علي حسن الفواز
الإرهاب يتجه إلى غرب أفريقيا. هذا ليس توصيفاً مجرداً، بل هو واقع حال، يجعل من سياسات التصدّي لجماعاته الأصولية أكثر استحقاقاً لمواجهة خطورته وتمدده، ولمعرفة الأسباب التي اسهمت في تفشي ظاهرته، لاسيما في ما يتعلّق بعلاقتها بالبيئات السياسية المعقدة، والأنماط الاقتصادية الفقيرة، والتي جعلت من خطاب العنف الأصولي وكأنه قناع لتمثيل اكراهي للسلطة، ولعنف جماعاتها المهيمنة.
المواقف الغربية والأميركية مازالت مترددة إزاء ما يجري في غرب أفريقيا، وحتى في التصدي الحقيقي لظاهرة الإرهاب الآخذة بالتضخم، وتهديد دول مهمة، مثل نيجيريا وتشاد وبوركينا فاسو والنيجر وبنين ومالي والصومال وتوغو وغيرها، لاسيما بعد ظهور جماعة "بوكو حرام" والتي تحولت إلى قوة غامضة، أعادت إلى الأذهان تاريخ الانقلابات العسكرية في أفريقيا ودور عصابات المرتزقة فيها، ودور تجار السلاح المدعومين من الغرب في تغذية الانقلابات والحروب الأهلية..
البحث عن حلول، يعني البحث عن وقائع على الأرض، فبقدر ما كان للقوات الفرنسية الموجودة في بعض الدول الأفريقية، من دور في مواجهة الجماعات الإرهابية، إلّا أنَّ التدخل السياسي في الشؤون الداخلية- كما تورد بعض المصادر- دفع حكومة بوركينا فاسو الانقلابية الجديدة للطلب من فرنسا بسحب قواتها من البلاد، وهو يعني وضع هذه الدولة، وربما غيرها أمام واقع أمني صعب، تحتاج فيه إلى الدعم والاسناد، وهو ما دعا المستشار السياسي الأميركي أنتوني جيه توكارز إلى القول: إنَّ "مصير كل أفريقيا قد يكون على المحك".
إنَّ التهديد الذي يواجه دولة كبرى في أفريقيا مثل نيجيريا من قبل جماعة "بوكوحرام" يضع الواقع الأفريقي أمام أزمات أكثر صعوبة، لاسيما وأنَّ الطابع الإرهابي لتلك الجماعة اكتسب بعداً "دينياً" إذ قامت بعمليات خطف كبيرة، وبهجمات واسعة ضد المسيحيين، جعل من الحكومة تستعين أيضاً بالقوات الفرنسية والأفريقية، لمواجهة هذا التهديد، وللمساعدة في محاربة الجماعات الإرهابية..
الصراع مع تلك الجماعات ليس بعيداً عن الطابع السياسي، ولا عن المواقف الخلافية مع الغرب، لاسيما بعد اتهام الولايات المتحدة لبعض الدول الأفريقية بالتعاون مع جماعة "فاغنر" الروسية لمواجهة هجمات الإرهابيين، وهو ماسيُلقي بظلاله على العلاقات مع الغرب، على دورها في مواجهة مايحدث في غرب أفريقيا.