غوتيريش يفتح ملفَّ الدعم الدولي للعراق لتنويع الاقتصاد وانتزاع حقوقه المائيَّة

العراق 2023/03/02
...

 بغداد: علي عبد الخالق


وصل الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش إلى بغداد في زيارة رسميَّة، في سياق دعم دولي واضح للعراق الذي بات يمضي على طريق أداء دور محوري عربياً ودولياً. غوتيريش جاء إلى العراق من أجل دفعة معنوية لحكومة رئيس الوزراء محمد شياع السوداني في مجالات تنويع الاقتصاد وانتزاع حقوقه المائية من جيرانه ودول منبع دجلة والفرات.

وركز رئيس الجمهورية عبد اللطيف جمال رشيد، خلال استقباله غوتيريش على موضوع التغيرات المناخية، مؤكداً أنَّ العراق يعد من أكثر البلدان تأثراً بها.

وبحث رئيس الجمهورية مع غوتيريش الجهود المتحققة لترسيخ الأمن والاستقرار في البلاد، وآليات عمل بعثة الأمم المتحدة في العراق، والدور الذي تضطلع به إلى جنب الجهود الوطنية ودور المنظمات والدول الصديقة في دعم النازحين والمهجرين.

وأكد رشيد تطلّع العراق لدعم المجتمع الدولي والتعاون والعمل المشترك للاستجابة إلى الاحتياجات الإنسانية للعائلات النازحة، مبيناً أنَّ “هناك آلاف الأسر النازحة تعيش أوضاعاً مأساوية ومعقدة جداً ونأمل التعاون مع الأمم المتحدة لحسم هذا الملف الإنساني بعودة النازحين إلى مناطق سكناهم وإعادة إعمار مدينة سنجار طبقاً لاتفاقية سنجار».

وفي جانب آخر أشار رشيد إلى أنَّ العراق يعد من أكثر البلدان تأثراً بالتغيرات المناخية حيث يعاني من شح المياه والجفاف والتصحر مما انعكس سلباً على أوجه الحياة المختلفة، لافتاً إلى أنَّ “العراق يسعى للحصول على حصة مائية عادلة».

وتطرق إلى “البرنامج الحكومي الطموح الذي يشمل ترسيخ الأمن والاستقرار، وكبح الفساد وإعادة إعمار البنى التحتية وتقديم أفضل الخدمات الضرورية للعراقيين، وخلق فرص استثمارية جيدة لتشغيل المعامل والمصانع وإيجاد فرص عمل جديدة، كما بين أنَّ هناك جهوداً مستمرة لإدامة الحوار بين الإقليم والحكومة الاتحادية، من أجل التفاهم ووضع الحلول الناجعة، وكذلك العمل على الاتفاق لإقرار قانون النفط والغاز».

من جهته، أعرب الأمين العام للأمم المتحدة عن سعادته لزيارة العراق التي وصفها بالزيارة الأفضل، كما عبّر عن سروره بلقاء فخامة رئيس الجمهورية، مشيداً بما لمسه من حالة الاستقرار الأمني في البلاد والجهود التي يبذلها السيد الرئيس لتخفيف معاناة النازحين.

وعبّر غوتيريش عن سعادته لـ”مشاركة العراق في مؤتمر المياه في نيويورك”، لافتاً إلى أنَّ “الظروف في العراق قد تغيرت الآن نحو الأفضل”، مشيراً إلى أنَّ “العراقيين متحدون وبوحدتهم وتعاونهم يحولون دون التدخلات الأجنبية».

بدوره بحث رئيس الوزراء محمد شياع السوداني مع الأمين العام لمنظمة الأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، العلاقات الثنائية بين العراق والمنظمة الدولية، واستعرض آفاق التعاون في ملفات النازحين والدور الدولي المطلوب، ومواجهة تحديات المناخ والحاجة للمساعدة الدولية في هذا الملف، وكذلك جهود العراق في ترسيخ ثقافة حقوق الإنسان وتعزيز التنمية المستدامة، ودوره الريادي في خفض التوترات بالمنطقة وضمان استقراره».

وقال السوداني، في بيان: إنَّ “العراق تجاوز أزمته السياسية، وتركزت جهوده على التحديات الاقتصادية والبيئية، وقد وضعت الحكومة عدة أولويات لمواجهة تلك التحديات».

وبيّن السوداني أنَّ “انتصار العراق على عصابات داعش، حصل لتلاحم العراقيين وإيمانهم بالتعايش السلمي، ليصبح العراق اليوم مفتاحاً لحل الكثير من أزمات المنطقة، والقيام بدور إيجابي في تسوية الأزمات الإقليمية».

واستعرض خلال اللقاء “خطط الحكومة لتطوير قطاع الشباب واستثمار قدراتهم وإمكانياتهم، وسعيها لتنويع الاقتصاد، فضلاً عن انتهاجها مبدأ الشراكات الاقتصادية المتعددة في علاقاتها الخارجية».

وخلال المؤتمر الصحفي الذي عقده مع غوتيريش لفت رئيس الوزراء إلى “انتظار دعم الأمم المتحدة بشأن الإصلاحات الاقتصادية ومحاربة الفساد”، مشيراً إلى “المضي في إرساء معادلة الاستقرار».

وأضاف أنَّ “الحكومة ألقت حالة من الاستقرار السياسي والأمني، والعراق مفتاح للحل في المنطقة ونعمل على جمع الفرقاء”، مبيناً أنَّ “العراق يلعب دوراً ريادياً بين الأشقاء والأصدقاء ونعمل على إيجاد شراكات اقتصادية، لاسيما أنَّ العراق يتمتع بثروات طبيعية وبشرية، فضلاً عن موقعه الجغرافي».

وتابع، “نعمل على الإعداد لمؤتمر بغداد بنسخته الثالثة وفق رؤية الحكومة الجديدة”، موضحاً بالقول: إنَّ “الجميع يجب أن يلتقوا في بغداد وفق رؤية الاقتصاد والشراكة».

ولفت رئيس الوزراء إلى أنَّ العراق “يواجه تحديات المناخ وارتفاع نسبة التصحر، وهناك مواقع مدرجة في لائحة التراث العالمي مهددة بسبب شح المياه».

من جانبه، وصف الأمين العام للأمم المتحدة زيارته للعراق بـ”المميزة”، مؤكداً “دعم المجتمع الدولي للعراق في ملف التحديات المناخية، وملف النازحين».

وأشاد غوتيريش بـ”أولويات الحكومة وتركيزها على ملف مكافحة الفساد وثمن قرارها لإعادة النازحين إلى مناطقهم، ووصفه بالقرار الشجاع والإيجابي».

وأكد “استعداد الأمم المتحدة لدعم حكومة العراق إزاء التحديات التي تواجهها”، معرباً عن “تفاؤله بما تقوم به الحكومة العراقية من جهود في جميع المجالات».

وأكد غوتيريش دعم المنظمة الأممية للعراق “في ملفات التحديات المناخية والنازحين”، مشيداً بـ”أولويات الحكومة وتركيزها على ملف مكافحة الفساد وثمن قرارها لإعادة النازحين إلى مناطقهم، ووصفه بالقرار الشجاع والإيجابي».

وقال غوتيريش: إنَّ “التحديات التي يواجهها العراق جاءت نتيجة عقود من الحروب والتدخلات”، مؤكداً أنَّ “هناك أملاً لتحقيق التقدم كما هو حال رئيس الوزراء في التزامه بمحاربة الفساد وتحسين الخدمات وتنويع الاقتصاد وخلق فرص العمل».

وحث غوتيريش السوداني على “مشاركة العراق في مؤتمر المياه الذي سيعقد الشهر الحالي، فالعراق من بين الدول الأكثر تأثراً بالتغيرات المناخية”، معبراً عن “امتنانه لحكومة العراق وشعبه على التضامن مع ضحايا الزلزال بتركيا وسوريا».

وقال السوداني، في تغريدة بعد لقائه غوتيريش: “نثمن زيارة الأمين العام لمنظمة الأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش ونشكره على كلماته في دعم العراق، كانت مناسبة للتأكيد على ستراتيجيتنا في الإصلاح والتنمية ومكافحة الفساد، ونتطلع لمزيد من الدعم الأممي لمواجهة التحديات المناخية ومعالجة ملف النازحين».

وكان رئيس مجلس النواب محمد الحلبوسي قد استقبل غوتيريش وبحث معه العلاقات الثنائية بين العراق والمنظمة الدولية، وتعزيز آفاق التعاون والمساعدة الدولية بملف النازحين، وترسيخ ثقافة حقوق الإنسان والمساواة دون تمييز، فضلاً عن بحث تطورات الأوضاع الإقليمية والدولية ودور العراق في المنطقة.

ودعا رئيس البرلمان خلال اللقاء إلى “ضرورة إنهاء ملف النازحين بالعراق والذين يعيشون أوضاعاً صعبة”، مشيراً إلى ضرورة “بذل المزيد من التعاون مع الأمم المتحدة لحسم هذا الملف الإنساني وعودتهم إلى مناطقهم».

 وذكر الحلبوسي أنَّ “مجلس النواب يدعم الحكومة بهذا الملف الذي أكد عليه برنامجها الحكومي».

من جانبه، أعرب غوتيريش عن تضامنه مع مجلس النواب، مؤكداً دعم المجتمع الدولي للعراق على الصعد كافة.

وأشاد غوتيريش أيضاً بجهود بغداد ودورها في الفترة الحالية في خفض التوترات بالمنطقة وضمان استقرارها، مشيراً إلى أهمية انعقاد مؤتمر الاتحاد البرلماني العربي في بغداد وزيارة سوريا.

إلى ذلك، قال الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، في مؤتمر صحفي: إنَّ “زيارتي للعراق زيارة تضامن وأمل بمستقبل العراق”، مبيناً أنَّ “هناك أملاً بالتقدم في العراق في ظل وجود الحكومة الجديدة». 

وأضاف أنَّ “الأمم المتحدة تدعم جهود الحكومة العراقية في تعزيز حقوق الإنسان وتنويع الاقتصاد وتقليل الاعتماد على النفط”، مثنياً في الوقت ذاته على جهود حكومة العراق لإعادة مواطنيها من مخيم الهول، وباعثاً رسالة من بغداد إلى الدول كافة بإعادة مواطنيها من المخيم. ولفت إلى أنَّ “محاربة الإرهاب أولوية في العراق ويجب معالجة الظروف الاقتصادية التي تغذيه لمنع عودته». 

ورحَّب الأمين العام للأمم المتحدة “بخطة رئيس مجلس الوزراء التي وصفها بالمشجعة لخلق الوظائف والارتقاء بالتعليم والصحة ومحاربة الفساد”، مستدركاً أنَّ “السوداني مصمم على معالجة تحديات التغير المناخي وندرة المياه».

وأكد غوتيريش “دعم خطط الحكومة لإعادة النازحين في العراق”، داعياً إلى التنفيذ السريع لاتفاق سنجار خاصة بعد تحسن الوضع الأمني هناك.

وبين غوتيريش أنه “سيزور أربيل وسيشجع حكومة إقليم كردستان على الحوار المنظم مع بغداد وخاصة بملف الموازنة 2023”، موضحاً أنَّ “العراق دولة ذات سيادة ولا يحق للأمم المتحدة فرض أي حلول بشأن الحوار بين الحكومة الاتحادية وحكومة الإقليم».

وتابع “ندعم إقامة انتخابات برلمان كردستان لتحقيق الاستقرار السياسي في الإقليم ونتطلع كذلك لإجراء انتخابات مجالس المحافظات في العراق”، مبيناً أنَّ “الأمم المتحدة داعمة لإقامتها».

وأعرب غوتيريش عن دعمه مبادرات الحكومة العراقية في مؤتمري بغداد 1 و2، وإقامة النسخة الثالثة منه”، مشيداً كذلك برعاية العراق للحوار الإقليمي لحل أزمات المنطقة.