حكم المحكمة من زوايا الديمقراطيَّة

آراء 2023/01/31
...



 سعد العبيدي 


حكمت المحكمة الاتحادية العليا في البلاد، بعدم صحة القرارات الصادرة عن قبل مجلس الوزراء في العامين المنصرمين (2021 و2002) المتعلقة بتحويل الأموال إلى إقليم كردستان، والمحكمة جهة قضائية وليست سياسية، وبالتالي لا يصح مناقشتها عن أبعاد الحكم ودوافعه، لكنه حكم له تبعات سياسية وآثار مالية تقتضي التفتيش في دفاتر السياسة للتعرف على الأسباب، التي أوصلت المحكمة لإصدار هذا الحكم، ويقتضي التفتيش توجيه سؤال إلى الحكومة السابقة ورئيسها الذي حكم البلاد طوال هاتين السنتين، يتعلق بالأسباب التي دفعت بهم مخالفة قوانين الموازنة، وإرسال الأموال بطريقة تبدو من حكم المحكمة وكأنها غير شرعية؟ ويقتضي القول إن هذه الأموال وبدلاً من اسهامها في حل المشكلة المالية المستعصية بين الحكومة المركزية والإقليم وانصاف شريحة الموظفين هناك، تسببت في تعقيدها، بمستوى ينذر في تفكك التحالف الذي شكل حكومة السوداني 

الحالية. 

إن المخالفة التي حكمت على وفقها المحكمة، تظهر النظرة القاصرة للحكومة السابقة في تعاملها مع المعاضل القائمة، نظرة لم تحسب فيها حسابات التأزم المحتمل والآثار الجانبية، إذ وبدلا من التوجه الجاد للتعرف على جذور المشكلة والسعي إلى استغلال علاقاتها الجيدة مع الإقليم بغية حلها جذرياً، توجهت إلى الخيار الأسهل وهو تأجيل حل المشكلة، سبيلاً للحصول على تأييد كردي لاستمرارها في الحكم، والتأجيل بطبيعة الحال هو الطريقة الأسوء في إدارة الدول والشعوب. 

إن التحويلات المالية للإقليم وموارد النفط المباع منه معضلة ليست سهلة، تقتضي من ساسة المركز الانفتاح على الإقليم وبناء الثقة مع ساسته، وتقتضي من الإقليم الاقتراب من المركز والمساهمة الجادة في إعادة بناءه بناءً رصيناً محكوم بمواد الدستور وروح القوانين، والابتعاد عن سياسة الملاواة والتأجيل على أساس الزمن كفيل بالحل، لأن الزمن في العراق أبقاه قلقاً غير مستقر، وأبقى المشكلة الكردية دون حل لقرن من 

الزمان.