تفاؤل بإنهاء فجوة السعرين {الرسمي} و{الموازي} للدولار

العراق 2023/02/12
...

 بغداد: هدى العزاوي

 

أبدى خبراء في المال والاقتصاد، تفاؤلهم بأن يسهم اتفاق البنك المركزي العراقي مع مؤسسة مالية أميركية كبرى لتسديد مدفوعات النظام المصرفي للصين بردم الفجوة الواسعة بين السعرين «الرسمي» و»الموازي» للدولار، وأوضح الخبراء أن الفارق بين السعرين يرجع إلى أسباب متعددة لا تتعلق بالقرار الحكومي بل بالتغيير المؤقت الذي أصاب آلية الحوالات المالية بغرض الاستيراد، وأنه يمكن بإجراءات جدية وقوية استعادة استقرار سعر الصرف. 

وبين مستشار رئيس الوزراء للشؤون المالية، الدكتور مظهر محمد صالح، في حديث لـ»الصباح»، أن «وظيفة السياسة النقدية للبنك المركزي هي فرض الاستقرار، لذلك عندما بدأت أسعار الصرف تقترب من (المرتبتين العشريتين) بسبب توقعات التضخم الجاري، فإن السياسة النقدية دخلت باحتياطاتها لرفع قيمة الدينار العراقي».

ولفت إلى أن «السبب في اختلاف سعر الصرف الرسمي عن السعر الموازي ليس اقتصادياً، لكن بسبب تنظيم إداري دولي سببه التحويلات التي تشكل نحو 90 % من الطلب على العملة، وهذه الحوالات خاضعة لقواعد الامتثال الذي فرضته وزارة الخزانة والبنك الفيدرالي الأميركيان».

وأكد أن «كل هذه مشكلات مؤقتة، وأنه مع انتظام التجارة الخارجية للعراق وخضوعها لضوابط الامتثال والشفافية والحوكمة كما جرى في واشنطن من اتفاقات وحزم، فإنه بمرور الوقت ستستقر أسعار الصرف».

وأشار صالح إلى أن «إعلان البنك المركزي العراقي أن التجارة بين العراق والصين التي تتجاوز 53 مليار دولار سنوياً ستتم مباشرة مع الصين بتوسط مصرف أميركي، سيعمل على تقريب السعر الرسمي للدولار من السعر الموازي بنسبة 50 %».

وأعلن البنك المركزي العراقي، أمس السبت، الاتفاق مع مصرف «جي بي مورغان» الأميركي على تسهيل المدفوعات من النظام المصرفي العراقي إلى الصين لتمويل الاستيرادات.

وذكر البنك المركزي في بيان صدر عنه أمس السبت، أن محافظه علي محسن إسماعيل، التقى دانيال زيليكو نائب رئيس مجلس الإدارة في مؤسسة «جي بي مورغان» على هامش زيارته واشنطن، وتم خلال اللقاء الاتفاق على قيام مصرف «جي بي مورغان» بتسهيل المدفوعات من النظام المصرفي العراقي إلى جمهورية الصين الشعبية لتمويل استيرادات القطاع الخاص بشكل مباشر.

وكانت سفارة الصين لدى العراق قد أعلنت، أمس الأول الجمعة، أن حجم التبادل التجاري بين البلدين تجاوز 53 مليار دولار أميركي خلال العام الماضي.

إلى ذلك، قال الخبير في الشأن الاقتصادي، الدكتور نبيل المرسومي، في حديث لـ»الصباح»: إن «الفجوة الموجودة بين سعر الصرف الرسمي والسعر الموازي متوقعة، لأن المشكلة اليوم في الحوالات المصرفية وتقييد الاستيرادات، لذلك عندما تنخفض الحوالات المصرفية بحدود 85 - 90      % من تمويل التجارة الخارجية يكون الاتجاه نحو (الدولار النقدي) الذي زاد الطلب عليه، ليكون لدينا سعران «الموازي» الذي يتم بين التجار في الداخل، وسعر الصرف الرسمي المنظم والمحدد إدارياً من قبل البنك المركزي العراقي».

وحذر الخبير من أنه «إذا لم يتم غلق الفجوة بين السعرين فالأيام المقبلة ستشهد ارتفاعاً في أسعار السلع، وستزداد المشكلة إذا لم يتم حلها جذرياً»، مبيناً أن «المشكلة في الدولار النقدي الذي طالما هو موجود فإن هناك عمليات تهريب للدولار من أجل تنفيذ حوالات تجارية سوداء، خاصة أن الكثير من التجار غير قادرين على التعامل مع المنصة الإلكترونية».

ونوّه المرسومي بأنه «في حال توقف المنصة الإلكترونية عن التعامل مع الحوالات بين التجار العراقيين وإيران التي كانت تتم عبر بنوك في دولة الإمارات لسداد أقيام الاستيرادات، فسيلجأ هؤلاء التجار إلى الدولار النقدي لسداد المستحقات عليهم»، وأكد أن «هذا الموضوع معقد وشائك وصعب وبحاجة إلى معالجات جذرية ومن دون ذلك ستبقى الفجوة كبيرة وأسعار السلع نحو الارتفاع».

إلى ذلك، قال عضو لجنة الاقتصاد والصناعة والتجارة النيابية، سوران عمر في حديث لـ»الصباح»: إن «مشكلة سعر الدولار تتعلق بالسيطرة على السوق والتهريب المستمر لهذه العملة، كما أن غسيل الأموال قائم»، داعياً إلى مراجعة جدية وحقيقية لقرار منح الدولار للبنوك وشركات الصيرفة المشاركة في مزاد العملة، عادّاً أن تلك 

هي «المشكلة الرئيسية».

ولفت عمر، إلى أن «الفرق بين سعر الدولار من البنك المركزي والسوق يفيد تجار الدولار، لذا يجب اتخاذ إجراءات جديدة لمزاد العملة»، متهماً شركات صيرفة وبنوكا وتجارا مرتبطين بسياسيين بتهريب كميات كبيرة من الدولار عبر إقليم كردستان ومنه إلى تركيا وخارج العراق، مطالباً بتشديد الرقابة 

والمحاسبة في هذا الملف.

الخبير المالي عبيد محل، انتقد في حديث لـ»الصباح»، ضعف الإجراءات الرقابية والحكومية إزاء تهريب الدولار والفارق السعري بين الرسمي والسوق السوداء، متسائلاً: «الجهات الحكومية تدعو المواطن للإبلاغ عمن يبيع الدولار بأعلى من السعر الرسمي ( 132 ألف دينار لكل 100 دولار)، لكن تلك الجهات نفسها تنشر أسعار البورصة المعروفة التي تتجاوز 158 ألف دينار! إذن أمر ضرب السعر الرسمي عرض الحائط ليس سراً، وتلك مسؤولية الدولة وليس المواطن».

وكانت وكالة الاستخبارات والتحقيقات الاتحادية، أصدرت أمس الأول الجمعة، بياناً دعت فيه المواطنين إلى «توخي الحيطة والحذر والإبلاغ عن عصابات تهريب العملة والمضاربين والمتلاعبين بأسعار الصرف والحوالات غير الرسمية وأصحاب محال الصيرفة غير الملتزمين بالسعر الرسمي، عبر الخط الساخن والمجاني (144)»، وأضاف البيان، أن «لا تعامل إلا مع السعر الرسمي لصرف الدولار، الذي حدده البنك المركزي وصادق عليه مجلس الوزراء».


تحرير: محمد الأنصاري