د. علاء هادي الحطاب
لا يمكن لأي إنسان سليم أن لا يحزن إزاء ما خلفته مجموعة الزلازل التي ضربت تركيا وسوريا من دمار وخسائر كبيرة بالأرواح والأملاك وما شاهدناه من مشاهد مؤلمة يشيب لها الرأس، إذ انهدمت مدن كبيرة على أهلها في ثوان معدودات ولا تزال ارتداداتها مستمرة حتى
اليوم.
ما بعد لحظة الزلزال أعظم من لحظة وقوعه، فهنا يبدأ الألم لمن فقد أعزاء على قلبه فضلا عن فقدان كل شيء في هذه الحياة بثوان معدودة من دون أن يكون مستعدا نفسيا وماديا لذلك، وهنا تكمن أهمية الوقوف والمساندة لهؤلاء الناس الذين وجدوا أنفسهم بلا مأوى ولا مال ولا طعام ولا شراب ولا أي شيء من مستلزمات الحياة وبعضهم بلا عائلة كاملة.
مد يد العون لهؤلاء أعظم درس وتدريب للإنسان في مقياس مدى احتفاظه بإنسانيته تجاه الآخرين، ولم يكن غريبا موقف العراقيين من عامة الشعب وفزعتهم لنجدة المنكوبين، لا سيما في سوريا، نعم كل الدول قدمت مساعدات لهذين البلدين، لكن هذه المساعدات جاءت من خلال أموال تلك الدول لا من خلال أموال المواطنين كما فعل العراقيون، إذ تطوعوا كأفراد ومنظمات وعشائر وتجمعات ومؤسسات وحشد شعبي وجمعوا المواد الإغاثية وتوجهوا إلى سوريا تحديدا بأنفسهم لتقديم تلك المساعدات والإغاثة في ظل هذه الظروف الجوية القاسية، وهذا الأمر مثّل أنموذجا حيا للتكافل الاجتماعي ليس بين أفراد العائلة الواحدة ولا القبيلة الواحدة ولا حتى البلد الواحد بل بين أبناء الإنسانية، كما يحفزنا على تكرار هذا الفعل الإنساني الخيّر بيننا لمن يحتاج المساعدة والإغاثة لأن التكافل بين أبناء البلد الواحد أسمى أنواع التكافل الاجتماعي.