بغداد: هدى العزاوي
مرّ نحو 20 عاماً على إنشائها وفق قرار 1500 الصادر عن مجلس الأمن الدولي ومازالت بعثة الأمم المتحدة لمساعدة العراق (يونامي)، مثار جدل بين المراقبين السياسيين، فهناك من يرى أنَّ البعثة خالفت الصلاحيات الممنوحة لها بتدخلها مرات عديدة بالشأن السياسي، وعدم مشروعيتها لتشكيلها تحت ظل الاحتلال في 2003 وليس بطلب من حكومة عراقية دستورية، وكذلك تخييبها لآمال العراقيين في أكثر من مرحلة حرجة بعدم تقديم المساعدة، بينما يرى آخرون أنَّ وجود (يونامي) ضروري في ظل الوضع غير المستقر في العراق، إلا أن هؤلاء المراقبين يطالبون بتفعيل دور البعثة بصورة أفضل
لتقديم الدعم للعراق.
المختص في القانون الدولي، الدكتور حيدر القريشي، بين في حديث لـ”الصباح”، بأن “بعثة الأمم المتحدة في العراق (يونامي) تأسست لغرض تقديم المشورة والدعم للحكومة العراقية في مجال تعزيز الحوار السياسي والمصالحة الوطنية والإصلاح القضائي وتعزيز الحوار الإقليمي للعراق مع جيرانه، فضلاً عن حماية الحقوق والحريات».
وأشار إلى أنَّ “المراقب للوضع العراقي منذ تأسيس البعثة يجد أنها فشلت في أداء المهام المنوطة بها”، مبيناً أنَّ “من مصاديق ذلك الفشل، تقصير البعثة الواضح بتفعيل المساعدات الإنسانية والطبية في ظل وباء (كورونا) وتسهيل عودة النازحين وتحسين قدرات العراق في توفير الحاجات الأساسية كتلك المتعلقة بالصحة والتعليم، وتعزيز المساءلة وعدم إفلات المجرمين من العقاب وغيرها من المهام الأخرى».
وأوضح أنه “بناءً على كل ما ذكر، ولفشل البعثة في أداء مهامها على التفصيل المذكور الذي يكفي للإجهاز عليها - فسقوط عصبة الأمم بوصفها منظمة دولية - سببه فشل الأخيرة في أداء مهامها، وباعتبارٍ ثانٍ هو فقدان الأساس القانوني لوجود هذه البعثة في العراق بادئ الأمر والذي خالف القواعد العامة والمتمثلة بطلب الحكومة الشرعية بوجود مثل هذه البعثات، إذ أنها وجدت في ظل الاحتلال وعدم وجود حكومة منتخبة شرعية آنذاك”، مبيناً أنَّ “كل ذلك - ونعني فشل البعثة في أداء مهامها فضلاً عن القدح بطريقة وجودها وشرعيتها ابتداءً - كفيل بتفعيل مطالبات إنهاء تواجدها على الأراضي العراقية».
أما السياسي المستقل، عمر الناصر، فرأى في حديث لـ”الصباح”، بأن “دور الأمم المتحدة وبعثة (يونامي) والجامعة العربية في العراق منذ عام 2003 مخيب للآمال ولم يرتق لمستوى الطموح”، وأضاف، “لقد ذكرنا في وقت سابق أنَّ على بعثة الأمم المتحدة أن تقوم بدورها الحقيقي في المراقبة والإشراف على الانتخابات، وأن لا تكون (شاهد زور) يجعلها تفقد ثقة الشارع العراقي بها، وتكون ضمن ركب عدم الثقة المفقودة بالطبقة السياسية القابضة على السلطة”، بحسب تعبيره.
ونوّه الناصر، بأنَّ “جميع الإحاطات السابقة التي قدمتها رئيسة بعثة (يونامي) جينين بلاسخارت أمام مجلس الأمن الدولي كانت سياسية بامتياز، وفي تقاريرها تصعيد باللهجة إزاء صنّاع القرار والمطبخ السياسي العراقي”، واستدرك بالقول: “إلا أن الإحاطة الأخيرة التي تقدمت بها بلاسخارت تظهر دعماً واضحاً - يلتحق بالدعم الإعلامي والسياسي –لرئيس الوزراء محمد شياع السوداني، ما يدل على أن هناك جدية حقيقية بدعم خطوات الحكومة في مكافحة الفساد وتنفيذ المنهاج الوزاري، كنقطة شروع لتحقيق الاستقرار السياسي
والاقتصادي في العراق».
فيما دعا المحلل السياسي، علي البيدر، بعثة الأمم المتحدة “يونامي”، إلى “التواصل مع المراقب العراقي للتعرف على ما يريده العراقيون”، عادّاً في حديث لـ”الصباح”، أنه “صحيح من المهم وقوف (يونامي) على الحياد، لكن بنفس الوقت فأن التوثيق يتطلب منها الذهاب في تفاصيل أعمق، كما أنها ليست ملزمة بإنجاز مشاريع محددة، فدورها مراقبة المشهد العراقي ورصد وتوثيق الصورة، ولكن ومع الأسف يتم تضليل هذه البعثة
من قبل المنظومات السياسية».
وبين أنه “لإحداث الفرق يجب الاتصال والتعاطي بشكل مباشر مع الشارع العراقي للوقوف على ما تغفل عنه البعثة أو ما يصار إلى تضليلها”، منوهاً بأن “غياب البعثة عن العراق سيؤدي إلى انفراد المنظومة السياسية بالسلطة والقرارات، وبالتالي سوف يعزل العراق عن العالم».
إلى ذلك، ذكر الخبير في مجال حقوق الإنسان، الدكتور علي البياتي، في حديث لـ”الصباح” أنَّ “وجود البعثة جاء استناداً إلى طلب الحكومة العراقية ولم يكن بشكل مفروض، على الرغم من أنَّ هذه البعثة في بعض الأحيان تتجاوز صلاحياتها”، مبيناً أنَّ “المشكلة هنا تكمن بضعف المؤسسات العراقية والقادة العراقيين».
تحرير: محمد الأنصاري