سياسة العراق {الحذرة} تقود تقارب واشنطن وطهران

العراق 2023/02/05
...

 بغداد: حيدر الجابر 


خلقتْ تحركات الحكومة العراقية أجواء إيجابية في المنطقة نحو تهدئة الأوضاع بين طهران وواشنطن أو عبر ضفتي الخليج، من خلال لعب دور الوسيط، حيث استضافت بغداد عدة لقاءات بين مسؤولين سعوديين وإيرانيين، كما كانت العاصمة العراقية ناقلاً موثوقاً للرسائل بين الآخيرين ونظرائهم الأميركان. 

وتحدث "معهد واشنطن للدراسات"، عن خطوات حذرة يمارسها رئيس الوزراء محمد شياع السوداني، الذي يحاول الاحتفاظ بما وصف بـ"شعرة معاوية" بين الطرفين (الأميركي والإيراني)، في ظل ضغوطات دبلوماسية واقتصادية داخلية وخارجية. 

ودعا عضو مجلس النواب، علي المشكور، إلى الانفتاح على الجميع بصورة "متوازنة"، معتبراً حياد الحكومة العراقية "أمراً إيجابياً". 

وقال المشكور، وهو نائب عن محافظة البصرة لـ"الصباح": إنه "إذا كانت نية السوداني الانفتاح على جميع الدول فهذا أمر جيد وسيلعب دوراً كبيراً، وهو أمر يحسب له ولحكومته"، وأضاف أن "حياد الحكومة (العراقية) في الملفات الإقليمية أمر إيجابي"، مشيراً إلى "وجود محورين مؤثرين في الساحة العراقية". 

وتابع القول: إن "في العراق محورين مهمين هما الإيراني والأميركي"، وأكد أن "التقارب بين المحورين مهم جداً لدفع عجلة الحياة العراقية التي بدأت تسير ببطء"، واصفاً هذا الأمر بـ"الإيجابي". 

وشهدت بغداد عدة اجتماعات بين أطراف (دولية وإقليمية) متعددة، وهو ما وصفه مراقبون بالأمر الإيجابي، حيث عد الدكتور أحمد عدنان الكناني، أستاذ العلوم السياسية في جامعة بغداد، أن الحكومة العراقية تنهج نهجاً متوازناً، محذراً من أن المنطقة العربية ما زالت "ملتهبة سياسياً". 

وقال الكناني لـ"الصباح: إنه "في ظل تناقضات سياسات الدول العظمى في مناطق عدة، ولا سيما في منطقة الشرق الأوسط، ينهج رئيس الوزراء محمد شياع السوداني نهجاً متوازناً خلال المستقبل القريب من أجل احتواء أي تراجع أو ضعف في علاقات العراق مع محيطه الإقليمي أو الدولي"، وأشار إلى "محادثاته (السوداني) مع منسق مجلس الأمن القومي الأميركي لشؤون الشرق الأوسط وشمال إفريقيا بريت ماكغورك، وقائد فيلق القدس في (الحرس الثوري الإيراني) الجنرال إسماعيل قا آني، ليكون ذلك جزءاً من تفعيل معادلة حالة التوازن المتأرجح التي يحاول من خلالها رئيس الوزراء أن يعمل على تحقيقها". 

وأكد أن "المنطقة العربية ما زالت ملتهبة بقضايا صراعية - تنافسية هي أقرب للاختلاف وتنتظر الحسم والحل، ولاسيما الأوضاع في فلسطين المحتلة ومناطق التوتر بالشرق الأوسط التي تنتظر الحل بتسوية سياسية شاملة تجري برعاية دولية وإقليمية وأممية على حد سواء، فضلاً على مراعاة مصالح العراق الذي يحاول أن يقود تسوية للخلافات كـ(وسيط فاعل) بين دول المنطقة وإيران، وصولاً إلى اتفاق ضامن للشراكة الستراتيجية والحفاظ على المصالح مع احترام سيادة الدول". 

وأوضح أن "قوة وسيط التفاوضي العراقي، بدأت منذ نيسان عام 2021، حينما استضافت العاصمة بغداد مباحثات مباشرة على مستوى منخفض التمثيل الدبلوماسي بين إيران والسعودية، إذ توالت المباحثات في عقد خمس جولات متتالية وتحاول الحكومة العراقية الجديدة استكمالها، وصولاً إلى تحقيق أهدافها المشتركة"، وبين أنه "بالمقابل سوف تتفهم دول المنطقة بضرورة تأمين الأمن والاستقرار والدخول في شراكات عمل اقتصادية واستثمارية واعدة كالتي تجري حالياً بين إيران ودولتي الإمارات العربية المتحدة وقطر، والشيء نفسه مع بقية دول المنطقة". 

ودعا الكناني، إلى "رسم ملامح جديدة في العلاقات البينية تحاول حل المشكلات المعقدة واحترام سيادة العراق وتفعيل مشاريع الطاقة وتأمين حركة الأموال والاستثمارات في العراق حاضراً ومستقبلاً". 

في المقابل، لا ينظر الصحفي والكاتب العراقي، سامان داود، بإيجابية لهذا الأمر، متوقعاً أن الحكومة العراقية ستضطر لـ"الانحياز" إلى أحد الجانبين (الإيراني أو الأميركي)، مع توقع اندلاع تظاهرات شعبية. 

وقال داود لـ"الصباح": إن "رئيس الوزراء محمد شياع السوداني أبدى منذ البداية مرونة جيدة نوعاً ما للتعامل مع طرفي الصراع في العراق، وهما أميركا وإيران وأبديا دعمهما له منذ البداية"، وأضاف أن "هذا الأمر جعل السوداني يؤدي دوراً براغماتياً بين الطرفين، وهو ناجح في ذلك إلى الآن وستكون له نتائج إيجابية على الأوضاع الأمنية"، محذراً من "الانعكاسات السلبية على الوضع الاقتصادي في ظل أزمة ارتفاع الدولار والتي يتحملها طرفا الصراع، الولايات المتحدة الأميركية وإيران"، على حد قوله. 

تحرير: محمد الأنصاري