أحمد عبد الحسين
الوضوح الذي وسم مفردات مباحثات رئيس الوزراء محمد شياع السوداني مع الجانب التركي في زيارته لأنقرة أمس، يعد بأنها ستسفر عن تحقيق أهدافها. وهي أهداف من شأن استيفائها إطلاق رسائل طمأنة للجانبين. فللأتراك مطلبهم المتمثل بمنع استهداف مناطقهم الحدودية من قبل معارضين يتخذون من أراضٍ عراقية مقرات لهم، الأمر الذي كان سبباً لجعل الحدود بيننا وبينهم متوترة على الدوام، ويبدو أنّ مطلبهم الطارئ هو هذا وتتبعه ملفات أقتصادية وسياسية أخرى، وللعراق مطلبه الطارئ أيضاً ويتمثل في شبح الجفاف الذي يطوف حول نهرينا العظيمين بسبب قلّة الإطلاقات المائية
التركية.
قبيل الزيارة بساعات أعلنت وزارة الموارد المائية أن ملفّ حصص العراق المائية سيكون أبرز ما رئيس الوزراء على الطاولة التركية، وأن هذا الملف كفّ عن كونه ملفاً دبلوماسياً وهو الآن ملفّ سياديّ.
وبالفعل حملت لنا أنباء المفاوضات أمس أن الرئيس التركيّ أعلن خلال المؤتمر الصحفي مع السودانيّ عن زيادة حصة العراق من المياه لأكثر من ضعفين، الأمر الذي سيبدّد ـ ولو إلى حين ـ الرعب الذي حملته لنا صور دجلة والفرات الموشكين على الجفاف.
الأمن المائيّ في هذه الآونة مقدّم على سائر نواحي الأمن ـ حتى العسكريّة منها برغم أهميتها ـ ، ولهذا فإنّ النجاح الذي تحقق في هذه الجنبة سيبذر بذور النجاح في مجمل الزيارة.
هذا الملفّ، ومثله ملفّ الاعتداءات التركية على المناطق الحدودية، وقبله المباحثات التي أجراها وزير الخارجية الإيرانيّ في بغداد والمتضمنة وقف الاعتداءات من الجانبين، مقدمات ضرورية لتصفير أسباب التوتر على حدود بريّة طويلة وكئيبة لكثرة ما كانت مسرحاً لقتالٍ كان يمكن ـ ويجب ـ أن لا يحدث.
الملفات الاقتصادية التي بُحثتْ كبيرة وعلى درجة فائقة من الأهمية ومنها مشروع طريق التنمية (القناة الجافة)، لكنّ تحصين حدود العراق وضمان أمنه المائيّ هما باعتقادنا المكسبان الكبيران اللذان تحققا على طاولة السوداني ـ أوردغان.