إشكاليات العلاقات الصينية - الأميركية بين الأمن والاقتصاد
جواد علي كسار
عندما أراد المفكر العراقي الراحل هادي العلوي مرّة، أن يقرّب لنا فكرة صلة الصين بالأيديولوجية، عرض لفرضية مؤدّاها أن الصين، مزجت الماركسية المستعارة من القرن التاسع عشر بالحكمة الصينية المتوارثة عبر القرون، فجاءت الحصيلة تجوهر في الحكمة الصينية راح يعادل بإيجابيته سلبيات أيديولوجية ماركس ولينين وستالين وماو، لتكون النتيجة هذا التعامل المرن غير المتصلّب مع الأفكار والنظريات والأيديولوجيات المستحدثة، ما يجعل لبكين دائماً مساحة مناورة تحافظ بها على الاقتصاد، والأهمّ من ذلك حماية الذات الصينية.
منعطف بينج
هذا ما حصل تماماً بعد وفاة ماو تسي تونغ (1893 - 1976م) وانكفاء ثورته الثقافية (أعلن عنها عام 1966م) وتغييب عصابة الأربعة (جيانج كينج زوجة ماو وثلاثة من المقربين لها) عندما قاد فيها رئيس الوزراء الاستثنائي دينج هشياو بينج (1904 - 1997م) الصين صوب التحديث الاقتصادي، بعيداً عن الماركسية بنسختَيْها الستالينية والماوية، وعبر ارتكازه إلى قوى الإنتاج ضمن عملية تحديث واسعة شملت الصين بمرافقها كافة، أخذ فيها من اقتصاد السوق تركيزه الهائل على الرأسمالية الإنتاجية ومراكمة الثروة، بدلاً مما يحصل في مثل حالات مشابهة، من انخراط مقزّز في الاستهلاك والرأسمالية الانفاقية غير المنتجة، تحت ذريعة الانفتاح واقتصاد السوق، كما هو حالنا في العراق مثلاً، منذ التغيير حتى ا
لآن!
نستطيع أن نلحظ ببساطة، أن جميع من جاء بعد انتهاء مدّة حكم بينج (1978 - 1992م) سار على ستراتيجيته القاضية إجمالاً؛ بأن الصين بحاجة إلى نصف قرن، هي المدّة التي تستغرقها عملية التحديث الاقتصادي، حين ركز لبلوغها على الهندسة والإدارة والاقتصاد، وفتح الصين على العالم عبر بعثات منهجية منظمة إلى الغرب ولاسيّما أميركا وبريطانيا، لاكتساب المعرفة المطلوبة.
العصرنات الأربع
يعطينا الباحث الصيني المتخصّص بالعلوم الاجتماعية رو بن، في كتابه الأهمّ عن الصين "الصينيون المعاصرون: التقدّم نحو المستقبل انطلاقاً من الماضي" تصوّراً مُبسّطاً لعملية التحديث المنشودة، التي استندت إليها الحكومة، وهي تتكوّن من أربعة مسارات في عصرنة الصين؛ هي الصناعة، والزراعة، والعلوم والتكنولوجيا، والدفاع.
ومع أن عملية التحديث تتخطى الاقتصاد إلى الثقافة، وخصائص الطابع القومي للشخصية الصينية، وإعادة بناء الرؤية إلى الهوية والذات، والفرد والمجتمع، والداخل والخارج، وكلّ ما يرتبط بما يسميه الباحث إعادة تنظيم شبكة المعاني وهيكل المفاهيم، إلا أنه يقرّر أن هذه العملية تتخذ من البناء الاقتصادي مركزاً لها (صينيون معاصرون، ج 1، ص 41).
وهذا ما يُفسّر لنا على وجه الدقة، المسار الذي انتهجه رائد التغيير رئيس الوزراء دينج هشياو بينج، عندما فصل بين المسارين السياسي والاقتصادي، وقد اعتمد منهج الإصلاح الحذر في الجانب السياسي، مقابل التغيير الجذري في الاقتصاد، فوفّر غطاءً لحماية الصين من الانهيار والهزّات العنيفة، على شاكلة ما حصل في الاتحاد السوفيتي على عهد ميخائيل غورباتشوف، وما تعرّضت له تبعاً لذلك المنظومة الشرقية برمتها بعد انهيار جدار برلين، وقد كانت تدور في فلك موسكو.
خلفية العلاقة مع أميركا
إذا أردنا أن نضع جانباً ما أطلق عليه جي. جي. كلارك، رئيس قسم تأريخ الأفكار في جامعة "كنغستون" بلندن؛ حالة "الهوس بالصين" بوصفها ضرباً من الفضول الذي يمزج عند الغربيين، بين خليط من دوافع المعرفة وأطماع السيطرة السياسية والاقتصادية، فإن ملف العلاقات بين الصين وأميركا في السياسة والاقتصاد، تجمع بينهما أو تفرّق خيوط من المصالح الجيوبولوتيكية والجيوسياسية والستراتيجية (يُنظر: التنوير الآتي من الشرق: اللقاء بين الفكر الآسيوي والفكر الغربي).
الصدمة الأميركية من الصين بدأت مع انتصار ثورة ماو سي تونغ عام 1949م، ثمّ ازدادت سلبية بالتحالف الثنائي الذي جمع بين الاتحاد السوفياتي والصين، لتكوين محور ماركسي شيوعي ضدّ الغرب بشقّيه الأوروبي والأميركي، ليتحوّل إلى عداء بعد الأزمة الكورية عام 1953م، وتصعيد أميركي ضدّ بكين كانت أبرز معالمه تأييد "تشان كاي تشك" الذي فرّ إلى جزيرة فرموزا (تايوان)، وأعلن عن حكومة سمّاها حكومة الصين الوطنية، حظيت بتأييد الولايات المتحدة، وبقيت متمسّكة بتمثيل الصين في الأمم المتحدة، حتى تشرين الأول عام 1971م، عندما استطاعت بكين انتزاع هذا الحقّ لنفسها، وأن تكون الممثل الوحيد للصين.
مجمل هذه التطوّرات في الرقعة الموسومة بالهند الصينية (لاووس، كمبوديا، فيتنام) وفي شرق آسيا (كوريا الجنوبية والشمالية) والأهمّ من ذلك التحالف الشيوعي بين بكين وموسكو (ستالين وماو) قادت البلدين إلى علاقة العداء والخصومة، ودفعت واشنطن لبذل جهود ضخمة لبناء نظام دفاعي معادٍ للشيوعية في الشرق الأقصى، ليتصدّى لما أسماه الأميركيون بالخطر الأصفر (قضايا معاصرة في السياسة الدولية، ص 84).
الأزمة بين موسكو وبكين
النقطة الجوهرية التي لعبت دوراً جذرياً في إعادة تكييف العلاقة بين الصين وأميركا إيجابياً، هي توتر العلاقة على خطّ محور موسكو - بكين. باختصار شديد انكفأت العلاقة بين الصين الشعبية والاتحاد السوفيتي بعد وفاة ستالين عام 1953م، على خلفية النزاع العقائدي بين الطرفين إثر خطاب الزعيم الجديد نيكيتا خروتشوف، أمام المؤتمر العشرين للحزب الشيوعي السوفياتي عام 1956م.
لقد صبرت بكين قرابة أربع سنوات على ما أسمته بـ"التحريفية السوفياتية" ثمّ أعلنت الحرب الدعائية ضدّ موسكو، بتوقيت تزامن مع نشر مقال "تحيا اللينينية" بتأريخ 16 نيسان 1960م.
بتأريخ 14 حزيران 1963م بعث الحزب الشيوعي الصيني برسالة رسمية نقدية للحزب الشيوعي السوفياتي، مكوّنة من (25) نقطة خلاصتها أن الشيوعي السوفياتي قد فشل في قيادة الشيوعية العالمية. ثمّ تفاقمت الأزمة بينهما أكثر، عندما انفجرت مشكلة الحدود في موضوع منغوليا الخارجية عام 1963م، ثمّ تجدّدت المشكلة عام 1969م، ليتحيّث الخلاف بين قطبي الشيوعية العالمية بالبُعدين العقائدي والحدودي، ويأخذ مسار التفارق واللاعودة عن الخصومة، وهو ما أدّى إلى التقاط أميركا للعقدة واللعب على هذا الصراع، وإعطائه دفعة حيوية فاعلة وممتازة، عبر الانفتاح على بكين، وهذا ما كان.
الانفتاح الأميركي
يعتقد الكثيرون أن مستشار الأمن القومي الأميركي هنري كيسنجر، هو من قام بتطبيع العلاقات مع الصين على عهد إدارة ريتشارد نيكسون (1969 - 1974م) ووطأ للقاء الأشهر بين ماو سي تونغ ونيكسون في شباط عام 1972م. وهذا كلام صحيح في الجملة، بيدَ أنه لا يعكس الحقيقة كاملة.
الواقع أن جهود واشنطن لإعادة التوازن إلى علاقتها مع بكين، تعود إلى قبل إدارة نيكسون وزيارته الصين. إذ نقرأ في ملف العلاقة بين الطرفين، أن الرئيس كينيدي (1961 - 1963م) أبدى رغبة كبيرة للتعامل المباشر وجهاً لوجه مع الصين، وكان يناقش مشروع علاقة جديدة معها، ومال بين خيارات سياسية ثلاثة، إلى التصالح مع بكين. كما أن حوارات سرية مباشرة على مستوى السفراء حصلت بين الجانبين، يعود بعضها إلى عام 1955م.
أجل، أجاد كيسنجر ومن ورائه إدارة نيكسون، اقتناص التوتر على خطّ الأزمة بين بكين وموسكو، وتدخل في الوقت المناسب لإنزال الضربة القاضية في عملية تفكيك المعسكر الصيني - السوفيتي، وتوسيع الهوّة بينهما. قال كيسنجر في أيلول عام 1970م: إن "أعمق صراع دولي في العالم اليوم، ليس بيننا وبين الاتحاد السوفياتي، وإنما بين الاتحاد السوفياتي والصين الشعبية"، (الوفاق الأميركي - السوفيتي، ص 177).
بموازاة القناة السرية في وارسو وغيرها، أرسلت واشنطن إشارات إيجابية إلى بكين، عندما خفّفت عام 1969م قيود السفر إلى الصين، وأذنت للشركات الأميركية بالتعامل التجاري معها، وقام فريق التنس الأميركي بزيارة إلى الأراضي الصينية ضمن ما اشتهر بعدئذ بـ"دبلوماسية تنس الطاولة"، وقد تُوّج ذلك كله بإعلان الرئيس نيكسون بتأريخ 14 تموز 1971م، أن مستشاره للأمن القومي هنري كيسنجر زار الصين سراً؛ هذه الزيارة التي تكرّرت علناً في تشرين الأول من العام نفسه، لتفتح الطريق أمام زيارة نيكسون نفسه في 21 شباط 1972م.
الحقل الاقتصادي
لستُ أدري إذا كان لستر ثارو، أستاذ مادّة الاقتصاد في مدرسة "سلون" التابعة لمعهد ماشوستس للتكنولوجيا، ما يزال على قيد الحياة أم لا؟ لقد أمتعنا في كتابه الثمين "الصراع على القمة: مستقبل المنافسة الاقتصادية بين أميركا واليابان" (صدر عام 1993م) بيدَ أنه أخطأ في وضع الاقتصاد الياباني منافساً مقابل الاقتصاد الأميركي، وافترض صراعاً بينهما على القمة.
أجل، الصراع الاقتصادي موجود وقائم، لكنه بين أميركا والصين. فالمؤشرات على تقدّم الصين إلى مصافّ أكبر اقتصاد في العالم بعد الاقتصاد الأميركي، بدأت مع النصف الثاني من تسعينيات القرن المنصرم، أي قبل ربع قرن من الآن. والصورة الرقمية أصبحت واضحة بما فيه الكفاية، فالصين تسجّل ثاني أكبر ناتج إجمالي سنوي، بعد أميركا، وتراجعت اليابان إلى الوراء، وهي من بين أكبر المشترين لسندات الخزينة الأميركية، تملك ثاني أضخم رصيد من الدولار والعملة الصعبة بعد أميركا، وهي "التنين الأكبر" الذي يقف على مسافة خطوات من القمة (يُنظر في المعطيات الرقمية للتفوّق الصيني، كتاب "التنين الأكبر: الصين في القرن الواحد والعشرين" للمؤلفين الأميركيين دانييل بورشتاين وآرنيه دي كيزا).
بين الأمن والاقتصاد
نعود الآن إلى قصة منطاد التجسّس التي ما تزال تشغل العالم، وقد أدّت إلى ردّ فعل أميركي برزت حدّيتهُ واضحة، في إلغاء البيت الأبيض لزيارة كان من المرتقب أن يقوم بها انتوني بلينكن وزير الخارجية الأميركي إلى بكين يوم الأحد الماضي؛ لنطرح السؤال التالي: هل من المعقول أن بكين تجازف بتجميد نفسها في السباق على قمة الاقتصاد العالمي، بل وتخسر هذا السباق وكلّ ما حققته من مكاسب اقتصادية مدهشة خلال أربعة عقود ونصف، لصالح خيار وضع السياسة والأمن في المقدّمة، على حساب التجارة والاقتصاد؟.
على مدار (2400) كلم يمتدّ سور الصين العظيم، وهو رمز إلى عزلة الصين وانكماشها على ذاتها على مدار قرون؛ فهل تنزلق بعد نصف قرن من سياسة الانفتاح، إلى خيارات المواجهة والصدام، فتنتهي إلى عزلة أشدّ؟، لا أعتقد أن الصين تفكّر بالتراجع عن عرش العالمية في الصناعة والتجارة والاقتصاد، لصالح الأمن والعسكرة والحروب.
لم تفعل الصين ذلك في قضية مصيرية مثل استعادة تايوان. كما أنها لم تورّط نفسها بموقف اصطفاف عملي وميداني مباشر لصالح روسيا، رغم الإغراءات التي قدّمها بوتين على صعيد رفع الميزان التجاري مع الصين إلى حدود (160) مليار دولار، مع معاملة مفضلة في سعري النفط والغاز، إذ لم يُعرف عن بكين للآن أنها قدّمت ذخيرة أو سلاحاً، أو مستشارين إلى روسيا في حربها ضدّ أوكرانيا.
بيدَ أن ذلك لا يعني مطلقاً أن الصين بلا طموحات سياسية، فلا وجود في العالم كله لقوّة اقتصادية معلّقة بالفراغ، منزوعة عن طموحات السيطرة والهيمنة والتفوّق السياسي؛ يصحّ هذا عن اليابان قبل الصين، وعن ألمانيا قبلهما. كما لا وجود أيضاً لقوّة اقتصادية عالمية آمنة ضدّ المخاطر والتهديدات، ومن ثمّ من السذاجة والهبل أن نتخيّل الصين بدون طموحات سياسية، أو بدون قوّة عسكرية تؤمّن بها نفسها، وتتحصّن بها ضدّ المخاطر، وهي بالنسبة إلى الصين كبيرة، تتصدّرها في خرائط الأمن القومي الصيني، روسيا واليابان والهند، أضف إلى مخاطر الغرب بشقّيه الأوروبي والأميركي.
لكن الأمر يعتمد على الإدارة والموازنة في الأولويات، ومن المؤكد أن الصين لا تجازف بخيار الصراع السياسي، فضلاً عن تغليب المعالجات الأمنية واللجوء إلى الحرب. وهذا ما يدفعنا لكي نبحث عن أي تفسير آخر، لقضية المنطاد التجسّسي غير التصعيد والحرب، كما بات ذلك واضحاً من هدوء بكين وامتصاصها لغضب واشنطن عبر الصبر وإبداء الأسف، وربما الاعتذار لاحقاً.
الصائد الماهر
أكثر من ذلك، الخصائص الحذرة في الشخصية الصينية، تجعل بكين ليست بعيدة عن خيارات المواجهة والحرب وحسب، بل تدفعها دفعاً للحرص على مكاسبها الاقتصادية ومراكمتها، وهي أساساً مكاسب حقّقتها من خلال الاقتصاد العالمي، الذي هو اقتصاد غربي بل أميركي بالدرجة الأولى، لذلك لن تجازف إلى كسر السلّم الذي بلغت من خلاله الاقتصادية العالمية، ولن تعمل إلى رميه أرضاً.
الصين اليوم تتربّع على ناتج محلي إجمالي سنوي يقترب من (18) تريليون دولار، مع خزين من الدولار لا يقلّ عن (3) تريليونات، وتجارة مع أميركا بحدود (700) مليار دولار، أو ما يعادل نصف التعامل التجاري مع الاتحاد الأوربي (27 دولة).
إذا أخذنا القدرة المالية، فإن استثمارات الصين وحدها وقدراتها اللوجستية على صعيد الثروة، تعادل قدرة البنك الدولي وصندوق النقد العالمي معاً. أضف إلى وجود نحو ألف مشروع في آسيا تابعة لـ"بنك آسيا للاستثمار العمراني"، التي تعدّ الصين من أكبر ملاك أسهمه. والصين اليوم هي مصدر السلع الرخيصة والمتوسطة وأكبر منتج لها في العالم.
هذه الخصائص مجتمعة وغيرها كثير، تجعل الصين بمنزلة "الصائد الماهر" على حدّ تعبير أحد الزملاء، ينتهز الفرص بدربة ومهارة، ولا يقامر برأسماله وأرصدته ومشاريعه.
المنطقة والعراق
لو أخذنا منطقتنا مثالاً، فإن حجم استثمارات الصين يصل إلى (450) مليار دولار، والطموحات ما تزال متجهة إلى اتساع وهي تزحف من تطوير حقول النفط والغاز، إلى المشاريع المدنية، فالصناعات العسكرية، كما حصل مؤخّراً بين بكين والرياض.
تتحرّك الصين في المنطقة وعينها على سوق تملك دولها الآن في صناديقها السيادية، مبلغاً يصل إلى (2000) مليار دولار، وقد جعلت من الإمارات عاصمة اقتصادية لها في الإقليم، إذ تُفيد الأرقام بوجود جالية صينية تعيش في دبي، تصل إلى (250) ألف صيني، من دون أن ننسى دور العلاقات الاقتصادية الصينية الموازية مع "إسرائيل"، فالصين تاجر ماهر، وهذه خصلة التاجر، ومع ذلك فهي تفكر بمضاعفة حجم التجارة والمشاريع في المنطقة، إلى الضعف في حدود السنة الجديدة هذه.
بشأن بلدنا العراق، فلديه ما يعطيه إلى الصين وهو النفط والسوق المحلية ومشاريع الاستثمار. وبعيداً عن جدليات الاتفاقية العراقية - الصينية؛ موجودة أو غير موجودة، وهل هي مذكرة تفاهم أم اتفاقية ناجزة، وُقّعت بعهد حيدر العبادي أم عادل عبد المهدي؛ بعيداً عن ذلك كله قرأتُ في تقرير لصحيفة غير عراقية، أن الصين مستعدّة لمقايضة النفط العراقي ببناء مطار في الناصرية، ونحو (7) آلاف مدرسة، و(1000) مركز صحي، وحدود (90) ألف وحدة سكنية في مدينة الصدر، وتحديث شبكة الصرف الصحي في العاصمة بغداد.
أقول، ليس من المنطقي أن الصين تفرّط بكلّ هذه المآثر في اقتصاد العالم والمنطقة، لنزوات أمنية، لكن أيضاً من دون أن تهمل أمنها وبنيتها العسكرية، أو تغفل عن استثمار السياسة في الاقتصاد، إذ لا وجود لاقتصاد محض من دون ثمار في
السياسة.
أخيراً، هناك من يذهب إلى أن الصين تسعى إلى أن تملأ في المنطقة الفراغ الأميركي. وما أراه أن الصين لا تفكر بالصراع فضلاً عن التصادم مع أميركا، على الأقلّ الآن، ومن ثمّ فهي تتحرّك من دون أن تصطدم بالخطوط الأميركية الممنوعة، هذا إن لم تكن في تنسيق مع أميركا ولو على مستوى المحاور العامة.