بغداد: حيدر الجابر
أثمرت جهود هيئة الإعلام والاتصالات عن نزع فتيل أزمة قد تثير النعرات الطائفية في شهر رمضان المبارك، وذلك بعد الإعلان عن عزم قناتين فضائيتين بث مسلسل وفيلم عن شخصيتين تاريخيتين مثيرتين للجدل، وهو ما كان سيُكدِّر أجواء التسامح في الشهر الفضيل.
ودعت هيئة الإعلام والاتصالات قناة mbc Iraq ، وقناة "الشعائر"، إلى عدم بث أي عمل فني يؤدي إلى إثارة جدل طائفي، مؤكدة ضرورة الالتزام الكامل بتطبيق مواد لائحة قواعد البث الإعلامي.
وأشاد النائب حسين السعبري بجهود هيئة الإعلام والاتصالات، وإصرارها على إبعاد جو الإعلام العراقي عن الطائفية التي تكدِّر صفو المجتمع.
وقال السعبري لـ"الصباح": إن "خطوة هيئة الإعلام والاتصالات إيجابية، لأننا لسنا بحاجة إلى إثارة النعرات الطائفية، ولكننا بحاجة إلى بيئة إيجابية وهادئة عراقياً وعربياً"، وأضاف أن "مثل هذه المواضيع التاريخية القديمة يلحق ضرراً بالمجتمع"، مشيداً بـ"سرعة استجابة القناتين ومنع عرض المادتين" .
ودعا السعبري إلى "إيجاد بوابات لفلترة مثل هذه الأعمال الفنية، لأن مجتمعنا إسلامي يتأثر بها"، مطالباً بأن "تتم متابعة الأعمال الفنية التي قد تؤدي إلى خلق أزمات" .
وتابع أن "هيئة الإعلام والاتصالات تعمل بحسب ما يتوفر لديها من سلطة على الفضاء الإعلامي العراقي، وهذا يعني أنها لا تستطيع منع كل القنوات". مؤكداً "أهمية التحرك على قدر المستطاع" .
وسارعت قناتا mbc Iraq و"الشعائر" إلى الاستجابة لطلب هيئة الإعلام والاتصالات، عبر كتابين رسميين، تعهدتا فيهما بعدم بث هذين العملين الجدليين.
من جهته، أشاد مدير إذاعة صوت العاصمة التي تبث من أمانة بغداد، علي كريم، بازدياد الوعي الشعبي الرافض للطائفية، مشيراً إلى وجود حساسيات تجاه تناول بعض الشخصيات التاريخية.
وحذر من وجود جماعات متطرفة تسعى إلى تأجيج الشارع طائفياً، مشيداً بجهود هيئة الإعلام والاتصالات في هذا الملف.
وقال كريم لـ"الصباح": إن "انقسام الآراء حول عرض مسلسل "معاوية " دليل على وجود رفض لعودة الاحتقان الطائفي في بلد أنهكته المماحكات والنزاعات الطائفية المقيتة، كما الرفض الذي واجه فكرة انتاج فلم عن "أبو لؤلؤة"، ويمكن الاستنتاج مما ذكر أن الوعي الشعبي بلغ مراحل متقدمة، وأن اللعب على الوتر الطائفي لن ينطلي على الجماهير مجدداً" .
وأضاف أن "تعامل وسائل الإعلام مع الأمر يجب أن يكون بعيداً عن الميول الشخصية والآيديولوجيات، لا سيما أن القضية فيها الكثير من التعقيد والخلافات الفقهية والدينية التي يجب أن تُترك لأصحاب الشأن بعيداً عن التوظيف الإعلامي" .
وتابع أن "الحساسية حول بعض الشخصيات الإسلامية ودورها في صناعة التاريخ الإسلامي يجب أن تُؤخذ بالحسبان في صناعة الدراما أو السينما في ظل وجود جماعات متطرفة تسعى إلى استغلال بعض الثغرات لتأجيج الشارع أو الجماهير طائفياً" .
وأكد أن " مثل هذه الأعمال بالغة الخطورة مع وجود بيئة خصبة لهذه القضية داخل جغرافيا الوطن وخارجه"، مشيداً بـ"قرار هيئة الإعلام والاتصالات بمنع عرض المسلسل والفلم، الذي يؤشر تشخيصاً حكومياً للنتائج السلبية التي قد يخلِّفها عرض هكذا أعمال" .
ولفت كريم إلى أن مؤسسته الإعلامية التي يديرها "لا تتبنى مطلقاً أية مواد إعلامية أو درامية فيها إشارات من بعيد أو قريب لأي من القضايا الخلافية، سواء كانت دينية أو غيرها، مع السعي على الدوام لانتهاج الوسطية وبث مواد إعلامية مخرجاتها الاعتدال والتسامح واحترام معتقدات الجميع تحت فضاء الوطن الواحد" .
ويرى الكاتب والصحفي محمد وذاح أن الجدل في هذا الموضوع لا معنى له، إذ أن الدراما بضاعة تتحكم بها سلطة الريموت كونترول.
وقال وذاح لـ"الصباح": إن "الجدل العراقي المشهود والمعروف في مواقع التواصل الاجتماعي بدأ بالاتساع بين رافضٍ لعرض مثل هكذا مسلسلات لأنها تزيد من الصراع والانقسام الطائفي والمذهبي وبين من يؤيد بأن التاريخ موجود ولا يمكن محوه أو تلميعه بالصورة عبر الدراما أو الانتاج
الفني" .
وأبدى وذاح استغرابه من أن الجدل أخذ مديات أكبر من المتوقع من دون معنى، وما تلاه من توجيه أصدرته هيئة الإعلام والاتصالات إلى الفضائيتين بعدم بث مثل هكذا موضوعات جدلية. مؤكداً أن "لا معنى لهذا الجدل والفعل وردود الفعل على موضوعات فنية، لأن الدراما بضاعة ويبقى الخيار للمتلقي ولا سلطة أقوى من سلطة (الريموت كنترول) في عالم مفتوح على العشرات بل المئات من خيارات القنوات الفضائية التي تطرح الدراما والموضوعات الفنية التي تلبّي حاجة ورغبة المتلقّي وتعزز من قناعاته ومقدساته ولا تتخطاها
أو تمسها بسوء" .