خطاب الاتحاد وما بعده

قضايا عربية ودولية 2023/02/12
...

علي حسن الفواز

رسم خطاب الاتحاد الأميركي الذي ألقاه الرئيس جو بايدن ملامح الحال، وسمات مايمكن أن تتكشّف عنه السياسة الأميركية، حتى بدا الأمر وكأنه تمثيلٌ لهواجس، ولصراعات مخفية، من الصعب التصريح بها إلّا عبر خطاب القوة، أو عبر وضعها في سياق يُبيح إطلاق 

الأحكام والمواقف العلنية.

خصوصية هذا الخطاب اقترنت بالتحديات التي تواجهها حكومة بايدن، وبسعيها إلى تشكيل ملامح فائقة لتلك للقوة، ولتجاوز واقعٍ سياسي صعب داخل الكونغرس الأميركي ذي السطوة الجمهورية، والذي بات يمارس ضغطاً على إجراءات بايدن، وعلى خياراته السياسية وستراتيجياته الأمنية والاقتصادية، وحتى على موقفه إزاء  

الصراع المحتدم في أوكرانيا.

هذا الخطاب تحوّل إلى موقف استعراضي، عبّر من خلاله الرئيس  بايدن عن موقفه إزاء التحديات الداخلية اقتصادياً وأمنياً، وإزاء التحديات الخارجية، لاسيما في العلاقة مع الصين، وروسيا، فضلاً عن التذكير بانجازاته، وبضرورة أن تكون الانتخابات الرئاسية المقبلة فرصة لمواصلة الانتعاش الديمقراطي، ولتأكيد مبدأ القوة الأميركية، إذ سيجعل من الإعلان الرئاسي، فرصة للحديث عن علاقة الديمقراطيين بمشروع الإصلاح السياسي والاقتصادي، وحفظهم لـ"الهيبة الأميركية" التي تعرّضت لتداعيات شعبوية خطيرة بسبب سياسات الرئيس السابق ترامب.  

لقد عمد الرئيس بايدن إلى حشدٍ استثنائي للحضور، وإلى تغذية المشهد بإجراءات رومانسية، تبدأ من الحديث عن إصلاح مؤسسات الشرطة، والحدّ من الممارسات العنصرية، ودعوته جماعة "تجمع السود" للحضور إلى مراسم إعلان الخطاب،  لاسيما بعد مقتل الأميركي من أصول أفريقية تايري نيكولز على يد عناصر شرطة في مدينة ممفيس، ولا تنتهي عند الحديث عن "المنطاد الصيني" وخرقه الأجواء الاأميركية، والذي كشف عن ضعف إدارة بايدن في تعاطيها الأمني والمعلوماتي تجاه الصين، فضلاً عن مواجهة الاتهامات بشأن الملف الأوكراني،  حتى بدت استعراضية الخطاب أكثر تعالقاً بالحاجة إلى صياغة موقف حاسم، له أبعاده في التعبير عن القوة، وعن الدعم المستمر للعسكرة الأوكرانية، ولفرض المزيد من العقوبات الضاغطة على روسيا.