توزيع اللجان النيابيَّة يُثير سخط المكونات والمستقلين

العراق 2023/02/02
...

 بغداد: هدى العزاوي 

ومهند عبد الوهاب

بعد إكماله إعادة توزيع النواب بين اللجان النيابيَّة الـ(25)، واصل مجلس النواب جلساته لانتخاب رؤساء ونواب تلك اللجان، وفي وقت أكد المجلس أن عملية توزيع واختيار أعضاء اللجان ورؤسائها تمت بشكل قانوني ووفق آلية ديمقراطية شفافة، اتهم نواب من المستقلين والمكونات الكتل الكبيرة في المجلس بالاستحواذ على اللجان– وخصوصاً المهمة– وتهميشهم وإقصائهم من تلك المواقع الحساسة.


وقال عضو مجلس النواب، ريبوار ارحمن، في حديث لـ»الصباح»: «ما جرى في توزيع اللجان هو إقصاء لستة نواب من المستقلين والقوى الناشئة بشكل مبرمج، وتم إبعادهم عن اللجان الرئيسة في مجلس النواب بدون ذكر الأسباب»، مستدركاً أنَّ «الهدف المخفي هو عدم السماح للنواب والكتل الجريئة بالتواجد داخل اللجان الرئيسة، أو بالأحرى اللجان التي تتم فيها مناقشة أكثر المواضيع جدلية بالنسبة للدولة والمواطن». 

وأشار إلى  أنَّ «المكونات لديهم الحق في تولي جميع المناصب، وقد سمعنا عن تهميشهم، ولكن هذا ليس بالأمر الغريب في حال تصارع الكتل المشاركة في الحكومة على رئاسة اللجان»، مبيناً أنَّ «المكونات ليسوا الوحيدين الذين تم تهميشهم، بل القوى الناشئة كـ(الجيل الجديد) و(حركة امتداد) و(إشراقة كانون) وكتل أخرى أيضاً تم تهميشها»، وأكد أنَّ «توزيع رئاسة اللجان جرى بالمحاصصة كما رأيناه في مجلس النواب».

فيما اكتفى النائب ياسر إسكندر وتوت، بالإجابة عن أسئلة «الصباح» بالعودة إلى  ما نشره في حسابه على موقع «تويتر»، إذ قال: إنَّ «إقصاء ممثلي الأقليات من اللجان البرلمانية يعتبر انتهاكاً صارخاً لمبادئ العمل التشريعي ويمهد لانحراف المسار الديمقراطي في العراق على يد أدعياء الاستقلالية العاملين تحت (......) والمال السياسي الفاسد»، بحسب تعبيره.

وأصدر المكتب السياسي لحركة «بابليون»، أمس الأول الثلاثاء بياناً جاء في إحدى فقراته أنه «بالنسبة إلى  آلية توزيع اللجان النيابية كانت تفتقد إلى أبسط معايير الديمقراطية والعدالة والتوازن، وقد حصلت خروقات واضحة في التصويت على اللجان مما يعكس صورة سلبية أمام الرأي العام المحلي والدولي». 

في المقابل، ذكر أعضاء بمجلس النواب، أنَّ انتخابات اللجان النيابية شهدت «ديمقراطية نسبية»، وقالت رئيس كتلة «الجيل الجديد» النيابية عضو لجنة النزاهة، سروة عبد الواحد، في حديث لـ»الصباح»: إنه «لأول مرة في تاريخ البرلمان العراقي يتم بهذه الطريقة استبدال أعضاء داخل اللجان في أثناء الجلسة لاختيار رئاسة اللجان برغم 

وجود عدة مشكلات».

وأضافت أنه «كانت هناك (ديمقراطية نسبية) باعتبار أنَّ عشرة نواب من داخل اللجنة بقوا على رأيهم ولم يتأثروا بآراء كتلهم، وهي الخطوة الوحيدة الإيجابية لاختيار رئاسات اللجان»، ورغم إشارتها إلى تحكم القوى السياسية الكبيرة بالبرلمان ولجانه، إلا أنَّ عبد الواحد أعربت عن أملها بأن تكون خطوة اختيار اللجان ورئاساتها بهذه الصورة «خطوة باتجاه التغيير»، مبينة أنَّ «الجيل الجديد لم تحصل على رئاسة أي لجنة نيابية كونها لم ترضخ لسياسات الحزب الديمقراطي الكردستاني» التي وصفتها بـ»الفاشلة».

بينما ذكر عضو «تحالف السيادة» النائب الأول لرئيس اللجنة المالية، أحمد مظهر الجبوري في حديث لـ»الصباح»، أنَّ «انتخابات اللجنة كانت سلسة واستمر وقتها عشر دقائق، وتم انتخاب النائب عطوان العطواني رئيساً للجنة وانتخبت النائب الأول وإخلاص الدليمي النائب الثاني»، عادّاً اعتراضات بعض النواب وردود أفعالهم على تشكيل اللجان جاءت جرّاء «فشلهم بالفوز بعضوية أو رئاسة اللجان»، واصفاً العملية بـ»الناجحة» وأنَّ الانتخابات «سليمة».

من جانبه، أشار السياسي المستقل، عمر الناصر، في حديث لـ»الصباح»، إلى  أنه «بلا شك تكون المحاصصة هي الآلية التي تستند إليها عملية تقسيم رئاسات اللجان النيابية»، مؤكداً أنَّ «الدور الرقابي ينبغي أن يكون في الدورة النيابية الحالية مختلفاً ومتميزاً وفعالاً، على اعتبار أنها مرحلة حساسة وتحتاج إلى  دعم وتكاتف سياسي حقيقي من قبل جميع الكتل والأحزاب لشخص رئيس الوزراء محمد شياع السوداني من أجل نجاحه في ملفات مهمة تتعلق بفرض هيبة الدولة ومكافحة الفساد وبناء دولة المؤسسات». 

بدوره، قال المحلل السياسي، الدكتور حيدر سلمان، في حديث لـ»الصباح»: إنَّ «هناك إقصاء للقوى المستقلة، لكنَّ الواضح أيضاً أنَّ هناك تقسيماً للجان على أساس المحاصصة والمكونات والكتل الحزبية».

وأضاف، «لا أعتقد أنه سيكون هناك أي استدعاءات للمناصب التنفيذية أو نوع من المساءلة عن طريق اللجان النيابية، بقدرما أنها ستكون ملفات سياسية ولن يكون هناك معيار للكفاءة والأداء»، مرجحاً «تعطيل تشريع الكثير من القوانين 

المهمة ومنها الموازنة».

المحلل السياسي، الدكتور طالب محمد كريم، بين لـ»الصباح»، أنَّ «ما جرى بعملية تشكيل اللجان في مجلس النواب مشابه لعملية تقسيم المناصب التنفيذية، فما حدث كان عبارة عن تكرار السابق، بل ربما قد ازداد بدرجة أقوى في ترسيخ المحاصصة التي عجزت عن إنتاج الحلول الناجعة في حل مشكلات الخدمات والبناء ومعالجة الفقر».


تحرير: محمد الأنصاري