بغداد : رغد دحام
بعد أقل من 24 ساعة على إطلاقها من قبل وزارة الداخلية، شهدت منصة "تبليغ" الخاصة بالابلاغات عن المحتويات الهابطة في وسائل التواصل الاجتماعي إقبالاً شعبياً واسعاً للإبلاغ عن تلك المحتويات التي تضر بالمجتمع العراقي وتؤسس لثقافات لا تتوافق والعادات والتقاليد التي تربى أبناء الشعب عليها وتوارثها من الأجداد، وأشادت مراكز الحقوق وحريات التعبير عن الرأي بخطوة وزارة الداخلية في مكافحة هذه "الآفة" كما وصفها البعض، والتي ما لبثت أن استشرت بالمجتمع.
وذكر المهندس المسؤول عن منصة "تبليغ" إياد كاظم طاهر، في حديث خاص لـ"الصباح"، أنَّ "الإبلاغات على المحتويات الهابطة مستمرة، وبأعداد كبيرة جداً، وهي أكبر مما هو متوقع، وهي مستمرة بصورة مكثفة على روابط المنصة الموجودة على مواقع وصفحات التواصل الاجتماعي".
وأشار إلى أنَّ "اعتماد الإبلاغات يكون ضمن معايير محددة وضعها القضاء العراقي"، مؤكداً "عدم إمكانية استخدام الإبلاغات في التسقيط الإلكتروني بين المدونين أو ما يدعون بـ(اليوتوبرية) أو غيرهم، لأن المحتويات تخضع إلى التدقيق ويتدخل الجانب الاستخباري في الأمر أيضاً".
وكانت وزارة الداخلية، أعلنت في وقت سابق، عن تشكيل لجنة لمتابعة المحتويات في مواقع التواصل ومعالجة الهابط منها وتقديم صانعيها للعدالة عبر التبليغ عنها من خلال منصة "تبليغ"، مؤكدة أن القضاء دعم مقترحات الأجهزة الأمنية بشأن ملف المحتوى الهابط في مواقع التواصل الاجتماعي.
ومن الجانب القانوني، أوضح الخبير القانوني، علي التميمي، في حديث لـ"الصباح"، أنه "لا يوجد تعريف واضح للفرق بين النقد والانتقاد وهو المهم مع الاستخدام الواسع لوسائل التواصل الاجتماعي، في حين نلاحظ أنَّ قانون العقوبات ميّز بشكل واضح بين السب والقذف والتشهير"، مشيراً إلى أنَّ "النقد يراد منه الإصلاح والتقويم والخير، في حين أنَّ الانتقاد هو لوم وكشف المستور ونشر الغسيل".
وبيّن أنَّ "النقد يخلو من ركن الجريمة المعنوي، والذي هو أساس جرائم السب والقذف والتشهير، في حين أنَّ الانتقاد هو إسناد واقعة لشخص إذا صحت جعلته موضع ازدراء في قومه وأيضاً هو المساس بالمشاعر".
وأضاف التميمي، أنه "بغرض الرقابة على وسائل التواصل الاجتماعي يجب أن يتم من خلال إنشاء قسم خاص في هيئة الإعلام والاتصالات يكون بمثابة تعديل لقانون 65 لسنة 2004، وأن يضم هذا القسم عدداً من المختصين في الإعلام والقانون، تكون مهمته مراقبة ما ينشر، ويكون ارتباطه بالمدير التنفيذي للهيئة"، موضحاً أنه "في حال رصد محتوى يشكّل جريمة تشهير أو غيره تتم إحالة الناشرين إلى المحكمة المختصة القريبة من الهيئة حسب الاختصاص المكاني، وأن ترتبط هذه الرقابة بجهة أمنية أخرى تستلم منها المعلومات".
وتابع الخبير القانوني، أنَّ "قانون العقوبات في المادة 403 منه عاقب بالحبس لمدة سنتين وبالغرامة على النشر الهابط، ونجد أن العراق يحتاج إلى تشريع قانون مكافحة الجرائم الإلكترونية ليكون حلاً لمثل هذه الجرائم
الشائعة".
من جانبه، رأى الباحث الاجتماعي، أحمد الدراجي، في حديث لـ"الصباح"، أنَّ خطوة وزارة الداخلية بإنشاء منصة "تبليغ" بشأن المحتوى الهابط "إيجابية جداً، كون أكثر المتأثرين بهذه الظاهرة هم الفئة المراهقة، وتشكّل تلك المحتويات ظاهرة خطرة من خلال تأثيرها المباشر في خزين المعلومات التي تؤهل المراهقين إلى مواجهة الأمور الاجتماعية والتعامل معها بإدراك ووعي".
وأشار إلى "ضرورة تمييز الجهات المختصة بالمحتويات وعدم خلط الجيدة مع السيئة، والاهتمام بمضامين المحتويات، فهنالك محتويات فكاهية إلا أنها لا تخدش الحياء أو تسيء لأوساط في المجتمع".
وشدد الدراجي على أنَّ "الإجراءات والخطوة من قبل الداخلية ستكون رادعة لكل من يحاول أن يستغل جسده في إظهار إيحاءات منافية للأخلاق والمجتمع، لذا يجب تحديد المحتويات وما ينشر بها".
تحرير: محمد الأنصاري