بيروت: جبار عودة الخطاط 

تترنّح القدرة الشرائيَّة للبنانيين على وقع الصعود الصاروخي للدولار الذي بالغ في تحليقه حتى تجاوز عتبة الثمانين ألف ليرة، مما حدا مجاميع من الناس الناقمة على النزول للشارع وقطع الطرقات، وفي وقت أكد مراقبون أنَّ الغطاء الدولي عن حاكم "مصرف لبنان" رياض سلامة قد رفع وأنه في مأزق، هدد أمين عام حزب الله السيد حسن نصرالله أميركا وإسرائيل متهماً إياهما بدفع لبنان نحو الفوضى العارمة.

الأزمة تفاقمت ودخلت في منعطف خطير، فالعملة الوطنية تدهورت بشكل غير مسبوق وفقدت من قدرتها الشرائية أكثر من 90٪ مما انعكس على السوق التي احترقت فيها أسعار السلع في المتاجر، مما حدا وزارة الاقتصاد على إصدار قرار بـ"دولرة" جميع الأسعار في محاولة منها للجم جنونها الذي أصاب المواطن المغلوب على أمره بالعجز.

حشود من اللبنانيين نزلت إلى الشوارع في مناطق مختلفة من البلاد للتعبير عن سخطها من تردي الأوضاع المعيشية وقامت بإحراق عدد من واجهات المصارف وقطع الطرقات بالدواليب المشتعلة، كما أضرم المحتجون النيران أمام مدخل منزل رئيس "جمعية المصارف" سليم صفير في حرش تابت - سن الفيل. 

الأوضاع تدحرجت بشكل كبير خلال الأسبوع الأخير لتتخذ نسغاً تصاعدياً مخيفاً فقد تراجع سعر صرف الليرة اللبنانية في السوق الموازية من 56 ألفاً مقابل الدولار إلى أكثر من 80 ألفاً، في وقت نجد فيه الحكومة اللبنانية وهي حكومة تصريف أعمال أقرب إلى العجز في الوقوف بوجه هذا السيل المعقد من الأزمات الخانقة، رئيس الحكومة نجيب ميقاتي وفي إطار سعيه لبحث الوضع اللبناني الصعب مع الأطراف الأممية الفاعلة التقى أمس الجمعة مع المنسقة الخاصة للأمم المتحدة في لبنان، جوانا فرونتسكا، لمناقشة التحضيرات لعقد اجتماع لمجلس الأمن الدولي في شهر آذار المقبل لبحث مراحل تطبيق القرار الدولي الرقم 1701، وضرورة العمل على تعزيز الاستقرار جنوب لبنان، إضافة إلى تداعيات الكوارث الطبيعية على لبنان، كما التقى بحضور نائب رئيس الحكومة سعادة الشامي، المدير الإقليمي للبنك الدولي جان كريستوف كاريه. وتم البحث في المشاريع الخاصة بلبنان التي ستعرض على جدول أعمال مجلس إدارة البنك في شهر حزيران المقبل.

في هذه الأثناء، عادت موضوعة حاكم "مصرف لبنان" رياض سلامة بقوة بعد الأنباء التي ذكرتها قناة "الحدث" بأنَّ "الإدارة الأميركية على مسافة خطوة واحدة من فرض عقوبات على سلامة"، وهنا أشار الباحث اللبناني سامي كليب بأنَّ الغطاء الدولي عن رياض سلامة كما يبدو قد تم رفعه وهو الآن في وضع صعب، في حين ذكر رئيس "التوحيد العربي" وئام وهّاب، أنّه "إذا كان الكلام عن عقوبات أميركية على حاكم مصرف لبنان رياض سلامة صحيحاً، فهذا يعني أنَّ قرار الانهيار الشامل قد اتّخذ، ولم يعد هناك سقف لأي تطور. خاصة أنَّ الحكومة غير قادرة على تعيين بديل في فترة تصريف الأعمال".

إلى ذلك، كان لافتاً التهديد الذي أطلقه أمين عام حزب الله السيد حسن نصر الله بتأكيده: "من يريد أن يدفع لبنان إلى الفوضى أو الانهيار عليه أن يتوقع منا ما لم يخطر في بال أو وهم، وأنَّ غداً لناظره قريب، وعلى الأميركيين أن يعلموا أنه إذا دفعوا لبنان إلى الفوضى وتألم الشعب اللبناني؛ فهذا يعني أننا لن نجلس ونتفرج على الفوضى وسنمد يدنا إلى من يؤلمكم حتى لو أدى ذلك إلى خيار الحرب مع ربيبتكم إسرائيل".