواز



الحرب في أوكرانيا قد تدخل مرحلة صعبة، وقد تندفع نحو خيارات تتجاوز الحذر الستراتيجي، لتضع العالم وأوروبا أمام حرب مفتوحة، لا حدودَ خضراً، أو حمراً لها، لأنها ستعني الدخول في المحظور السياسي والتسليحي، وهذا بطبيعة الحال سيجعل من هذه الحرب نوعاً من الانتحار.

موافقة ألمانيا على تزويد أوكرانيا بدبابات «ليوبارد» القتاليَّة، لم يحدث دون ضغط أميركي، حدّ تهديدها بالعزل، فضلاً عن قيام فرنسا والولايات المتحدة بتسليح الأوكرانيين بأنواع ثقيلة من الدبابات، وهو ما يجعل الرهان القادم مفتوحاً على «المعارك الأرضية» حيث يمكن للدبابات أن تدخل بقوة، وأن توسّع مساحات انتشارها على أرض المعارك.

هذا الاندفاع نحو تضخيم الخيار العسكري يضع روسيا في موقع أكثر تشدداً، وربما الذهاب إلى إجراءات أكثر غلواً، على مستوى تصعيد الرد القتالي، وإدخال أسلحة ستراتيجية كالطائرات النوعية، والصواريخ طويلة المدى، وعلى نحوٍ تكون ضحيته البنى التحتية للمدن الأوكرانية، لاسيما الطاقة، فالكثير من المدن في شرق أوكرانيا تعاني من ظروف صعبة، قد تزداد مع ازدياد وقائع الميدان، ومع استمرار الغرب بسياسة الدعم العسكري والسياسي لأوكرانيا.

الحديث عن التنسيق بين الحلفاء بات موضع جدل، فبقدر ما يضع الكثيرون رهاناتهم في السلة الأميركية، فإنَّ البعض يتحسس خطراً من تضخم تلك الحرب، ومن التورط في «سوق الأسلحة» وبالتالي تحمّل التبعات التي قد تضعهم أمام مشكلات مع شعوبهم، لاسيما في مجالات الطاقة والغذاء، 

وارتفاع نسب التضخم. 

القراءة الروسية لملف «الدبابات» في أوكرانيا، تنطلق من حسابات التهديد، ومن وصف هذا الملف بأنه مشاركة مباشرة للغرب في الحرب، التي تجد رفضاً من التحالف، وتحت يافطة تسوّغ «التزام دول من جميع أنحاء العالم لمساعدة أوكرانيا في الدفاع عن سيادتها ووحدة أراضيها» كما قال الرئيس الأميركي جو بايدن، وهو ما دفع نائب رئيس مجلس الأمن الروسي ديمتري ميدفيدف إلى الذهاب إلى حديث الخيارات الصعبة، وغير البعيدة عن الخيار النووي، موجّهاً بذلك إنذاراً شديداً إلى قادة أوروبا بضرورة «توخي الحكمة ووقف الانزلاق نحو كارثة عالمية».