العلاقات العراقية المغربية.. التوقيت والأهميَّة

آراء 2023/02/01
...

 نبيل إبراهيم الزركوشي


إن العلاقات العراقية المغربية تمتد جذورها إلى بداية تأسيس الدولة العراقية، وكانت متطورة بشكل كبير رغم البعد الجغرافي بين البلدين، وقد تجددت هذه العلاقة مرة ثانية بعد عام 1958 ابان تأسيس الجمهورية العراقية، وكان التعاون بين البلدين في شتى المجالات السياسية والثقافية والاقتصادية، وقد أصاب هذه العلاقات نوع من الفتور خلال المرحلة التاريخية السابقة، حتى جاءت خطوة التقارب الحالية والتي تتمثل بفتح السفارة المغربية في بغداد بعد غلق استمر لمدة 18 عاماً وبناء تفاهمات جديدة بين البلدين، وقد يسال سائل ما أهمية تلك العلاقات؟ ولماذا هذا التوقيت للتقارب الذي حصل مؤخراً؟

قبل الإجابة عن هذه التساؤلات لا بد لنا من معرفة أن المحيط العربي هو الامتداد الطبيعي للعراق، وتعتبر المملكة المغربية أحد اهم الدول الأعضاء في الجامعة العربية، وتتميز بعلاقات مع جميع بلدان العالم وهي تبني علاقاتها على أسس رصينة بعيدة عن التدخلات في شؤون الاخرين أو وضع قيود على علاقاتها مع البلدان، وهذه الأمور جعلت من المملكة المغربية دولة استقطاب ونقطة ارتكاز مهمة للتعاون المشترك بين البلدان، وهناك نقطة مهمة يجب الإشارة اليها، وهي أن الاستقرار السياسي والاقتصادي، الذي تتمتع به المملكة المغربية يعطيها أهمية أخرى اذا ان هذا الاستقرار السياسي، لم يأتِ عن فراغ، بل من خلال اتباع سياسات حكومية ومنهجية ثابتة يمكن لنا الاستفادة منها بشكل أو بآخر، اما في المجال الاقتصادي فقد دخلت المملكة المغربية في صناعة السيارات، فهناك مصانع لشركات السيارات العالمية مثل رينو وبيجو الفرنسيتين وشركة بي واي دي الصينية، ناهيك عن تقدمها وبشكل كبير في مجال الصناعات الكهربائية والصيدلية والغذائية، وهنا يمكن أن تكون المغرب إحدى الدول المنافسة للدخول إلى السوق العراقية، اذ ما اخذنا العلاقة من الجانب الاقتصادي، ويمكن إعطاء بُعد اخر للعلاقة من خلال توقيع مذكرات تفاهم في مجال التربية والتعليم والتبادل الثقافي، اذا ما علمنا أن الجامعات المغربية تتميز بالرصانة العلمية، وتحتل مراتب جيدة في التصنيفات العالمية ويذكر في هذا الجانب ان عدد الطلبة المغاربة في العراق كان اكثر من 100 طالب عام 1963، وهناك دور للمعلمين العراقيين الذين ساهموا في التدريس في المدارس المغربية على سبيل الإعارة في تلك الفترات، وايضاً حسب ما تشير المصادر التاريخية إلى أن هناك مساهمة كبيرة للنحاتين والفنانين المغاربة في ترميم الجوامع والمساجد التاريخية في بغداد لما للمملكة من تفرد في مجال فن النقوش والعمارة، لذا يجب أن تكون هناك زيارات على مستويات عالية بين البلدين لتوقيع مذكرات التفاهم وتجديد العلاقات وتطويرها في جميع المجالات، وفي وقت أصبحت أحد اهم أسس بناء العلاقات بين البلدان هي المنافع المشتركة وتبادل المصالح، خاصة خلال الأزمات الاقتصادية الحالية التي باتت خطراً كبيراً على جميع بلدان العالم، لذا كان هذا التوقيت هو المناسب جداً للبلدين في توطيد العلاقات وإيجاد قنوات مشتركة للاستفادة من هذا التقارب.