مراجعات تقويمية ودعوات التحوُّل للجمهورية الثانية

قضايا عربية ودولية 2023/02/19
...

•جواد علي كسار

اقترنت الذكرى الرابعة والأربعين للثورة الإسلامية في إيران، بمراجعات تقويمية ودعوات مكثّفة لإجراء إصلاحات عميقة، شملت أغلب الاتجاهات السياسية والحركية وعدداً غير قليل من الرموز. فمنذ مدّة وعلى إثر احتجاجات الأشهر الأخيرة، أطلق رئيس البرلمان الجنرال محمد باقر قاليباف، دعوات متكرّرة لتحديث النظام وتجديد أسلوب الحكم، وذلك إلى جوار سكرتير الأمن القومي الجنرال علي شمخاني، الذي ركّز على برنامج للحوار الوطني المنفتح يشمل القوى الداخلية كافة، وأجرى بالفعل جولتي لقاءات مفتوحة شملت عدداً من رموز الإصلاحيين، كادت أن تُطيح برأسه خاصة مع تداعيات قضية علي رضا أكبري، الذي اتُهم بالتجسّس وأُعدم على هذا الأساس، وما تزال بعض القوى الأصولية المتشدّدة تؤمن بحذفه وتضع نصب أعينها إزاحته من موقعه في مجلس الأمن القومي، ضمن حملة التطهير الواسعة التي تعدّ "جبهة الاستقامة" (جبهه پايدارى) في طليعة المتحمّسين لذلك، بذريعة معاقبة رموز حقبة الرئيس السابق حسن روحاني، والتخلص من رجاله وميراثه.

بورصة الأسماء

من الأسماء الأُخرى التي برزت أصواتها للدعوة إلى الإصلاح، رئيس البرلمان السابق الأصولي المعتدل علي لاريجاني، بتركيزه على العقلانية والحوار الوطني واستيعاب طاقة الجميع، والتقليل من غلواء التشدّد في الداخل والخارج، في مقابل دعوة شقيقه الأكبر وعميد الأخوة من أسرة لاريجاني محمد جواد لاريجاني، إلى المزيد من ممارسة التشدّد في السياستين الداخلية والخارجية، ضمن انعطافة غريبة في خلفيته ونمط تفكيره، وهو يتجه صوب الأصولية الحادّة، ويبتعد عمّا عُرف عنه سابقاً من مرونة واقعية وعملية (نفعية، براجماتية)، ورغبة شديدة ظلّ يبديها لفتح نافذة لإيران على الغرب. ممن أدلى برأيه في هذا المجال زعيم أبرز تيار حزبي في الأصولية التقليدية، أسد الله بادمجيان رئيس حزب القوى الإسلامية المؤتلفة (حزب مؤتلفه اسلامى)، في ما ذهب إليه من أن إيران ليست بحاجة إلى "الإصلاح" بل إلى "التحوّل"، في نطاق تصوّر ثلاثي دعا فيه أمين عام حزب القوى المؤتلفة، إلى أهمية الانتقال لبناء المجتمع الإسلامي الأنموذجي (بعد 44 سنة من انتصار الثورة الإسلامية!)، ومن بعدها التحوّل إلى مرحلة الدولة الإسلامية الكريمة، لتكتمل بهذه الثلاثية (الثورة، المجتمع الأمثل، الدولة الكريمة) الغاية المرجوّة في بلوغ الحضارة الإسلامية، من دون أن ينسى وهو يحلِّق في هذه التجريدات التنظيرية المثالية المترفعة الواهمة، أن يعود إلى أرض الواقع مرّة أخرى وهو يدعو رئيس الجمهورية إبراهيم رئيسي إلى تغيير فريقه الاقتصادي، "بسبب الإخفاق الكبير لهذا الفريق في إدارة الشؤون المعيشية للناس"، حسب قوله.


هؤلاء الثلاثة

ضمّت بورصة الأسماء عدداً كبيراً من بينهم حسن الخميني حفيد قائد الثورة الإسلامية، والرئيس السابق حسن روحاني، والرمز الإصلاحي المعتدل محمد رضا عارف المساعد الأول للرئيس محمد خاتمي، والوزير السابق والنائب الحالي مسعود بزشكيان وغيرهم كثير ممن أصرّ على ضرورة تجاوب النظام مع مطالب الناس لاسيّما المعيشية، وفتح المجال للحريات، ورفع الحظر الرسمي عن وسائل التواصل، وفهم متزايد للنمو الاجتماعي ومتغيّرات المجتمع لاسيّما النساء والشباب، وعدم إذكاء الاستقطابات الثنائية الحادّة، وتقليص العسكرة والمعالجات الأمنية، والتهدئة مع الخارج، وفكّ الارتباط مع روسيا، والتزام الحياد العملي في حرب أوكرانيا؛ من دون أن ننسى ما ذهب إليه علي مطهري (نجل المفكر الإيراني مرتضى مطهري) من أن والده (أُغتيل عام: 1979م) لو بقي حياً أو سار مَن بعده على نهجه، لما شهدت إيران التطرّف السياسي الحادّ، ضدّ مهدي بازرگان أو تيار حركة الحرية (نهضت آزادى) ولما اصطدمت مع الشيخ حسين علي منتظري (1922 - 2009م).

لكن مع سعة المراجعات التقويمية والنقدية وكثافتها، تبقى أمامنا ثلاث محاولات متميّزة، ارتبطت بشخصيات ثلاث، هي مير حسين موسوي آخر رئيس وزراء في الجمهورية الإسلامية والمرشح الرئاسي الخاسر عام 2009م، وقائد الحركة الخضراء. والثاني هو محمد رضا باهونر شقيق الشخصية الثورية المعروفة وثالث رئيس وزراء للجمهورية الإسلامية (بعد مهدي بازرگان ومحمد علي رجائي) محمد جواد باهونر، الذي اغتيل مع الرئيس الثاني محمد علي رجائي، بتأريخ 30 آب 1981م ؛ وأخيراً الرئيس محمد خاتمي.


الجمهورية الثانية

يعود شعار "الجمهورية الثانية" إلى محمد رضا باهونر الذي أمضى من حياته السياسية (7) دورات في البرلمان (28) عاماً، وهو اليوم عضو حقيقي في مجلس تشخيص مصلحة النظام للدورة الثانية، وأمين عام اتحاد المهندسين. لسبب غير معلوم حتى الآن انسحب باهونر من الحياة النيابية ولم يشارك في الدورة الحالية والتي سبقتها، وقد برّر ذلك مرّة بأنه متفرّغ لقيادة "غرفة فكر" تقوم بالمراجعة والتقويم ونقد السياسات العامة للجمهورية الإسلامية، واقتراح البدائل والخيارات.

وهو الآن أصولي تقليدي معتدل (تمييزاً عن الأصولية الجديدة أو المستنيرة التي صك مصطلحها ونسبها إلى نفسه رئيس البرلمان الجنرال قاليباف؛ كما عن الأصولية المتشدّدة المتمثلة أساساً بـ: جبهة پايدارى) يكاد يُصنّف في عداد تيار الوسطية العقلانية، الذي يزداد حجمه ويتسع تأثيره في الساحة الإيرانية يوماً بعد آخر، تتقدّم صفوفه أسماء كبيرة، منها رئيس البرلمان الأسبق ناطق نوري، وحسن روحاني وعلي لاريجاني وحسن الخميني وأحمد توكلي، ومسعود پزشكيان وعلي مطهري ومحمد خاتمي، ومحمد رضا عارف وإسحاق جهانگيري، ومحمد جواد ظريف والجنرال حسين علائي وغيرهم كثير، كما يطمع الجنرال علي شمخاني وحتى قاليباف وآخرين من داخل منظومة الحكم، في أن يدخلوا في تصنيف هذا التيار، ويكونوا تحت لافتته، لأن سوقه الآن هي الرائجة، أكثر بكثير من التيارين التقليديين الإصلاحي والأصولي.


أسباب الاحتجاجات

يذهب باهونر مع عدد آخر من السياسيين الإيرانيين، معهم كثرة كاثرة من الاجتماعيين والناشطين، إلى أن احتجاجات الأشهر الثلاثة أو الأربعة الأخيرة، لم تنتهِ وإن هدأت وغابت مظاهرها من الشارع، حتى شبّهها بعض هؤلاء بأنها بمنزلة النار تحت الرماد.

ففي حوار مطوّل لباهونر في الذكرى الحالية للثورة، ذكر أن الاحتجاجات وإن هدأت مؤقتاً، إلا أن ذلك لا ينبغي أن يخدع المسؤولين المعنيين، فيقنعوا بهذا الهدوء ويصرفهم ذلك عن معالجة أسباب الاعتراضات. أجل، الاحتجاجات تكرّرت في تجربة الجمهورية الإسلامية، وكان لها دوّي كما حصل ذلك في حوادث: 2008، 2009، 2017، 2019م، لكن ما يميّز الاحتجاجات الأخيرة بحسب باهونر، أنها كانت الأوسع والأعمق والأطول في مدّتها ومرتكزاتها ومداها الزمني.وقضية الفتاة "مهسا أميني" التي فقدت حياتها الصيف الماضي، ما كانت سوى شرارة لتفجّر غضب كامن وعدم رضا متراكم عن مشكلات داخلية مزمنة، تبدأ من الاقتصاد والسياسة والثقافة وتنتهي عند الدبلوماسية والسياسة الخارجية. ومن ثمّ لا يمكن معالجة الأزمة إلا بتناول جذورها المكوّنة، والقضاء على أسبابها لكي لا تشتعل مجدّداً، وما لم تُعالج من الجذور فستعود مع أول مناسبة، وربما على نحوٍ أوسع.


الحلول الثلاثة

يذكر باهونر أنه اقترح على بعض المسؤولين بمن في ذلك سكرتير الأمن القومي الجنرال شمخاني، نظرية حلّ من ثلاث مراحل، تطبّق على مديات زمنية ثلاثة، قصيرة ومتوسطة وطويلة. على المدى القصير لابدّ للنظام من أن يسمح للاحتجاجات على مستوى قانوني ورسمي، من خلال تشريع ينظّم فكرة هذا القانون، بالمكان والزمان وبقية الشروط، لكي تعبّر الناس عن إرادتها في الاعتراض من دون تجريم قانوني. وقد أضاف إلى ذلك إعادة الحياة لفكرة "المنبر الحرّ" التي اقترحها المرشد قبل سنوات، وشوهتها البيروقراطية الإدارية للنظام نفسه، بل خربتها عندما حولتها إلى درس جامعي يتنافس الطلبة للنجاح بمادّته، الكلام نفسه ذكره عن مشروع "غرفة الحوار" التي أطلقها المجلس الأعلى للثورة الثقافية قبل عشر سنوات، ولم تفعّل. على المدى المتوسط حذّر باهونر من أن النظام أمام تحدٍّ مهم السنة المقبلة، يتمثل بعمليتين انتخابيتين هما الانتخابات البرلمانية وانتخابات مجلس الخبراء (مجلس خبرگان رهبرى). والمطلوب تحديداً فتح الفضاء الانتخابي على التنافس الحقيقي، مطالباً بصراحة التخلي عن منهج توحيد قوى النظام بسنخية واحدة، وجمعها بهوية سياسية واحدة، كما هو حاصل الآن، خاصة أن هذا النهج أثبت فشله الذريع في حلّ مشكلات إيران، أو تحشيد الشعب من وراء النظام، بل غالباً ما أدّى إلى نتائج عكسية. 

شدّد باهونر على أن غلق الفضاء السياسي، والإصرار على السنخية الواحدة، بإلغاء المنافسين وإسقاطهم بالقانون أو بالتهم، والقضاء على التعددية الانتخابية والسياسية، يتعارض مع منهج المؤسّس السيد الخميني، ولا يحقق الحاكمية الشعبية، مستعملاً جملة جميلة، هي: "حذف المنافس ليس من المنافسة في شيء"، معرّضاً بالنقد الممزوج بالتبرير وربما الخوف والحذر، بمجلس حماية الدستور، لاسيّما فعلته في الانتخابات الرئاسية الأخيرة، عندما شهر سكاكين الإقصاء والحذف بذريعة عدم الأهلية، وأنزلها على رقاب أسماء كبيرة، على رأسها: علي لاريجاني وإسحاق جهانگيري وعلي مطهري وأضرابهم.

مارس أيضاً نقداً استعمل فيه شيئاً من الكناية، ضدّ رئيس الجمهورية والبرلمان وبعض أئمة الجمعة الصاخبين، أمثال "علم الهدى" في مشهد، والد زوجة رئيسي وأضرابه.


اقتراح المجلسين

ما يقربنا أكثر إلى فكرته عن "الجمهورية الثانية" هي المرحلة الثالثة من الحلّ، أو الحلّ طويل الأمد. يتمثل مشروعه على هذا الصعيد، بتعديل عمل البرلمان من خلال غرفتين، والتلميح بإعادة تشكيل النظام السياسي بالاتجاه البرلماني، بدلاً من صيغته الرئاسية الحالية.

يوجّه باهونر نقداً متزايداً إلى المجلس النيابي، ويقول من خلال خبرته البرلمانية الطويلة (28 عاماً)،: إن عضو البرلمان المستجدّ يستهلك وقتاً طويلاً قبل أن يتعلم ممارسة مهامه، ومع ذلك تبقى الأغلبية قاصرة عن النهوض بمسؤولياتها، من زاوية غياب التفكير الوطني، ويقصد به التفكير خارج شواغل الدائرة الانتخابية للعضو، وصرف الجهد لقضايا البلد الأساسية، وبذلك تبقى المنافع الوطنية والملفات الكبرى 

مغيّبة في التفاصيل، تائهة في تفريعات الدوائر المحلية.

هذه مشكلة لا تنتهي برأيه إلا بالمجلسين، وببرلمان من غرفتين؛ الأول مجلس يخطّط للقضايا الأساسية على امتداد الجغرافية الإيرانية، والثاني للتفاصيل والدوائر المحلية (شيء أشبه بمجلس الشيوخ والنوّاب)، وهو يصرّ على أن البلد لا يمكن أن يُدار بمجلس واحد، ومن ثمّ فالمجلسين ضرورة لابدّ منها، الأول للقضايا الوطنية الكبرى والملفات الستراتيجية العامة، والثاني للتفاصيل والفروع، وهو ما يتطلب برأيه تعديل الدستور.


الحزبية والنظام البرلماني

لإنهاء العبث الانتخابي (كثرة المرشحين، غياب البرامج، غياب المنافسين) لابدّ من الحزبية الجذرية والنظام الحزبي القويّ. برأي باهونر؛ خريطة حزبية واضحة، وأحزاب قليلة وقوية لا تتجاوز الثلاثة أو الأربعة، دائمة ومستمرّة على مدار الوقت، وليست تجمعات موسمية تتوهّج كعيدان الكبريت ثمّ تنطفئ بعد الانتخابات؛ هي القادرة وحدها على أن تُنقذ الانتخابات من عبث الشعبوية وغلوائها.

هذه دعوى لم يتعب باهونر من تكرارها على مدار سنوات خلت، إلى جوارها إيحاءات بأفضلية النظام البرلماني، الذي كان سائداً في العقد الأول من عمر الجمهورية، على النظام الرئاسي الحالي، ما يعني بنظره أيضاً ضرورة تعديل الدستور، هذا التعديل الذي يصرّ على إجرائه عاجلاً، خوفاً من آفات التأخير، علماً بأنه قد صرّح مرّة إلى إشارة للمرشد، يُفهم

منها تغييراً مقترحاً للدستور باتجاه النظام البرلماني.

ماذا يريد باهونر؟

دعاوى باهونر إجمالاً هي مشروع للإصلاح من داخل النظام وعبر أدواته، بيدَ أن ذلك لا يعني غياب الأهداف السياسية العاجلة، التي يُجملها بعض المحللين الإصلاحيين، بما يلي:

1ـ يهدف باهونر قيادة الفصيل الأصولي التقليدي المعتدل بأطرافه الثلاثة (روحانيت، مؤتلفة، الواجهات التابعة) بعد خلوّ المشهد بغياب هاشمي رفسنجاني واعتزال ناطق نوري، والضعف المتزايد في: "جامعه روحانيت" و"حزب مؤتلفه اسلامى" بوفاة الشيخ مهدوي كني (ت: 2014م) وحبيب الله عسكر أولادي (ت: 2013م). والهدف هو تصفية البرلمان وبقية قوى النظام من المتطرّفين، وهم أساساً جماعة "بايدارى" وأنصار التيار الأيديولوجي للشيخ محمد تقي مصباح يزدي (ت: 2021م)، معهم جماعة الرئيس الأسبق أحمدي نجاد وأنصار ما يُعرف بـ: "مكتب إيران"، بالإضافة إلى أخلاط أخرى من أنصار المهدوية والدولة الإسلامية العالمية، وأصحاب مشروع إيران الكبرى.

2ـ إن باهونر يريد تمهيد الطريق لعودة علي لاريجاني رئيساً للجمهورية، في انتخابات عام 2025م، وإن لم يمكن فبعد انتهاء ولايتي رئيسي عام 2029م.

3ـ إنه يطمح للعودة إلى المجلس النيابي رئيساً، بعد أن تركه لدورتين هما الحالية والتي سبقتها، من خلال ائتلاف قوي للمعتدلين من أصوليين وإصلاحيين ومستقلين. ومع أن هذا هو الراجح عندي، إلا أن هذه الأهداف الثلاثة، هي متراكبة غير متدافعة يُكمّل أحدها الآخر.

إجمالاً يمكن القول إن صاحب مشروع "الجمهورية الثانية" محمد رضا باهونر يتزعّم مبادرة للمصالحة الوطنية بين القاعدة العريضة للأصوليين والإصلاحيين معاً، تأتي كورقة رابحة في تأمين مستقبل النظام، من أيّ احتمالات مفاجئة وعلى رأسها غياب المرشد الحالي.


وثيقة خاتمي

في الرابع من شهر شباط الحالي طالعنا موقع "كلمة" التابع لمير حسين الموسوي، ببيان يدعو فيه إلى ميثاق وطني جديد، عبر جمعية تأسيسية جديدة، ما يعني تغييراً جذرياً في قناعات موسوي، وأنه لم يعد يؤمن بجدوى الإصلاح من داخل بُنى النظام نفسه. بعد ذلك بثلاثة أيام صدرت ما يمكن أن نسميها "وثيقة خاتمي"، وهي بيان مطوّل في الذكرى الحالية للثورة الإيرانية، ضمّ مقدّمة مطولة وخريطة طريق مكوّنة من (15) نقطة، لم تكد تهمل شيئاً من قضايا إيران وبُنى النظام إلا مرّت به، بإشارة وتحليل ووجهة نظر، حتى استحقّ هذا النص المؤلف من (3052) كلمة وصف "الوثيقة السياسية".

بديهي أثار بيان موسوي ووثيقة خاتمي، ردود فعل عاصفة في المعسكر الأصولي المتشدّد وفي صفوف أنصار النظام والإصلاحيين أيضاً، لم تهدأ حتى مع زلزال تركيا وسوريا. بالنسبة لي تركتُ الوثيقتين عامداً، وركّزتُ على أطروحة باهونر عن "الجمهورية الثانية"، لأني أعتقد أن بيان موسوي هو تعبير عن خطاب علني جديد لشريحة من معارضي الجمهورية الإسلامية في الداخل، وهذه نقلة نوعية لم نعهدها قبلاً من موسوي؛ في ما جاءت وثيقة خاتمي رداً نقدياً مزدوجاً لواقع النظام من جهة ولخطاب موسوي من جهة أخرى، ما يستدعي قراءة تحليلية جامعة للبيان والوثيقة معاً، تتسم بالمزيد من الهدوء والحيادية والحذر، وهو ما نأمل أن نقوم به في مقال مستأنف لاحق، بإذن الله العزيز.